“عرب جورنال“| غارات على صمت الموتى.. المقابر اليمنية ضحية فشل أمريكي معلن..!
أبين اليوم – تقارير
تقرير/ عبدالرزاق علي:
في تطور يثير التساؤلات حول دقة المعلومات الاستخباراتية الأمريكية ومدى عبثية استهدافاتها في اليمن، شنت الطائرات الحربية الأمريكية، مساء السبت 19 أبريل 2025، غارات جوية على مقابر في العاصمة صنعاء، في مشهد لم يسبق أن عرفته الحروب الحديثة بهذا الشكل الساخر من المنطق العسكري وأخلاقيات الاشتباك.
الغارات التي استهدفت مقبرة “ماجل الدمة” في مديرية الصافية ومقبرة النجيمات في مديرية السبعين، لم تُسفر عن سقوط ضحايا كُثر نظرًا لطبيعة المكان، لكنها خلفت سخرية لاذعة في الشارع اليمني، وطرحت علامات استفهام حقيقية حول ما وصفه مراقبون بـ”الإفلاس المعلوماتي” و”الانحدار غير المسبوق في بنك الأهداف الأمريكي”.
– استهداف المقابر: عبث استخباراتي أم تكتيك مقصود؟:
من منظور عسكري بحت، يُعد استهداف المقابر في أي نزاع مسلح أمرًا لا يخدم أهدافًا استراتيجية واضحة، إلا إذا كانت هناك معلومات استخباراتية تؤكد وجود نشاطات عسكرية في الموقع.
غير أن السياق اليمني، وخصوصًا العاصمة صنعاء، لا يشير إلى أي وجود عسكري معروف داخل المقابر، الأمر الذي دفع محللين لوصف العملية بأنها “تخبط ميداني يعكس أزمة ثقة داخلية في المؤسسة الاستخباراتية الأمريكية بشأن اليمن”.
ويرى بعض المراقبين أن استهداف المقابر ربما يُشير إلى محاولة لإظهار نشاط ميداني بأي ثمن، بهدف تحقيق نتائج وهمية تُرفع لاحقًا في تقارير سياسية وعسكرية لدوائر القرار في واشنطن، في ظل الضغط الإعلامي المتزايد الذي يتعرض له البيت الأبيض بسبب استمرار الحملة العسكرية في البحر الأحمر واليمن دون تحقيق مكاسب ملموسة.
– ذاكرة اليمنيين: حين كرر التاريخ نفسه:
هذا ليس أول استهداف لمقابر في صنعاء. في سنوات سابقة من الحرب، استهدفت طائرات التحالف السعودي – الإماراتي مقبرة خزيمة ومقبرة ماجل الدمة ذاتها، دون تبريرات منطقية سوى وعود استخباراتية زائفة قدمتها أطراف محلية ودولية تزعم امتلاكها معلومات دقيقة حول “تحركات عسكرية” داخل المقابر.
اليوم، يُعاد المشهد ذاته، ولكن هذه المرة بقيادة واشنطن بشكل مباشر، مما يدفع للتساؤل: هل تتكرر أخطاء التحالف السعودي الآن بصيغة أمريكية؟ وهل تعتمد واشنطن على نفس المصادر التي باعت أوهامًا للرياض طوال سنوات الحرب؟
– السخرية الشعبية: “لم يسلم الأموات من شرّهم”:
ما أثار الغضب أكثر من العملية ذاتها، كان ردود الفعل الشعبية الساخرة والغاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر ناشطون أن استهداف المقابر يكشف عن وجه غير أخلاقي للعدوان العسكري، ويعكس حجم السقوط في منظومة القيم لدى من يشنون تلك الغارات.
في أحد التعليقات المتداولة، كتب أحد المواطنين: “لم يسلم الأحياء من صواريخهم، وها هم الأموات يطاردهم الشر الأمريكي في قبورهم”. بينما سخر آخر: “ربما يظنون أن الشهداء سيعودون للحياة من تحت التراب، فأرادوا استباق الأمر”.
الكمّ الكبير من السخرية على منصات التواصل لم يكن مجرد رد فعل عاطفي، بل حمل في طياته نقدًا لاذعًا للمبررات الهشة التي تسوقها الإدارة الأمريكية لتبرير غاراتها الجوية في اليمن.
– قراءة في الرسالة السياسية:
من جهة أخرى، هناك من يرى في هذا النوع من الاستهداف رسائل سياسية مبطنة، تحمل نبرة “ردع نفسي” حتى وإن كانت بلا جدوى عسكرية.
فاستهداف رموز مثل المقابر قد يحمل رغبة في كسر الروح المعنوية أو خلق حالة من الإرباك النفسي لدى الشارع اليمني، خاصة في ظل تصاعد الدعم الشعبي للردع اليمني في البحر الأحمر وما حوله.
غير أن هذه “الرسائل”، وفق مختصين، تنقلب غالبًا على أصحابها، حيث تتحول إلى رموز تعبئة وطنية تعزز من تماسك الجبهة الداخلية وتعيد صياغة العداء بشكل أكثر وضوحًا.
– ختاماً:
الضربة الجوية على مقابر صنعاء، بعيدًا عن أبعادها العسكرية الصفرية، قد تتحول إلى لحظة رمزية فارقة في المشهد اليمني – الأمريكي، فهي لا تكشف فقط عن ارتباك استخباراتي، بل أيضًا عن انهيار أخلاقي في قواعد الاشتباك، يعكس أزمة أعمق في الاستراتيجية الأمريكية تجاه اليمن، التي باتت – كما يرى مراقبون – تبحث عن أهداف في مقابر الموتى… لأنها عجزت عن تحقيقها في ميادين الأحياء.
نقلاً عن عرب جورنال