عطوان: نتنياهو يعود للتهديد بالعدوان على ايران التي يحملها مسؤولية عمليات المقاومة المتصاعدة في الضفة.. ما هما الظاهرتان الجديدتان اللتان تعمقان رعبه؟ ولماذا لن يقدم على تنفيذ تهديداته او تمديد عمر كيانه المنهار..!
أبين اليوم – مقالات وتحليلات
بقلم/ عبد الباري عطوان:
في الوقت الذي تتصاعد فيه مسيرة التطبيع العربية الخيانية، وتتزايد فيه اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك بمناسبة عيد العرش اليهودي، تتحمل فصائل المقاومة الفلسطينية مسؤولية الرد، والتصدي بتنفيذ عمليات هجومية تصيب دولة الاحتلال في مقتل.
حدثان متتاليان يؤكدان ما نقوله آنفاً، ويرسمان صورة مشرفة للمستقبل وتثيران قلق الجنرالات الإسرائيليين وحكومتهم ومستوطنيهم:
الأول: نصب كتائب القسام الجهاز العسكري لحركة “حماس” مصيدة اعدت بإحكام وذكاء تخطيطي عالي المستوى تمثل في جر قوات الجيش الإسرائيلي الى مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة، ومصيدة فيها مزروعة بالألغام، وتفجيرها مما أدى إلى إصابة خمسة جنود إسرائيليين، ثلاثة منهم جروحهم خطيرة جداً، واستشهاد المنفذين القسامين، وهذا يعني ان كتائب طولكرم دخلت الى الميدان بقوة وشجاعة وخبرات ميدانية قتالية متقدمة جداً، وانضمت الى شقيقاتها في جنين ونابلس وقبلهما غزة، وهذه خطوة تشكل إضافة كبرى لحركة المقاومة بالنظر الى حجم المدينة وإرثها المقاوم العريق.
الثاني: العرض العسكري الذي أقامته حركة “الجهاد الإسلامي” في قطاع غزة أمس بمناسبة الذكرى الـ 36 لتأسيسها، وكان لافتاً ان هذا العرض تضمن ثلاثة أنواع من المسيرات: سحاب (استطلاعية)، صياد (قتالية)، وهدهد (انتحارية)، علاوة على صواريخ جديدة تدخل الخدمة لأول مرة، و60 سرية تشكل العمود الفقري لسرايا القدس، الجناح العسكري للحركة.
اللافت ان هذه الاستعراضات العسكرية تأتي بعد أيام من أخرى مماثلة لكتائب القسام العسكرية، تضمنت صواريخ حديثة ومسيّرات، وضفادع بشرية، ومحاكاة للتغلغل في العمق الفلسطيني المحتل وتحرير مناطق فيها، والبقاء فيها.
ما يقلق دولة الاحتلال ان جميع هذه الصواريخ والمسيّرات صناعة محلية، وعلى أيدي خبرات وعقول عسكرية هندسية فلسطينية، في معامل تحت الأرض في القطاع، وهذه الحقيقة لا تحتاج الى اثبات في ظل الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة سواء من الجانب الإسرائيلي المحتل، او من الشقيق المصري، حيث جرى تدمير جميع الانفاق، والقصاء على جميع اعمال التهريب بالتالي.
بنيامين نتنياهو الذي جاءت هذه العمليات الهجومية الفلسطينية الناجحة والمُحكمة الإعداد والتنظيم، والتنفيذ، صدمة له، وجرحاً كبيراً لغطرسته وكبريائه، سارع نتنياهو بإتهام ايران، وتوجيه تهديدات سئمنا من تكرارها، بشن هجوم عليها وتدمير منشآتها النووية، وتأتي هذه التهديدات كغطاء لفشله، وقوات أمنه، وجيشه في القضاء على المقاومة التي يسميها “إرهاب” وتوفير الحماية لمستوطنيه، وهي الحماية التي كانت العمود الفقري في حملته الانتخابية.
