فساد الوكالات الأممية يستهلك الجزء الأكبر من المساعدات الدولية لليمن..“تقرير“..!
أبين اليوم – تقارير
تداول ناشطون وثائق جديدة تكشف حجم النهب الأممي المُمنهج للمساعدات الدولية لليمن تحت مُسمَّيات وبنود مختلفة، من ضمنها تخصيص برنامج الأغذية العالمي مليوناً و275 ألف دولار لبند “الإنترنت” خلال عام واحد، وهو مبلغ يفوق قيمة ما يُقدِّمه البرنامج من مساعدات للأُسر المستفيدة في اليمن، والتي تكون غالباً على شكل سلال غذائية لا تتجاوز قيمة الواحدة منها 20 دولاراً.
تُسلط الوثائق المتداولة الضوء على جانب من فساد وعبث المنظمات الأممية بأموال المساعدات الدولية لليمن، والتي تدفع بها -وفقاً للناشطين- إلى المطالبة بمزيد من المليارات تحت مُسمى تمويل خطط الاستجابة الإنسانية في اليمن، وآخرها مطالبة المنظمة خلال عام 2020م، بـ4 مليارات دولار، لكن معظم المخصصات المالية تُستنفد كنفقات تشغيلية وأجور عالية لمنتسبي تلك المنظمات التي باتت تقتات وتسترزق من العمليات العسكرية للتحالف في اليمن.
بينما تحدثت تقارير سابقة عن جانب من فساد منظمة الأمم المتحدة وتكسُّبها على حساب معاناة الشعب اليمني، منذ أعوام، جراء الحرب وإغلاق الموانئ الجوية والبرية والبحرية من قِبل التحالف، لافتةً إلى أن الأمم المتحدة أنفقت على مكتب مبعوثها الخاص إلى اليمني “مارتن غريفيت” نحو نصف مليار دولار (500 مليون دولار) منذ تعيينه في فبراير 2018م.
وبين الحين والآخر يتبنَّى ناشطون وإعلاميون يمنيون وعرب حملات إلكترونية مُندِّدة باستمرار فساد ونهب المساعدات وتحوُّل العمل الإغاثي إلى استرزاق لصالح نافذين وجهات أممية تستغل الأزمات للكسب الشخصي وكذا مطالبة الأمم المتحدة بالكشف عن مصير تعهدات المانحين.
وبدلاً من تكثيف أنشطتها وبرامجها الإغاثية، أغلقت وكالات الأمم المتحدة العاملة في اليمن أكثر من 15 برنامجاً إنسانياً خلال 2020م بدون أن يرِفَّ لها جفن، بذريعة نقص التمويل وعدم التزام الدول المانحة، وعلى رأسها السعودية والإمارات اللتان تقودان التحالف على اليمن، بتوفير التمويلات الكافية لخطة الاستجابة الإنسانية لليمن، وفقاً للبيانات الصادرة عن الأمم المتحدة.
فخلال شهر سبتمبر الماضي، أعلنت الأمم المتحدة أنّ النقص في التمويل أدى إلى إغلاق 15 برنامجاً من أصل 45، أي ثلث البرامج الأساسية، ما أدى إلى تقليص توزيع المواد الغذائية والمساعدات الصحية لأكثر من 300 منشأة صحية في أنحاء اليمن، بدون أن تكترث المنظمة لعواقب ما تقوم به من إجراءات.
تُفيد المنظمة أن خطة الاستجابة الإنسانية لـ2020 تطلبت 3.2 مليار دولار، حد زعمها، إلا أنها لم تتسلم سوى 1.65 مليار دولار، وفق بيان لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، منتصف ديسمبر الماضي، لكنها لم تفصح عن الوجهة التي ذهبت إليها تلك الأموال الكبيرة.
وبالنظر إلى محدودية الأنشطة الأممية على الواقع خلال عام 2020م، يتضح جلياً أن دورها لا يرتقي حتى إلى مستوى ما تلقته من أموال ليست بالهيّنة، إذ يصف مراقبون العام 2020 بأنه “أسوأ الأعوام التي شهدها اليمن من الناحية الإنسانية”، مؤكدين أن تراجع أداء وكالات الأمم المتحدة، وعلى رأسها برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”؛ ساهم في تضييق الخناق على الشعب اليمني الذي يعاني من الحرب والجوع وجائحة فيروس كورونا.
تتسع مأساة اليمن يوماً بعد آخر، مع إستمرار نمو الاحتياجات الإنسانية وتقاعس الأمم المتحدة عن القيام بدورها المُفترَض، بذريعة عدم كفاية الأموال لتمويل المساعدات واقتصار دورها في الأعوام الأخيرة على إطلاق التحذيرات وإثارة مخاوف دول العالم من العواقب الإنسانية الخطيرة لتزايد نسبة الجوع وسوء التغذية في اليمن، لكنها في المقابل لا تقوم بأي دور حقيقي لتخفيف معاناة الشعب اليمني جراء استمرار حرب التحالف وسيطرته على الموانئ والمنافذ كافة..
