“تقرير“| كيف يجري تهريب غاز مأرب للقرن الأفريقي وسط أزمات تخنق مناطق حكومة الشرعية..!
أبين اليوم – تقارير
كشف ناشطون وصحافيون، الخميس، عن تفاصيل وخفايا ما أسموه فضيحة فساد جديدة امتدت أيادي أصحابها هذه المرة إلى تهريب أكثر من 70% من الغاز المنزلي المنتج في مأرب إلى القرن الأفريقي، وسط تفاقم الأزمات التي تخنق المواطنين في مناطق حكومة عدن جراء انعدام مادة الغاز للشهر الثاني على التوالي.
وكشفت مصادر مطلعة من العاملين في قطاع الغاز بمأرب، عن عمليات تهريب للغاز المنزلي تتم عبر نقطتي إرسال بحريتين، الأولى عبر سواحل نشطون بمحافظة المهرة، والثانية عبر السواحل الفاصلة بين غربي عدن وباب المندب، وصولاً إلى جيبوتي والصومال. حسب ما أكده رئيس تحرير صحيفة “عدن الغد”، فتحي بن لزرق، في منشور على حسابه بـ” فيسبوك”.
وفيما تؤكد المصادر، أنه يتم شحن جزء كبير من حصص المحافظات عبر سفن صغيرة إلى الصومال وجيبوتي، وسط عجز المواطن عن العثور على حاجته من الغاز، يضيف بن لزرق: “لك أن تتخيل أن الناس تقف في طوابير طويلة بهدف الحصول على ما تيسر من الغاز بدون جدوى في حين تبحر السفن محملة بحصص الغاز الخاص بهم إلى دول الجوار”.
وتساءل بن لزرق مؤكداً: هل يعقل ما يحدث؟ الفساد وصل إلى مرحلة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن المناطق الواقعة في نطاق سلطات الحكومة اليمنية تتحضر لحالة سقوط مرعبة ونهائية ولذلك الكل ينهب ما تيسر، حسب تعبيره.
وحمَّل بن لزرق مدير عام شركة الغاز في مأرب، محسن وهيط، مسؤولية هذه العمليات تقع على عاتق محسن وهيط، كونه المسؤول الأول عن توزيع الغاز، حيث لا يتم صرف أي مخصص إلا بإشراف الشركة وفروعها في عموم المحافظات، داعياً وهيط إلى توضيح ما يحدث من عمليات تهريب تتم نهاراً جهاراً.
– تهريب أكثر من 70% من الغاز:
من جانبه أوضح الناشط والصحافي صالح الحنشي، في منشور على حسابه بـ “فيسبوك”، أن الغاز المنزلي المنتج من مأرب كان المصدر الوحيد للتموين لكل مناطق اليمن، مشيراً إلى أن نصيب تلك المناطق كان يصل إلى 70%، وبقية النسبة لمناطق حكومة عدن التي أصبحت السوق الوحيدة لغاز مأرب، بعد قرار من أسماهم الحوثيين منع دخول الغاز إلى مناطق سلطاتهم.
وأكد الحنشي أن إنتاج الغاز اليوم هو نفسه، لم يتغير، ما يعني أن أكثر من 70% من كميات الغاز المنزلي المنتج بمأرب، يتم تهريبها إلى الصومال وجيبوتي عبر سماسرة وتجار الفساد وإلا ما شهدت المحافظات الواقعة تحت سلطات حكومة الشرعية هذه الأزمات المتفاقمة..
مبيناً أنه يتم تتبع خطوط سير تهريب الغاز المنزلي من شركة صافر في مأرب، مشيراً إلى أن أهم تلك الخطوط يتجه شرقاً وعن طريقه يتم تهريب أكبر كمية من الغاز المنزلي.
– كيفية التهريب:
ونشر الحنشي على حسابه فيسبوك، مقطعاً مرئياً يظهر صهريجاً عملاقاً ناقلاً للغاز في ميناء نشطون بمحافظة المهرة، أثناء تفريغ حمولته إلى سفينة عملاقة، تمهيداً لتهريبه إلى خارج البلاد عبر البحر، مؤكداً أن ميناء نشطون في المهرة يعد أكبر ميناء تهريب للغاز المنزلي، فيما تدار عملية التهريب بشكل منظم واحترافي ومعد لها إعداداً كاملاً ودقيقاً، حيث وصل الأمر إلى إقامة معامل وورش خاصة لصناعة صهاريج الغاز بالأحجام التي تصلح لنقلها بحراً.
