“مقالات“| تهجير غزة.. تلاعب استراتيجي لتغطية الفشل وخلق واقع وهمي..!

4٬891

أبين اليوم – خاص 

ما يفعله ترامب ونتنياهو اليوم ليس مجرد دعاية سياسية، بل هو جزء من استراتيجية مدروسة تهدف إلى خلق واقع وهمي، حيث تصبح الأفكار المستحيلة قابلة للنقاش، والمشاريع غير القابلة للتنفيذ تبدو وكأنها مطروحة على الطاولة.

هذه ليست مجرد تصريحات عشوائية، بل تكتيك يستند إلى أساليب الحرب النفسية لإعادة تشكيل الوعي العام وتوجيه النقاش في الاتجاه الذي يخدم الاحتلال وحلفاءه.

كذلك طرح فكرة تهجير الفلسطينيين من غزة في هذا الوقت ليس هدفه تنفيذ التهجير فعليًا بالمقام الأول، بل خلق حالة من الجدل تُبعد الأنظار عن الفشل العسكري الإسرائيلي. فبدلًا من أن يكون النقاش حول هزيمة الجيش الإسرائيلي وصمود المقاومة يتحول إلى “أين سيذهب الفلسطينيون؟”

وكأن القضية أصبحت حتمية الترحيل، وليس ضرورة إفشال المخطط من أساسه. هذا الأسلوب يخدم الاحتلال في شقين:

  •  التغطية على عجز كيان الاحتلال عسكريًا في تحقيق أهدافه في غزة، بعد أن تحولت حملته العسكرية إلى مستنقع سياسي وأمني.
  •  تحويل النقاش إلى “مفاوضات” بشأن الوجهة بدلاً من التركيز على رفض المخطط من أساسه، مما يُشعر البعض بأن التهجير هو أمر ممكن وقد يتم التفاوض عليه، وجعل الفكرة قابلة للنقاش مما قد يجعلها تترسخ في اذهان البعض.

جزء آخر من هذه المناورة هو محاولة إنقاذ بعض الأنظمة العربية التي تعيش حالة احتقان شعبي بسبب تواطئها مع الاحتلال.

واشنطن وتل أبيب تدركان أن غضب الشعوب ضد هذه الأنظمة بلغ ذروته، لذلك يجري تسويق بعض التصريحات والمواقف الشكلية لهذه الأنظمة على أنها “رفض عربي رسمي للتهجير”، بهدف خداع الجماهير وتصوير الحكام المتخاذلين وكأنهم في صف القضية الفلسطينية، رغم أن سياساتهم طوال السنوات الماضية أثبتت العكس.

ما يحاولون فرضه اليوم ليس مجرد “نقاش سياسي”، بل حرب نفسية تهدف إلى ترسيخ فكرة التهجير والتهميد لها، وإعطاء كيان الاحتلال مهربًا من هزيمتها.

لكن الواقع الجديد الذي فرضته المقاومة في غزة، والتضامن الشعبي العربي والدولي، أثبت أن الاحتلال لم يعد قادرًا على التحكم في مسار الأحداث كما كان يفعل في السابق. فالهزيمة التي حاولوا تغطيتها بالكذب والمراوغة، أصبحت اليوم حقيقة لا يمكن إنكارها، والشعوب التي حاولوا خداعها باتت أكثر وعيًا بمخططاتهم.

معركة الوعي اليوم لا تقل أهمية عن معركة الميدان، وأي تهاون في رفض مخططات التهجير هو خطوة نحو تحويلها إلى واقع. يجب رفض مشاريع التهجير بشكل قاطع وعدم جعلها قابلة للنقاش. فبدلاً من مناقشة تهجير الفلسطينيين، يجب أن يكون التركيز على ترحيل الاحتلال من الأراضي الفلسطينية كأمر حتمي. كما يجب أن يكون هذا الهدف راسخًا في أذهان الشعوب العربية وحكام العالم ففرض هذا الواقع هو الطريق الوحيد لضمان عدم التراجع عن الحق الفلسطيني.

بقلم/ سالم عوض الربيزي

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com