ولا تجرؤ على الحديث عن الأسباب الأساسية لمعاناة وأزمات الشعب اليمني، بل تستغل تلك المعاناة وتوظفها في سبيل حشد الأموال من المانحين الدوليين باسم اليمن، بينما لا يصل منها إلى المُحتاجين سوى الفتات.
ففي هذا الإطار، يؤكد بيان مشترك لبرنامج الغذاء ومنظمتي “فاو” و”يونيسف” أنّ عدد اليمنيين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الكارثي يمكن أن يتضاعف ثلاث مرات تقريباً من 16 ألفاً و500 شخص حالياً إلى 47 ألف شخص بين يناير ويونيو 2021م، فيما يوشك عدد الأشخاص الذين يواجهون المرحلة الرابعة من انعدام الأمن الغذائي (مرحلة الطوارئ) على الزيادة من 3.6 مليون إلى 5 ملايين شخص في النصف الأول من 2021م..
مُحذِّراً -في الوقت نفسه- من أن “أكثر من (16.2 مليون شخص) سيواجهون مستويات أزمة انعدام الأمن الغذائي (المرحلة 3) بحلول منتصف 2021، مع وجود العديد من الأشخاص على عتبة الانزلاق إلى مستويات متفاقمة من الجوع”، حد وصفه.
تختزل البيانات الأممية الحلول المطلوبة لمواجهة الأزمات المعيشية والإنسانية للشعب اليمني في زيادة المخصصات المالية للوكالات التابعة لها، والتي باتت تستحوذ على كل المساعدات الدولية المخصصة للشعب اليمني، بدون أن يكون لها أثر ملموس في تخفيف حدة المعاناة الإنسانية المتزايدة في البلد، ما يجعل تلك الوكالات والعاملين فيها المستفيد الوحيد من تمويلات المانحين السنوية لليمن.
لم تنجح مؤتمرات المانحين التي دعت لها الأمم المتحدة لتمويل خطط الإستجابة الإنسانية لليمن؛ في كبح الإنهيار المتواصل للأوضاع الاقتصادية والإنسانية حتى الآن، ما يجعل المنظمة الدولية أمام مسؤولية كبيرة تجاه ما قد يتعرض له الشعب اليمني من مخاطر في قادم الأيام، باعتبارها الوسيط الدولي المعني بإدارة تعهدات المانحين واستغلالها بطُرق مُثلى تساهم في تخفيف معاناة اليمنيين.
ويعتبر المراقبون إخفاق الأمم المتحدة -منذ سنوات- في إيقاف الحرب وإعادة فتح المنافذ والموانئ في اليمن، واستئناف صرف رواتب موظفي الدولة المُنقطعة منذ عام 2016م؛ دليلاً دامغاً على مساعيها الخبيثة لإطالة أمد الحرب على اليمن، بما يوفر لها الذريعة للحصول على المزيد من الأموال تحت مُسمى إغاثة الشعب اليمني..
مؤكِّدين أن التحالف -الذي تقوده السعودية منذ عام 2015م- والحرب الاقتصادية التي تديرها الرياض وأبوظبي؛ هي المُسبِّب الرئيس لكل الأزمات الاقتصادية والإنسانية، التي جعلت غالبية اليمنيين بحاجة للمساعدات.
لا يحتاج الشعب اليمني -وفقاً للمراقبين- إلى أي مساعدات خارجية بقدر حاجته الماسة لإيقاف الحرب وإعادة فتح الموانئ والمطارات اليمنية، وكل أشكال التدخلات الخارجية في شؤونه، والتي ستكون كفيلة باستعادة النشاط الاقتصادي والتنمية الشاملة في البلد الغني بموارده وثرواته الطبيعية.
وكان مكتب “أوتشا” -المُتخصص في تتبع التمويل- كشف أن الأمم المتحدة تسلّمت خلال الفترة من 2015 وحتى 2019م نحو 15 ملياراً و14 مليون دولار، تحت مُسمى مساعدة الشعب اليمني، لكنها استهلكت قرابة 80 بالمائة من تلك التمويلات على شكل نفقات تشغيلية لمكاتبها والعاملين على تصريفها من وسطاء ومنظمات دولية ومحلية، مُستغِلةً ضعف وفساد حكومة الشرعية.
ويؤكِّد خبراء الإقتصاد أن الأموال التي جمعتها المنظمة الدولية باسم الشعب اليمني كانت كفيلة بالقضاء على الفقر وتحويل اليمنيين إلى مُنتِجين، لو كانت وُجِّهت لبرامج التنمية المستدامة بشكل مباشر وبعيداً عن المنظمات الدولية، بينما توصي الكثير من الدراسات الاقتصادية بتوجيه أموال المانحين لدعم المزارعين اليمنيين والصناعات الصغيرة وتأهيل البُنية التحتية..
لكن الأمم المتحدة لا تعرف الطريق إلى هذه القطاعات، بقدر ما تستهلك تلك المبالغ تحت مُسميات مختلفة لا تخدم سوى المنظمة وحفنة من وزراء ومسؤولي هادي.
وكالة عدن الإخبارية