عطوان: بعد مطالبته بالاستقالة لإنهاء الحرب الأوكرانية من قبل بولندا ودول الجوار الأخرى.. هل ينتهي زيلينسكي لاجئاً في أمريكا ام “اسرائيل”؟ ولماذا ننصحه بالسير على خطى الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني واللجوء الى أبو ظبي..!
أبين اليوم – مقالات وتحليلات
بقلم/ عبد الباري عطوان
لم يفاجئنا، وربما الكثيرين غيرنا، ما ذكره الصحافي الامريكي الشهير سيمور هيرش في مقال نشره على صفحته الرسمية، وكان أبرز ما جاء فيه ان مجموعة من دول الجوار الاوكراني بقيادة بولندا تدعو سراً الرئيس فولوديمير زيلينسكي بوقف الحرب بأسرع وقت ممكن حتى لو أدى ذلك الى إستقالته، فالوقائع على الأرض خاصة في كييف ومدينة باخموت تؤكد تقدم القوات الروسية عسكرياً، وتزايد اعداد المهاجرين الاوكرانيين الى هذه الدول “بولندا، هنغاريا، ليتوانيا، استونيا، لاتفيا، والتشيك ريبابليك”.
الصحافي هيرش كان أول من كشف وقوف قوات كوماندوز أمريكية بحرية وراء تنفيذ عملية تدمير السيل الشمالي (نورد ستريم) قبل بضعة أشهر احتجاجاً على الموقف الألماني الرافض لتطبيق العقوبات على روسيا وغازها، ومن غير المستبعد ان هناك جهات داخل المؤسسة العسكرية الأمريكية هي التي سربت هذه الأنباء الأحدث عن مطالبة زيلينسكي بالإستقالة، بعد ان تأكدت من “عبثية” الإستمرار في هذه الحرب لما تشكله من استنزاف مالي وسياسي واقتصادي للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فالغالبية العظمى لتقارير هيرش وتوقعاته وإنفراداته كانت دقيقة، وتستند الى مصادر رسمية موثوقة.
هناك ثلاثة تطورات قد تقف خلف هذا الاعتراف الامريكي غير المباشر بصعوبة الانتصار في الحرب الأوكرانية، ومطالبة دول مثل بولندا لزيلينسكي بالاستقالة:
الأول: استخدام روسيا، وللمرة الأولى صواريخ “كينجال” الأسرع من الصوت ويستحيل إعتراضها، و12 صاروخاً أخرى من نوع “كاليبر”، علاوة على صواريخ منظومة “اس 400” وعدد من طائرات مسيرة من نوع “شاهد” الإيرانية في قصف مخازن لصواريخ “باتريوت” الامريكية في مدينة كييف، علاوة على تدمير صواريخ “ستريم شادو” البريطانية التي وصلت للتو الى العاصمة الأوكرانية، تنفيذاً لتهديدات القيادة الروسية.
الثاني: إلغاء، أو تأجيل الهجوم الاوكراني المضاد الذي أعلن عنه زيلينسكي أكثر من مرة لاستعادة الأقاليم الخمسة التي سيطرت عليها وضمتها القوات الروسية شرق أوكرانيا، الى جانب شبه جزيرة القرم.
الثالث: التقدم الكبير الذي حققته القوات الروسية، مدعومة بمقاتلي مجموعة “فاغنر” في مدينة باخموت الاستراتيجية، التي جرى تدمير أكثر من 70٪ منها، وسقوطها شبه الكامل باستثناء 1.4 كيلومتر ما زالت تحت سيطرة القوات الأوكرانية المدافعة عنها.
مطالبة دول الجوار هذه للرئيس زيلينسكي بالاستقالة، والإختفاء من الساحة، لفتح الأبواب امام الوساطات المبذولة حالياً لوقف الحرب، خاصة الوساطتين الافريقية والصينية تعني انها باتت، أي دول الجوار، يائسة من حسم هذه الحرب عسكرياً، وتحمل تبعاتها الاقتصادية، خاصة بعد نزوح ما يقرب من العشرين مليون اوكراني الى اراضيها بحثا عن ملاذ آمن، وما يترتب على ذلك من تبعات مالية، وأعباء سياسية واقتصادية.
زيلينسكي يرفض هذه الضغوط، ويقاومها اعتقادا منه بأنه سيحسم هذه الحرب عسكرياً لصالحه، مدعوماً بوعود أمريكية وبريطانية بتزويده بعتاد عسكري متطور مثل طائرات “اف 16” ودبابات ليوبارد الألمانية، وصواريخ “هيمارس” الامريكية، علاوة على بطاريات صواريخ “باتريوت” التي جرى تدميرها، او معظمها بعد وصولها الى كييف.
الرئيس فلاديمير بوتين يبدو أكثر ثقة من إقتراب كسبه لهذه الحرب، وما تصعيده للهجوم على العاصمة كييف، وتنفيذ تهديداته بقصف المعدات العسكرية الحديثة التي ارسلتها واشنطن ولندن ودول أخرى لدعم الجيش الاوكراني الا انعكاساً لهذه الثقة المتزايدة، بعد إفشال العقوبات الاقتصادية، وتقدم قواته في ميادين المواجهات، وتعزيز تحالفاته خاصة مع الصين وايران التي زودته بأكثر من 400 مسيّرة، وآلاف الصواريخ من كافة الأبعاد والأحجام.
دخول صواريخ “كينجال” الروسية الأسرع من الصوت، وتدميرها منظومات “الباتريوت” الدفاعية، وفشل الهجمات لاستعادة شبه جزيرة القرم، كلها مؤشرات تؤكد الانتصار الروسي الاولي، وفشل كل آمال زيلينسكي في تغيير قواعد الاشتباك لصالحه.
العمر الافتراضي السياسي للرئيس زيلينسكي يقترب من نهايته، ولا نستبعد ان ينتهي به الحال لاجئاً سياسياً في الولايات المتحدة الامريكية او دولة الاحتلال الإسرائيلي، ونعتقد انه سيفضل الأولى، لأن الثانية لم تعد الملاذ الآمن على المدى البعيد في ظل الانقسامات الداخلية، وتزايد قوة المقاومة الفلسطينية وعملياتها، اللهم الا اذا كان يفضل العيش في الملاجئ تحت الأرض.
ننصح زيلينسكي بالسير على خطى الرئيس الافغاني أشرف غني، والذهاب الى أبو ظبي عاصمة الامارات لقضاء ما تبقى من حياته، والتمتع بكرم الضيافة العربي، وبتقاعد مبكر ومريح على الصعد كافة.. والله اعلم.
المصدر: رأي اليوم