بريطانيا والمطامع القديمة المتجددة بجنوب اليمن.. “تقرير“..!
أبين اليوم – تقارير
تقرير/ رفيق الحمودي
تسعى المملكة المتحدة أو بريطانيا أو الإنجليز كما يطلق على أبنائها إلى الإستحواذ على جنوب اليمن ولم تمل أو تكل من ذلك رغم بقائها قرابة قرن وربع وإخراجها بالقوة بعد جلاء آخر مستعمر بريطاني في 30 من نوفمبر 1963م.
وبحسب مراقبين فإن هذه المطامع تتجدد حالياً بمشاركة بريطانيا في الحرب على اليمن وامداد دول تحالف الحرب بالأسلحة والتواجد قرابة السواحل اليمنية ودعم الحركات المطالبة بإنفصال الجنوب.
فلازالت بريطانيا تسعى جاهدة – وفق مخططاتها – إلى استعمار اليمن عن طريق سواحله ومحافظاته الجنوبية رغم إنتهاء عصر الإستعمار وحرب الجيوش النظامية.
وبحسب أرقام التاريخ الحديث والقديم فإن لبريطانيا مطامع عدة في اليمن بالذات ليست وليدة اللحظة.
ويعود إهتمام الإستعمار البريطاني باليمن إلى القرن السابع عشر الميلادي عندما حاول إحتلال جزيرة ميون الواقعة في مدخل باب المندب، ودافعه الموقع الإستراتيجي لليمن، وتحديداً عدن وسقطرى وباب المندب، وتحكم اليمن في طريق الملاحة البحرية بين الشرق والغرب، ناهيك عن الأهمية الجيوسياسية المتيحة للاستعمار البريطاني، التحكم بمستعمراته في شرق وجنوب أفريقيا وغرب وجنوب آسيا انطلاقاً من عدن، أضف لذلك الأطماع البريطانية في الثروات التي تزخر بها اليمن.
وفي التاسع عشر من يناير 1839م تمكن الإحتلال البريطاني عملياً من وضع اللبنة الأولى لمخططاته باحتلال مدينة عدن، وعلى الرغم من المقاومة اليمنية الباسلة للغزاة، فقد تمكنت بريطانيا مع مرور السنين من تكبيل العديد من السلطنات المجاورة لعدن باتفاقات مختلفة وتسميات عدة، هدفت من ورائها إلى إحكام القبضة على كامل المناطق الجنوبية والشرقية في اليمن..
وفي 1 أبريل 1937م كبل الاستعمار الانجليزي المحميات الشرقية ومستعمرة عدن بعد فصلها عن بومباي وإلحاقها بوزارة المستعمرات البريطانية.
و تشير المصادر التاريخية إلى أنه، وخلال السنوات الأخيرة من عمر الإستعمار البريطاني، وتحديداً بعد عام 1950، كانت تحركات المندوب السامي البريطاني في عدن، توحي أيضاً أن بريطانيا كانت عازمة على ترسيخ احتلالها لزمن أطول، عبر إتفاق إتحاد فيدرالي للجنوب العربي.
ومنذ بداية عام 1934، وجدت السلطنات في المناطق الجنوبية والشرقية ومستعمرة عدن نفسها مكبلة باتفاقات مع بريطانيا، حولتها إلى مناطق مرتهنة، ولتكون تحت قبضة بريطانيا بصورة مطلقة.
وبحسب المصادر التاريخية أيضاً عندما احتلت بريطانيا الجنوب اليمني تعمدت سلخ هوية الأجزاء الجنوبية والشرقية من اليمن، عن هويتها التاريخية والجغرافية.
وظلت بريطانيا أو الانجليز بحسب اسمهم المتداول محتلين لعدن والجنوب اليمني او ما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لمدة قرابة قرن وربع تقريباً كما ذكرنا ، وباعترافاتهم أنفسهم: لم يخرج الإنكليز من اليمن إلا بالقوة عام 1967، أجبرتهم جبهة التحرير والجبهة القومية، بدعم يمني شمالي ومصري ناصري، على الخروج قبل الموعد المحدد..
تحت وطأة العمليات العسكرية، ومقاومة رفاق راجح لبوزة، وقحطان محمد الشعبي، وعبدالله الأصنج. مقاومة تأخرت انطلاقتها بصورة الكفاح المسلح الشامل، المتدفق من جبال ردفان في 14 تشرين الأول/ أكتوبر 1963، أكثر من 120 عاماً، في ظل استعمار هو من الأطول في تاريخ المنطقة.
ويرى سياسيون أن المتغيرات العالمية التي استجدت ما بين الحربين العالميتين وبداية إنهيار النظام الاستعماري بعد الحرب العالمية الثانية وظهور المنظومة الاشتراكية وتعاظم مد حركة التحرر الوطني وجلاء القواعد العسكرية البريطانية من أكثر البلدان المستعمرة؛ جعل أنظار البريطانيين ترنو إلى عدن كمركز مستقبلي لقيادات قواتهم المسلحة المختلفة في المشرق العربي ولحماية مصالحهم في المنطقة عامة..
فشرعوا في إدخال بعض التطورات التي من شأنها مواكبة تلك المتطلبات، مثل: تشجيع نمو “برجوازية كمبرادورية” طفيلية مرتبطة بالمصالح البريطانية، وإقامة عدد من المشاريع الاقتصادية الهامشية، فشجعت زراعة القطن في أبين 1947م ولحج في 1954م وزراعة الفواكه الأوروبية، وبناء مصفاة عدن في عام 1954م ، وإقامة شبكة واسعة من مشاريع البناء، لتلبية احتياجات القوات البريطانية في عدن، وفتح أبواب الهجرة الأجنبية إليها، ومحاربة العنصر الوطني، بغرض التهيئة لهندسة مشاريع سياسية مستقبلية للمنطقة مرتبطة بالاستعمار البريطاني .
كما يرى مراقبون أن سبب سعي بريطانيا بالوقت الراهن لمحاولة بسط نفوذها على جنوب اليمن وخاصة السواحل والموانئ البحرية هو تنافسها مع الدول العظمي والقوى الإقليمية بالمنطقة للاستحواذ على الطرق والممرات البحرية وخاصة ما يتعلق بما يسمى بطريق الحرير البحري العالمي الذي يمتد عبر السواحل اليمنية وحتى سواحل الصين ودول شرق آسيا .
ووفق اعترافاتها: تدعم بريطانيا دول تحالف الحرب على اليمن وتمول الحركات المناهضة لأي مشروع يحاول اقامة مؤسسات الدولة.
ويؤكد مراقبون وخبراء بالشأن اليمني أن بريطانيا مثلما كان لها دور كبير في تقسيم اليمن وتقسيم العالم العربي وخاصة دول الخليج العربي فإنها تحاول إلى إعادة دورها بالمنطقة وباليمن على وجه التحديد وتقسيم اليمن الى عدة دويلات تستطيع من خلال ذلك التقسيم بسط نفوذها واحتلال الجنوب اليمني مجدداً ولكن هذه المرة ليست عن طريق الجيوش النظامية ولكن عن طرق غير مباشرة تستخدم فيها أدوات بالمنطقة لتنفذ مشروعها بالوكالة.
ولعل هذه هي الطريقة الحديثة التي تستعمر بها بريطانيا لتنفيذ أجنداتها ومطامعها القديمة المتجددة.
البوابة الإخبارية اليمنية