الى إبن سلمان..دع اليمن لليمنيين كما فعل عمك الملك فيصل..!
أبين اليوم – إستطلاع وتحقيقات
“اننا لا نريد إلا شيئاً واحداً، وهو ان ننسحب نحن واخواننا المصريين من اليمن، وان نترك لاخواننا اليمنيين حل امورهم بانفسهم وتقرير مصيرهم بأنفسهم، دون اي تدخل لا منّا ولا من اخواننا في مصر ولا من اي طرف كان وهذا كل ما نطلبه”..
هذا الكلام هو للملك السعودي فيصل بن عبدالعزيز ال سعود، قاله خلال الحرب التي اندلعت في اليمن في ستينيات القرن الماضي، أمام وفود من الحجاج في مكة المكرمة.
ما قاله الملك فيصل امام الحجاج عن اليمن، كان قد قاله وبتفصيل اكثر في لقاء مع الصحفي اللبناني عادل مالك، الذي نشره الاخير في صحيفة النهار اللبنانية في الأول من أيلول / سبتمبر من عام 1964.
في ذلك اللقاء سأل الصحفي عادل مالك، فيصل:”بعد سنتين من قيام حرب اليمن، والمضاعفات الخطيرة التي طرأت عليها، ما هو موقفكم من هذه المشكلة؟ وما هو الحل في رأيكم؟”، فرد عليه فيصل قائلاً:” حرب اليمن لليمنيين، وحلها بين اليمنيين أنفسهم، في فئاتهم المتناحرة المتقاتلة، فما لنا نحن ولهذه المشكلة؟ قلناها مراراً وأقولها اليوم.. الحل الذي اقترحناه فيما مضى فهو انسحاب جميع الجيوش الأجنبية من اليمن وإفساح المجال للمواطنين اليمنيين ليقولوا الكلمة في حركة المصير، فإن قالوا: جمهورية فلتكن جمهورية، وإن قالوا ملكية فلتكن ملكية”.
اشار فيصل في ذلك اللقاء الى عدد ضحايا الحرب فقال:”مئتا ألف يمني من الجمهوريين و الملكيين من النساء والرجال والأطفال قتلوا، وعشرون ألف جندي مصري أيضاً قتلوا حتى الآن. هذه هي حصيلة حرب اليمن، فعلام الاختصام والاقتتال؟ أفي سبيل تحرير اليمن؟ يا ليت هذه الدماء هدرت في سفوح تل أبيب”.
حاولنا ان ننقل بشيء من التفصيل مواقف الملك فيصل، عن حرب اليمن التي اندلعت من عام 1962 الى عام 1970، عندما تدخلت مصر لصالح الجمهوريين الذين انقلبو على الملكية، وتدخلت السعودية لصالح الملكيين، واللافت ان ما يميز الملك فيصل، عم ولي عهد السعودية اليوم محمد بن سلمان، انه كان اكثر ذكاء من ابن اخيه، فالرجل أدرك سريعاً ان بلاده تورطت في اليمن، وطالب مراراً بعدم التدخل في شؤون اليمن وترك الامر لليمنيين ليتدبروا انفسهم، في الوقت الذي لم تمر سوى سنتين على تلك الحرب، وانقذ بذلك بلده من الانزلاق اكثر في المستنقع اليمني..
بينما ابن سلمان، وبعد مرور 8 سنوات على عدوانه العبثي على اليمن، ورغم كل الكوراث التي حلت باليمن، وجعلته يواجه اكبر مأساة انسانية في العصر الحديث، نراه يكابر ويهدد ويتوعد، على مواصلة هذه المأساة الانسانية، رغم معرفة الجميع، بانه يراهن على حصان خاسر، ولكن يبدو ان ابن الاخ لم يأخذ من دهاء عمه شيئاً، فكان حق على سر ابيه سلمان.
بات مؤكداً ان ابن سلمان ، لا يمك تجربة لا في الحكم ولا في قيادة الحروب فحسب، فهو لا يعرف شيئاً عن تاريخ بلاده، حتى خلال العقود الاخيرة، ويبدو انه لا يملك وقتاً للقراءة، لذلك سنتكفل نحن الأمر، حتى لا يتلف وقته بالقراءة، وننقل له ما قاله عمه، ونعتقد جازمين انه سيسمع ما ننقله اول مرة، عسى ان يجعله يرى الأمور كما هي ، لا كما يصوره له غروره الذي ينفخ فيه المطبلون، وما أكثرهم..
ولا كما يرسمه له الامريكيون والصهاينة، فالصحفي اللبناني عادل مالك يطلب من الملك فيصل ان يقول امنية خاصة باليمن في آخر اللقاء فيرد عليه قائلاً:” أرجو مخلصاً أن نُصفّي القلوب من حقدها على بعضها بعضاً بغير التآمر على بعضنا بعضاً، وأن نوجه الجهود إلى الأعداء الحقيقيين”.
المصدر: العالم