“تحليل“| ما وراء تحذيرات ترامب من “تغلغل الحوثيين في الصومال”.. “2“..!
أبين اليوم – تقارير
تحليل/ عبدالكريم مطهر مفضل:
– سيناريوهات الهيمنة على باب المندب:
تفتح تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن إمكانية إطلاق عملية عسكرية في الصومال “لمنع تغلغل أنصار الله”، فصلًا جديدًا في معركة النفوذ بالمنطقة، حيث تتحول الصومال من ساحة “مكافحة إرهاب” تقليدية إلى جبهة صراع بحري – سياسي متشابك، تقف وراءه حسابات كبرى تتجاوز حدود القرن الأفريقي.
وفي تغريدة على منصات التواصل الاجتماعي حملت نبرة تحريضية مألوفة من ترامب، قال: “منحت مقاتلينا الصلاحيات الكاملة من جديد للعمل في الصومال، تمامًا كما فعلت في معركتنا ضد داعش”، قبل أن يضيف: “ينبغي ألا يسمح الشعب الصومالي للحوثيين بالتسلل والتخفي بداخله.”
تصريحات كهذه تعيد للأذهان خطاب الحرب الأمريكية على “داعش” في العراق وسوريا وقبلها الحرب على “تنظيم القاعدة” في أفغانستان، لكن بوجوه وأسماء جديدة، ما يدفع المراقبين لطرح تساؤلات جدية:
هل يختبئ مشروع توسع أمريكي – إسرائيلي جديد خلف هذه اللهجة التحريضة؟ وهل الصومال هو الهدف أم مجرد بوابة نحو أهداف أبعد؟
– أنصار الله.. وفزاعة جديدة للهيمنة:
منذ إعلان قوات صنعاء فرض حظر على السفن “الإسرائيلية” في البحر الأحمر وخليج عدن، سعت واشنطن إلى مواجهة هذا التحدي بالعدوان على اليمن مستهدفة الأعيان المدنية مما أضاف فشلاً ذريعاً للجيش الأمريكي.
ومع فشل الرد العسكري المباشر في احتواء نفوذ قوات صنعاء وتحييدها عن إسناد غزة ومقاومتها، يبدو أن الإدارة الأمريكية – ومعها تيارات داخل المؤسسة العسكرية – بدأت تبحث عن جبهات بديلة أو مداخل استراتيجية لضرب نفوذ قوات صنعاء من العمق.
ومن هنا، تبرز الصومال كحلقة ضعيفة يسهل النفاذ منها، سواءً من الناحية الأمنية أو السياسية، وهو ما يجعلها مرشحة لأن تتحول إلى ساحة تصفية حسابات إقليمية ودولية.
– من مكافحة “داعش” إلى احتواء “أنصار الله”:
يرى محللون أن ترامب يسعى إلى إعادة تفعيل أجندته القديمة – الجديدة، عبر مقاربة أمنية تبرر التدخل الخارجي تحت غطاء “مكافحة الإرهاب”، لكن بتعديل في الأهداف.. فبدلًا من تنظيم داعش، أصبح أنصارالله هم “العدو النموذجي” لتسويق تحركات عسكرية في أفريقيا والمنطقة.
ومن وجهة نظر استراتيجية لـ”المراقبين”، فإن التحرك نحو الصومال يوفر للولايات المتحدة وكيان الاحتلال مكاسب ثلاث متداخلة:-
- السيطرة على مضيق باب المندب، لتحقيق نوعاً من الضغط العسكري والسياسي على حكومة صنعاء من الخاصرة البحرية الجنوبية.-
- إيجاد مناطق برية لتنفيذ هجمات جوية بديلة على اليمن عوضاً عن حاملات الطائرات الأمريكية التي تتعرض لهجمات صاروخية والطائرات المسيرة من قوات صنعاء مما تسبب في إصابات جسيمة لحاملات الطائرات.
- إيجاد طرق جديدة تسهل عملية إمداد لوجستي لحلفاء أمريكا المحللين في سواحل محافظتي لحج وتعز بقيادة العميد طارق صالح.
– بين مطرقة الهيمنة وسندان الوطن البديل:
لكن التهديدات الأمريكية لا تُقرأ فقط في سياقها العسكري.. إذ ثمة من يربط بينها وبين تسريبات “إسرائيلية” سابقة حول خطط لـ”توطين سكان غزة في مناطق بديلة”، منها سيناء المصرية وغور الأردن والصومال وأجزاء من أفريقيا.
وفي هذا السياق، فإن خلق حالة فوضى أمنية أو تدخل مباشر في الصومال قد يساهم في إعادة هندسة الواقع الجغرافي والسياسي هناك، بما يتماشى مع ما يُعرف بـ”مشروع الشرق الأوسط الجديد”.
– الصومال في مهب الريح.. ولا صوت رسمي:
وسط هذا التصعيد، يلفت الانتباه غياب ردود فعل رسمية من الحكومة الصومالية، التي تبدو في موقف هش بين الضغوط الأمريكية المتصاعدة وخطورة أي تدخل مباشر في شؤونها الداخلية.. فالصومال، الذي لا يزال يعاني من هشاشة أمنية واقتصادية، مهدد اليوم بأن يتحول إلى ساحة حرب جديدة ضمن صراع لا يخصه مباشرة.
– حروب ما بعد غزة:
من الواضح أن الحرب على غزة، وما تبعها من تداعيات في البحر الأحمر، فتحت شهية القوى الكبرى لإعادة رسم خرائط النفوذ في المنطقة.. وتأتي تهديدات ترامب في هذا السياق، حيث يتم استخدام الصومال كذريعة للتموضع العسكري والضغط على مقاومة محور القدس.
ومع تصاعد الأدوار الإقليمية لقوات صنعاء، يبدو أن الولايات المتحدة لن تكتفي بالرد عبر العدوان الجوي، بل قد تسعى إلى مخطط عدواني جديد على المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء من خلال تكثيف محاصرتها براً وبحرًا وجوًا من جبهات غير متوقعة.. وفي قلب هذا المشهد، تبرز الصومال كضحية محتملة لصراع جيوسياسي أكبر من حدودها.
المصدر: وكالة الصحافة اليمنية