ما بعد حرب غزة ليس كما قبلها..!
أبين اليوم – مقالات
بقلم/ م. وليد احمد الحدي
صوّروه “بالجيش الذي لا يُقهر”.. أسطورة صدّرها العدو الإسرائيلي للعالم بشكل عام وللعرب بشكل خاص لأكثر من ستة عقود حتى ترسّخت في العقل اللاواعي العربي مُتسبّبةً بنتائج كارثية انعكست آثارها على الواقع السياسي في المنطقة العربية..
عزَّز من تلك الاكذوبة خنوع عربي وخيانات من تحت وفوق الطاولة، وتبرؤ من القضية الفلسطينية وتسابُق بالجملة للتطبيع مع الكيان الغاصب من قِبَل بعض الحكام لعلّها تشفع لهم وتقربهم الى العم سام زُلفى.
في الجانب الآخر، حركة مُقاوِمة تأسّست على يد معلم لغة عربية عانى من شلل في الحركة، لكنه تحلّى بإرادة صلبة تسلّحت بعقيدة وطنية كان هاجسها الأول والأخير طرد المحتل وتطهير الأرض من دنسه بإمكانات بسيطة رُغم الحصار الخانق وتكالب القريب قبل البعيد..
هذه الحركة اليوم تُفاجيء العالم بعملية عسكرية نوعية لم تشهد لها الأراضي المحتلة مثيل في تاريخها، ولم يستوعبها العدو حتى هذه اللحظة حتى بدا من خلالها نتنياهو متلعثماً متخبطاً يكيل التهديد والوعيد بعد أن مرّغت المقاومة الفلسطينية أنفه بالوحل، وحطّمت ذلك الصنم الذي دأب على تقديسه كثير من الساسة العرب سراً وعلانيةً وسط ذهول المتصهينين والأخلاء والمُطبعين في الداخل العربي.
في مصر العروبة احتفلنا بالأمس بعيد 6 اكتوبر حينما تجرَّع العدو أولى هزائمه العسكرية في حرب 73 الخالدة في ذاكرة المواطن العربي، واليوم نحتفل في 7 اكتوبر وسنحتفل كل عام بهذا النصر العظيم الذي سيكون ما بعده ليس كما قبله.
توجُّع بعض المحسوبين علينا عرباً ومسلمين ممن لا يزال بداخلهم مخزون من (اليهْودة) الذي لو وُزِّع على شعب الصين لكفاهم فاق وجع نتنياهو وأفيخاي أذرعي بمزاعم سخيفة اعتدنا على سماعها عقب كل انتصار، وسيَطُل علينا في قادم الايام اولئك المنافقون والذين في قلوبهم مرض بوجوهِهم القبيحة بعد أن يستوعبوا الصدمة ليقنعونا أن حماس – رغم الخسائر بالأرواح التي أوقعتها بالعدو والتي قاربت الخسائر التي تكبدها العدو الاسرائيلي في حرب 73م – قد ورّطت الشعب الفلسطيني في حرب لم تكن في صالحه ولا ناقه له فيها ولا جمل..
وانها بحساب الخسارة والمكسب خاسرة لا محالة لأن من الحكمة أن تقول سمعاً وطاعة لتلك اليد التي لا تستطيع كسرها، بل وعليك أن تقبِّلها..!
لم يُحدّثوا أنفسهم أن سيناء المصرية كانت ستبقى مُحتلة حتى اليوم وكذلك جنوب لبنان لو كان أصحاب القرار على شاكلتهم ومن طينتهم، فما أُخِذَ بالقوة لا يُسترد إلا برجال أولو بأسٍ شديد وليس بتقبيل اليد والقدم كما يفعلون، حتى وإن تظاهروا بلغة ايجابية فسيستغرقون في التحليلات التي تزعُم أن ما حدث كان مُخططاً له مُسبقاً وبعلم الموساد والأمريكان لأهداف خفية تصب في مصلحتهم وليس في صالح الفلسطينيين، لعلهم بتحليلاتهم تلك يُرمّمون ما تناثر من بقايا ذلك الصنم الذي تحطَّم اليوم وعبدوه لسنوات.
العملية العسكرية الأخيرة التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية حماس دشَّنت مرحلة جديدة، ومثّلت نقطة تحول في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي بعد أن عرَّت ذلك البعبع الذي بدا للعالم أوهن من بيت العنكبوت، وبرهنت أن بقاؤُهُ لن يدوم طويلاً، منذرةً ببداية النهاية لسرطان خبيث استشرى في الجسد العربي لأكثر من نصف قرن وأن عملية استئصاله قد حانت.