وأكد أن المصنع أقيم في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت، ومن هناك- والحديث للحنشي- يتم تزويد المهربين في ميناء نشطون بهذه الصهاريج، مؤكداً أن الغاز المنزلي من صافر مدعوم ويباع الطن بـ320 ألف ريال.
أي ما يقارب 150 دولاراً، أما السعر العالمي للغاز المنزلي فهو مرتبط بأسعار النفط، حيث يصل متوسط سعر طن الغاز في السوق العالمية إلى 700 دولار.. أي بفارق 550 دولاراً عن سعر الطن الذي يباع به في شركة الغاز بمأرب.
وكان الناشط والصحافي فتحي بن لزرق، أكد في منشور تفصيلي أسباب تفاقم الأزمات التي تخنق المواطنين في مناطق حكومة الشرعية، مضيفاً على سبيل التأكيد: “هذه ليست تفاصيل فيلم هندي ولا واحد من أفلام المخابرات الأمريكية، هذه وقائع أزمة غاز مفتعلة تعصف بعدن و4 محافظات مجاورة لها منذ أكثر من شهرين وتصاعدت مؤخراً وبشكل مزعج جداً”.
وقال أيضاً: “قبل سنوات طويلة من اليوم كان سعر أسطوانة الغاز الواحدة في عدن 16 ألف ريال، وبعد استغناء حكومة صنعاء عن الغاز القادم من مأرب، انخفض سعر الأسطوانة إلى أقل من 5 آلاف إلى أن استقر مؤخراً ما بين 6 آلاف و7 آلاف ريال.
استمر الوضع مريحاً جداً للمواطن وصاحب الباص والتاجر، وكل الأطراف استفادت إلى أن قرر عدد من أساطين الفساد مؤخراً أن يكون لهم رأي آخر، وبفكرة لا يفكر بها حتى الشيطان ذاته”.
– خطط وآليات خلق أزمات الغاز:
وحول تفاصيل إدارة أزمات الغاز المنزلي، وفق خطط وآليات تضمن للنافذين استنزاف مدخرات المواطنين في عدن وما جاورها، أوضح بن لزرق أن عدداً من النافذين والتجار قاموا خلال العام الماضي بإنشاء عدد من محطات الخزن المركزية الضخمة في محيط محافظتي لحج وعدن، مشيراً إلى خطتين لإدارة الأزمة تتمثل الخطة الأولى (أ) في تعبئة محطات الخزن المركزية المملوكة للتجار عن آخرها، فيما تركز الخطة الثانية (ب) على افتعال قِطاع (قطع للطريق) ممول، إما على مشارف مأرب أو شبوة أو أبين، واحتجاز القاطرات الواردة لمدة لا تقل عن 10 أيام على الأقل، وبما يضمن إحداث أزمة حادة تضرب أبين وأجزاء من شبوة وعدن ولحج والضالع وتعز.
وتابع بن لزرق قائلاً: “وهنا يأتي دور محطات الخزن المركزية الضخمة المملوكة للتجار لإنقاذ الوضع، ولكن بفارق سعر يصل إلى 5 آلاف ريال في الأسطوانة الواحدة”، مشيراً أن هذه الأزمة تتيح للتجار مكاسب مهولة وبلا حدود.
وفور انتهاء كميات الخزن المملوكة للتجار- والحديث لفتحي بن لزرق- يتم رفع القطاع وتصل بعض الكميات للسوق، بينما يذهب جزء كبير منها للتجار الذين يعاودون عمليات التخزين مجدداً، مؤكداً أن الغريب في موضوع القطاعات القبلية التي تعترض طريق القاطرات أنها تتبخر أو تتلاشى دونما أي وساطة أو اتفاقات.
– غياب دور شركة الغاز- عدن:
وحول سؤال أين دور شركة الغاز الحكومية بعدن مما يحدث؟ أشار بن لزرق قائلاً: عندما كان هناك دولة، كانت شركة الغاز تمتلك مخزوناً احتياطياً يكفي لمدة 6 أشهر على الأقل، مضيفاً: “تصدق أو لا تصدق أنه عندما حدثت حرب 2015 كان لدى شركة الغاز مخزون احتياطي قدره 125 ألف أسطوانة، منها 55 ألف أسطوانة في حوشها بالميناء، و70 ألف أسطوانة كانت بحوشها باللحوم”.
وأكد أن شركة الغاز- عدن لا تقدم اليوم شيئاً ولا تمارس أي دور، مشيراً إلى أن هذا الغياب وتلك القطاعات المفتعلة وتلك المكاسب المهولة، هي حقيقة أزمة الغاز التي تضرب هذه المحافظات منذ شهرين، وربما أكثر.
المصدر: يمن إيكو