هل اختلس مستشار بن نايف 13 ملياراً من الداخلية السعودية.. وهل سيعود..!
أبين اليوم – متابعات
هذه المرة، تبدو معركة السلطات السعودية مع المستشار سعد الجبري، وهو مستشار ولي العهد السعودي السابق الأمير محمد بن نايف، على مبدأ العين بالعين، والسن بالسن، هكذا على الأقل تراها الأوساط السعودية، فالمستشار الذي ذكرت تقارير غربية أنه حذر الأمير بن نايف من “انقلاب” محتمل عليه يطيح به من ولاية العهد، ونجح بالفِعل بالفرار من المملكة 2017، كان قد رفع دعوى قضائية ضد الأمير محمد بن سلمان، و13 سعودياً آخرين، تتضمن اتهاماً للأمير بأنه قام بإرسال “فرقة إغتيال” من المملكة إلى كندا، وبعد أيام فقط من إغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في تركيا.
الجبري لم يخرج على وسائل الإعلام، ولجأ للقضاء الكندي، على خلفية اتهام للتخلص منه، وهو بكل الأحوال، يعد صندوقاً أسود، مليء بالأسرار السياسية، كونه شغل منصب مستشار أمني للأمير محمد بن نايف، وزير الداخلية القوي، وولي العهد لاحقاً، حيث تنازل ووفقاً للرواية الرسمية السعودية عن منصبه برضاه، في ليلة المشهد الشهير، وتقبيل الأمير بن سلمان ليده، وهو المشهد الذي وصفه الإعلام السعودي حينها، بانتقال سلس للسلطة.
لا بد وبحكم الواقع القانوني، أن الجبري يملك معلومات وأدلة حول اتهامه الموجه للأمير بن سلمان، ورغبة الأخير بالتخلص منه عبر اغتياله، جرى الحديث أساساً عن وجود محادثات عبر تطبيق “واتس آب”، جمعت الأمير بن سلمان، بالجبري، يطلب الأول من الأخير العودة إلى السعودية، وهو ما وصفته صحف أمريكية بعملية استدراج للجبري كاملة المعالم، وفي غير هذا تبقى اتهامات الجبري مجرد “مزاعم”، إلى حين ثباتها قضائياً..
في حين لا تزال التساؤلات مطروحة عن عدم إستخدام الجبري لخيار التهديد بنشر المعلومات التي يمتلكها عبر الإعلام العالمي كورقة ضغط، إذا كانت خيارات بلاده تقتصر على التخلص منه.
السلطات السعودية، يبدو أنها اختارت اللعب على أوتار القانون الكندي، وأرادت قلب المعركة القانونية لصالحها، فالرجل الجبري الذي اتهم ولي عهدها بإرسال فريق إغتيال للتخلص منه، بات أمام حكم قضائي كندي، يأمر بتجميد أصوله المالية، وهي الدعوى التي رفعتها شركة “تحكم” المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، ونشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأربعاء تقريرا حول تجميد أصول أموال الجبري بدعوى اختلاس.
اللافت، أن تقرير تجميد أصول الجبري بقرار القضاء الكندي، جرى تناوله بكثافة في الإعلام السعودي المحلي، وتناول موضوعات حساسة بعينها في إعلام المملكة، لا يتم بدون تعليمات عليا، ويشي برغبة تسجيل إنتصار قانوني في كندا على مسامع المواطن السعودي، والذي بلا شك يتابع قضية الجبري وتطوراتها عبر المنصات، وحسابات المعارضة السعودية بالخارج..
والتي عدت ملف الجبري بمثابة التهديد الثاني لقيادة المملكة، وبحسب صحيفة “الرياض” التي نقلت عن تقرير الصحيفة الأمريكية، فإن قرار المحكمة الكندية، تضمن الحجز على أمواله، وأصوله، وحساباته، كما وإلزام شركات المحاماة والمحاسبين في كندا وسويسرا، وتركيا، والإمارات، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، بالكشف عن أي سجلات تتعلق بأصول الجبري.
السلطات السعودية، ستكون مهتمة بتصدير ذلك القرار القضائي لصالحها، فالأصوات التي تهاجم سياساتها، ما انفكت عن اتهامها بأنها تجهز اتهامات الفساد والاختلاس التي تناسب مقاسها، وتحديدا كما جرى في واقعة اعتقال الأمراء ورجال الأعمال في فندق الريتز كارلتون، وجرى تسوية أوضاعهم بعيدا عن القضاء، والمحاكمات العادلة، ومصدر اتهام تلك الأصوات قائم على الشكوك التي تتحدث عنها منظمات حقوقية بنزاهة القضاء السعودي، وهو ما تنفيه السلطات، التي تقول إنها تحتكم لأحكامه، لكن هذه المرة تجميد أصول الجبري، خصم ولي العهد السعودي، جاء بقرار القضاء الكندي، المشهود له بنزاهته، باتهام اختلاس 13 مليار من خلال استغلال نفوذه خلال عمله بوزارة الداخلية، والمحكمة العليا.
هذا الاتهام الكندي للجبري، قد يعزز اتهامات سعودية، تردد أنها موجهة داخليا للأمير محمد بن نايف، وتهم اختلاس وفساد، إلى جانب اتهامات بتحضيره لانقلاب، أدى لاعتقاله، وهو ما لم تؤكده السعودية، أو تنفيه رسميا، بعد أنباء ترددت عن اعتقال الأمير أحمد بن عبد العزيز بتهمة التحضير للانقلاب.
وفي سياق معركة سعودية محتدمة مع ضابط المخابرات الأمني الجبري، لا يبدو أن سياق المعركة يقتصر على وجهه القانوني، فصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، تحدثت عن صدور أحكام بالسجن على أبناء الجبري، عمر، وسارة، وذلك بعد محاكمة سرية لهما في المملكة، واللافت في هذه المحاكمة أنه جرى اتهام عمر (22 عاما)، وسارة (20 عاما)، بتهمة غسل الأموال، والتآمر، ومحاولة الهروب، وجرى الحكم عليهما بالسجن تسع سنوات، وستة أعوام ونصف على التوالي، وهذا الحكم اعتبرته الصحيفة في إطار الضغط على والدهما للعودة إلى المملكة، وهو يعيش الآن في مدينة تورنتو الكندية.
ومع تجميد أصول وأموال الجبري، هناك تغير كبير بما يتعلق بساكن البيت الأبيض، حيث إدارة جو بايدن، تنظر إلى العلاقات مع السعودية، من جانب أخلاقي، لا سياسي، هكذا على الأقل كان قد أعلن بايدن، خلال حملته الانتخابية قبل فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية 2020، والإدارة المذكورة وفقا لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية ترغب بإيصال انزعاجها للسعوديين، بالنظر الى ما تعرض له أبناء الجبري من اعتقال ومحاكمات، للضغط على والدهم..
كما أن الجبري له جهود كبيرة في منع أعمال إرهابية تطال رعايا أمريكيين، وعلى علاقة وثيقة بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وكل هذا قد يعاد النظر إليه أمريكيا ومن قبل إدارة بايدن، على عكس إدارة ترامب، والتي قدمت مصالحها، وتوجه لها اتهامات بأنها لم تعبأ بانتهاكات حقوق الإنسان، لكن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان لا يزال يعرب ويأمل بعلاقات ممتازة مع إدارة بايدن.
المصدر: العالم