ما الفرق بين الإبادة والتطهير العرقي؟ أيهما ينطبق على جرائم الإحتلال في غزة..!

4٬685

أبين اليوم – مقالات وتحليلات 

بقلم/ الدكتورة ليلى نقولها:

بالرغم من أن كل ما تفعله “إسرائيل” في غزة اليوم، ينطبق عليه وصف “إبادة” بجميع المعايير القانونية الدولية، ما زال الغرب يصر على أن هذه الأعمال هي “دفاع عن النفس”.

في حين قال بعض الخبراء في الأمم المتحدة إنه “تطهير عرقي”، علماً أن هذا المصطلح يصف جريمة غير موجودة، ولم يشملها نظام المحكمة الجنائية الدولية والتي دخلت فلسطين عضواً في نظامها.

ويأتي الحرص الغربي على تبرئة “إسرائيل” من تهمة “الإبادة”، لأنها تعتبر “جريمة الجرائم” في القانون الدولي، ولأنه إضافة إلى وجودها في نظام روما الأساسي (نظام المحكمة الجنائية الدولية)، فهي الجريمة التي خصصها القانون الدولي، مبكراً، باتفاقية خاصة لمنعها عام 1951.

1- جريمة الإبادة:

أول من صاغ مصطلح “الإبادة الجماعية” هو المحامي البولندي اليهودي رافائيل ليمكين عام 1944 من خلال الجمع بين كلمة geno، من الكلمة اليونانية التي تعني العرق أو القبيلة، مع كلمة -cide، المشتقة من الكلمة اللاتينية وهي مرادف للقتل.

طور ليمكين مفهوم الإبادة الجماعية جزئياً ليصف الهولوكوست، ولكن أيضاً ليشير إلى الجرائم السابقة التي اعتبر فيها أن أمماً ومجموعات عرقية ودينية قد تم تدميرها بشكل كامل أو جزئي، ومنها مذبحة الأرمن.

وبعدها، باتت جريمة الإبادة الجماعية جريمة مستقلة يعاقب عليها القانون الدولي، وذلك في اتفاقية خاصة أقرت عام 1948، والتي دخلت حيز النفاذ عام 1951، وذلك لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

ثم أقر نظام روما الأساسي تجريمها وكذلك في النظام الأساسي لمحكمة رواند ومحكمة يوغسلافيا السابقة وغيرها.

وذكرت محكمة العدل الدولية في عدة قرارات، أن أحكام “اتفاقية الإبادة الجماعية” تجسد المبادئ التي تشكل جزءاً من القانون الدولي العرفي العام، ما يعني أنه سواء كانت الدول صدقت على إتفاقية الإبادة الجماعية أم لا، فهي ملزمة من الناحية القانونية بمبدأ إعتبار الإبادة الجماعية جريمة بموجب القانون الدولي، وعليها بالتالي إلتزام قانوني بمنعها والمعاقبة عليها.

وتتضمن إتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 (المادة 2) تعريفاً للإبادة الجماعية بأنها “أياً من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية …”، بما في ذلك:

– قتل أعضاء من الجماعة؛
– إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة؛
– إخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً؛
– فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة؛
– نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى.

2- التطهير العرقي:

أصبح “التطهير العرقي” المصطلح السائد المستخدم لوصف جرائم الإبادة الجماعية لتجنب استخدام كلمة “إبادة جماعية”. وعلى النقيض من “الجرائم ضد الإنسانية” المتمثلة في الترحيل أو النقل القسري للسكان، وجريمة “الإبادة الجماعية” و”جرائم الحرب”، فإن هذا المصطلح لا يظهر في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ولا توجد معاهدة تجرم “التطهير العرقي”.

كذلك، التطهير العرقي لم يُعترف به كجريمة مستقلة في القانون الدولي. ولا يوجد تعريف دقيق لهذا المفهوم أو ماهية الأفعال الجرمية التي يمكن تصنيفها على أنها “تطهير عرقي”.

3- التوصيف القانوني لما ترتكبه “إسرائيل” في غزة:

عملياً، إن استخدام مصطلحات “التطهير العرقي” أو “الإبادة الجماعية” أو “الجرائم ضد الإنسانية” لا علاقة له بعدد الأشخاص الذين قتلوا، بل بمعايير قانونية محددة. وينطلق الإثبات القانوني للقول إن هناك فعل “إبادة جماعية” والفرق بينها وبين الجرائم الأخرى، وهو إثبات “النية” لدى مرتكبي الجرم، بإهلاك تلك الجماعة كلياً أو جزئياً بوصفها جماعة (وهو عنصر يصعب غالباً تحديده).

على سبيل المثال، في قضية دارفور (السودان)، قالت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة بقيادة القاضي أنطونيو كاسيزي إن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين في دارفور، لا يمكنها اعتباره جريمة “إبادة” لأنها لم تجد دليلاً كافياً على “نية” حكومة السودان بإهلاك الجماعة بصفتها “جماعة”.

ولكن، هذا لا يعني تبرئة المتهمين من حكومة السودان بارتكاب جرائم دولية، بل تم اتهامهم بارتكاب “جرائم ضد الإنسانية” وذلك بحسب المعطيات القانونية المتوافرة.

أما في الموضوع الإسرائيلي، فمن الواضح أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين التي وصفت الفلسطينيين بأنهم “حيوانات بشرية”، وتلك التي دعت إلى قتل جميع سكان غزة، وإلى ترحيلهم جماعياً بالقوة إلى سيناء، وغيرها… تثبت “النية” الإسرائيلية بإبادة أهل غزة كلياً أو جزئياً بصفتهم الجماعية.

المصدر: العالم

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com