“تقرير“| من رأس عيسى إلى “رؤوس الموتى”.. الضربات الأمريكية بين الفشل العسكري والسقوط الأخلاقي..!

6٬886

أبين اليوم – تقارير 

تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل:

بين استهداف محطة غاز في ميناء رأس عيسى على الساحل الغربي لليمن، واستهداف مقابر وسوق شعبي في قلب العاصمة صنعاء، بدت الضربات الجوية الأمريكية الأخيرة في اليمن فاقدة للاتزان العسكري، ومجردة من أي غطاء أخلاقي أو قانوني.

فواشنطن التي أعلنت تدخلها العسكري لوقف هجمات قوات صنعاء في البحر الأحمر، وجدت نفسها اليوم موضع سخرية وسخط في آن، بعدما تحوّلت أهدافها إلى قصف للمدنيين لا صلة لها بالعمل العسكري.

ضربات بلا بنك أهداف:

الضربات الأمريكية الأخيرة كشفت عجزًا واضحًا في “بنك الأهداف”، إذ لم تجد القوات الأمريكية في صنعاء ما يمكن استهدافه سوى “الأضرحة والمقابر”، كما حدث في قصف مقبرة “ماجل الدمة” ومقبرة “النجيمات”، وهي مواقع مدنية أثارت موجة واسعة من التندر والانتقاد، وطرحت تساؤلات عن حقيقة ما تسعى واشنطن لتحقيقه من تدخلها العسكري في اليمن.

التحول من استهداف منشآت حيوية إلى مهاجمة رموز ثقافية ودينية، يعكس تخبطًا متزايدًا لدى القيادة العسكرية الأمريكية، التي لم تنجح حتى اللحظة في كبح هجمات صنعاء أو حماية حلفائها، لا في البحر الأحمر، ولا في فلسطين المحتلة.

فشل أمريكي في البحر وخسائر يومية في الجو:

وبينما تسعى واشنطن لتقديم نفسها كقوة رادعة، فإن الواقع الميداني يثبت العكس تمامًا.. فقد تمكنت قوات صنعاء، الإثنين، من تنفيذ أربع عمليات عسكرية نوعية استهدفت كلًا من الكيان الإسرائيلي والوجود العسكري الأمريكي في البحر.

الناطق العسكري لقوات صنعاء، العميد يحيى سريع، أوضح أن العمليات شملت استهداف مواقع في عسقلان وأم الرشراش المحتلتين بطائرات مسيرة من نوع “يافا” و”صماد1″، إلى جانب استهداف حاملتي الطائرات الأمريكيتين “ترومان” و”فينسون” والقطع التابعة لهما في البحرين الأحمر والعربي، باستخدام صواريخ مجنحة وطائرات مسيرة، ردًا على ما وصفه بـ”مجزرة صنعاء” التي ارتكبتها القوات الأمريكية.

وبدورها كشفت شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية، أن قوات صنعاء تمكنت منذ تدخل ترامب العسكري من اسقاط 6  طائرات (أم كيو- 9 – ريبر) التي تبلغ قيمة الواحدة منها أكثر 30 مليون دولار.

وفي السياق، أكدت قوات صنعاء أن دفاعاتها الجوية أسقطت منذ بدء عملية “الفتح الموعود والجهاد المقدس” 21 طائرة (أم كيو- 9 – ريبر) الأمريكية في اليمن، والرقم 25 منذ بدء العدوان على اليمن في 26 مارس 2015.

السخرية لا تحجب الألم:

وإن كانت مواقع التواصل قد امتلأت بالسخرية من استهداف المقابر، فإن المشهد يحمل بعدًا أكثر خطورة.. فاستهداف الأضرحة والمواقع الدينية يُصنف كـ”جريمة حرب” بموجب القانون الدولي، ما يفتح الباب لاحقًا أمام ملاحقات قانونية محتملة، خاصة في ظل التوثيق الإعلامي المستمر للغارات وآثارها.

وهو ما يمنح حكومة صنعاء فرصة إضافية لتعزيز خطابها المقاوم أمام الداخل اليمني والرأي العام العربي، باعتبارهم ضحية لعدوان خارجي لا يفرّق بين الأحياء والأموات.

– من رأس عيسى إلى رأس الهاوية؟:

تكشف المؤشرات الميدانية إلى أن الولايات المتحدة لم تحقق أي من أهدافها المعلنة من تدخلها العسكري في اليمن.. فالهجمات على السفن مستمرة، وحاملة الطائرات “ترومان” تعرضت للاستهداف أكثر من مرة، دون أن تتمكن من تأمين حرية الملاحة أو ردع قوات صنعاء.

في المقابل، باتت صنعاء توسّع رقعة الاستهداف لتشمل عمق فلسطين المحتلة، وهو ما أحرج واشنطن أمام حليفتها “إسرائيل” التي لم تعد ترى في الدعم الأمريكي ضمانًا للحماية، بل عبئًا سياسيًا وعسكريًا.

الضربات الأمريكية التي بدأت من “رأس عيسى”، وانتهت مؤخرًا عند “رؤوس الموتى” – إن جاز التعبير – تعكس مرحلة جديدة من التخبط العسكري والسياسي، وتثير تساؤلات واسعة حول مآلات التدخل الأمريكي في اليمن، وجدوى الاستمرار فيه، في ظل اتساع الخسائر، وتآكل المصداقية، وفشل أدوات الردع، في مواجهة ظاهرة جديدة تعيد تشكيل قواعد الاشتباك في البحر الأحمر وما بعده.

 

المصدر: وكالة الصحافة اليمنية

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com