إيران تجاهر بدعمها فصائل المقاومة الفلسطينية، وتزويدها بأسباب القوة، والتكنولوجيا العسكرية والصاروخية وتصنيع المسّيرات، مثلما تستقبل المجاهد زياد النخالة امين عام حركة “الجهاد الإسلامي”، والشيخ صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس المشرف على كتائب وعمليات القسام في الضفة الغربية، تستقبلهما في وضح النهار، ونزيدكم من الشعر بيتا، بأن الرجلين يقيمان في الضاحية الجنوبية من بيروت، وبحماية سماحة السيد حسن نصر الله امين عام “حزب الله” الذي هدد برد مزلزل اذا ما أقدمت دولة الاحتلال على اغتيال أي منهما.
منذ عشرين عاماً ونتنياهو يهدد بالعدوان على ايران، وإرسال طائراته لضرب منشآتها النووية، ولم يجرؤ مطلقا على تنفيذ هذه التهديدات بالتنسيق مع أمريكا او بدونها، فها هي ايران تصبح دولة حافة نووية، وتملك اكثر من 8 منشآت نووية معلنة لتخصيب اليورانيوم، وربما اكثر من هذا العدد سرية تحت الأرض وفي قعر الجبال، وتخصّب اليورانيوم بنسب زادت عن 90 بالمئة وهو الحاجز النفسي التي يقود اختراقه الى صنع رؤوس نووية، والأكثر من ذلك انها تمنع المفتشين الدوليين من الوصول الى هذه المنشآت، وهذه شجاعة تحسب لها في زمن الخذلان العربي والإسلامي.
الخبراء الإسرائيليون يسخرون من نتنياهو وتهديداته الفارغة، ويقولون ونحن ننقل هنا عن القناة 12 الإسرائيلية، ان الرد الإيراني على أي عدوان سيكون مزلزلا، ويشكل تهديدا وجوديا لدولة الاحتلال.
لا نحتاج الى شهادة الخبراء الإسرائيليين، ويكفي الإشارة الى درة الصناعة العسكرية الإيرانية، وصاروخ “فتاح” الأسرع من الصوت تحديداً الذي يبلغ مداه أكثر من 1400 كم، ويصعب إسقاطه لسرعته، ودقته، وقدراته على اختراق الرادارات، وهو مهيئ لحمل رؤوس نووية، ولا يخامرنا ادنى شك بأن ايران باتت تملك هذه الرؤوس منذ أشهر ربما سنوات، وربما يفيد التذكير تصريح لانتوني بلينكن وزير الخارجية الصهيوني الحالي الذي قال فيه فور توليه لمنصبه، ان ايران على بُعد ثلاثة اشهر من انتاج رؤوس نووية، ومر الآن ثلاثة سنوات منذ ذلك التصريح، وفي جميع الأحوال فان تدمير إسرائيل لا يحتاج الى اكثر من ربع رأس نووي لصغر حجمها، ونحن لسنا من دعاة استخدام الأسلحة النووية.
ختاماً نبشر المطبعين العرب، القدامى منهم والجدد، بأن الشعب الفلسطيني لم ولن يستسلم، ونَفَسه طويل جداً، وباتت مقاومته اقوى من أي وقت مضى وأكثر تصميماً، وأصلب أراده، ورجال مقاومته، لم يعودوا يعتمدون على أي دولة عربية، ولكنهم يثقون بدعم الشعوب المغلوبة على أمرها، ونضيف بالقول ان امريكا التي كان يقول الرئيس السادات انها تملك 99 بالمئة من اوراق الحل والقوة، لم تعد امريكا التي كانت في عهده ومن تولى السلطة من بعده، وخسرت جميع حروبها، وآخرها في أوكرانيا وأفغانستان.
نقول الذين طبعوا، والى الذين قد يطبعون، ستأكلون اصابعكم ندماً وحسرة في المستقبل القريب والمنظور، لأن خسائركم ستكون أضخم كتيراً مما تتصورون، فأنتم وبإختصار شديد، تطبعون مع دولة منهارة، اوشكت على الوصول الى نهاية عمرها الافتراضي، وتريد إطالة عمرها بضعة سنوات من خلال الحصول على شرعية من بعض الحكومات العربية التي تفتقدها (الشرعية)، فالصحوة التي نرى ارهاصاتها في الثورات العسكرية الافريقية التي أطاحت بأكثر من رئيس “ديمقراطي مزور” ستصل حتما الى الشرق الاوسط، في ظل عالم متعدد الأقطاب يتبلور وبشكل متسارع.. والأيام بيننا.
المصدر: رأي اليوم