الإقتراحات وليس الإملاءات.. الطريق المعبد الوحيد أمام مباحثات فيينا..!
أبين اليوم – الأخبار الدولية
يبدو ان تركيبة الوفد الايراني في مباحثات فيينا لالغاء الحظر عن ايران، والصلاحيات الكبيرة التي يتمتع بها هذا الوفد، هي التي دفعت مجموعة 4+1 بالاضافة الى امريكا، الى التعامل بجدية مع المقترحات التي تقدمت بها ايران، من اجل التوصل الى اتفاق يلغي الحظر الامريكي بشكل كامل، في مقابل رفع الهواجس الغربية المزعومة ازاء البرنامج النووي الايراني.
يبدو ان الجدية التي تلمسها الوفد الايراني، لدى الأطراف الأخرى المشاركة في مباحثات فيينا، لم تكن ردة فعل إزاء تركيبته وصلاحياته فقط، بل جاءت أيضاً كردة فعل إزاء الارادة التي تسلح بها الوفد للمضي قدماً في المحادثات، رغم محاولات امريكا والكيان الاسرائيلي، في التأثير على ارادة المفاوض الايراني، من خلال الحديث عن التحضير لسيناريوهات اخرى، في حال فشل المفاوضات، منها سيناريو تشديد الحظر، او سيناريو الخيار العسكري.
اللافت أن سيناريو تشديد الحظر، والذي ترافق مع الحزمة الأخيرة من الإجراءات التي اتخذتها امريكا ضد ايران، جاءت بنتائح عكسية لها ، حيث كشفت مصادر قريبة من المباحثات، عن رفض بعض اطراف مجموعة 4+1 وبشكل واضح وصريح، لما اقدمت عليه امريكا من اجراءات حظر جديدة ضد ايران، في الوقت الذي تجتمع فيه وفودها في فيينا، لرفع الحظر الامريكي عن ايران!.
في البداية حاولت بعض الأطراف الأوروبية وبالتنسيق مع أمريكا، ممارسة الضغط على ايران، عبر الإيحاء بأن المقترحات التي قدمتها ، تتعارض مع ما تم الاتفاق عليه في الجولات الست الماضية، إلا ان انه وبعد تشاور الوفود الاوروبية مع حكوماتها، لوحظ خلال مباحثات الخميس الماضي، ان هذه الوفود أبدت واقعية اكبر مع المقترحات الإيرانية، و انه تقرر العمل على النصوص المقترحة في قوالب او هيئات مختلفة بهدف التوصل الى نقاط مشتركة بين الوفود، بعد ان توفرت خلال المحادثات الارضية لتناول أمور أكثر تفصيلاً.
بالإضافة الى استخدام ورقة الحظر، رفعت امريكا والكيان الإسرائيلي، بالتزامن مع مباحثات فيينا ورقة الخيار العسكري ايضا، حيث باتت وكالات الأنباء تتحدث عن زيارات يقوم بها “زعماء الكيان الاسرائيلي” الى امريكا، اخرها زيارة وزير الحرب بيني غانتس، والتي ترافقت ايضا مع تصريحات علنية حول احتمال اللجوء الى الخيار العسكري، وهي تصريحات كانت في البداية خاصة بالاسرائيليين، الا ان الامريكيين باتوا يكررونها ايضا.
عضو هيئة رئاسة اللجنة الدستورية في البرلمان الإيراني، نصر الله بجمانفر، نصح الغرب، بعدم التحدث مع إيران بلغة القوة، فتهديد طهران سيكون مكلفا لهم جدا، وان إيران لن تستمر إلى الأبد في المفاوضات إن لم تعود عليها بالفائدة.. فهي تواصل المشاركة في المفاوضات شريطة أن يكون لها تأثيرا إيجابيا على الشعب الإيراني وأن ترفع جميع العقوبات.
النائب بجمانفر لم يكن يتحدث بعاطفة، او ان حديثه جاء في اطار الحرب النفسية الدائرة بين ايران من جانب وبين امريكا والكيان الاسرائيلي من جانب اخر، بل انه كان يشير الى حقيقة يعرفها حتى عتاة الصهاينة في الكيان الاسرائيلي، فبعيدا عن عنتريات بينيت وغانتس وكوخافي، ينقل مراسل صحيفة “التايمز” في الشرق الأوسط، ريتشارد سبنسر، عن أفنير كوهين..
وهو مؤرخ “إسرائيلي”، قوله :”جاهل من يعتقد أن قوة خارجية، سواء كانت وكالة استخبارات (الموساد أو وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية) أو الجيش، يمكنها ردع بلد يبلغ عدد سكانه 85 مليون نسمة وببنية تحتية نووية وصناعية من النوع الموجود الآن في إيران.. علينا أن نفهم أنه لا توجد قوة خارجية يمكن أن توقف إيران المصممة على تصنيع أسلحة نووية، إلا من خلال غزو عسكري شامل”!!.
اللافت ان سبنسر يعلق على كلام كوهين ويقول:”وهذا بالتأكيد يفوق قدرة إسرائيل وإرادتها. كما أنه يتجاوز إمكانية الولايات المتحدة”.
رغم ان قوة الردع الايرانية، ليست بحاجة لشهادة مؤرخ “اسرائيلي” ، ولا لشهادة مراسل غربي، الا اننا اردنا من خلال نقلنا رأي هؤلاء حول قوة الردع الايرانية، رغم انه رأي خبيث حاول ترسيخ الكذبة الاسرائيلية الامريكية عن “محاولات ايران امتلاك سلاح نووي”، ان نصل الى نتيجة مفادها، انه ليس امام ادارة الرئيس الامريكي جو بايدن، من خيار لاحياء الاتفاق النووي، سوى الغاء الحظر الذي فرضه سلفه ترامب على ايران، بعد انسحابه من الاتفاق..
وهو خيار من شروطه، وضع سياسة الضغوط القصوى، والخيار العسكري، جانبا، واحترام حقوق الشعب الايراني، والتعامل بندية مع ايران دون اوامر وإملاءات وتهديدات، وإلا سيأتي عليه يوم يعض اصابع الندم ، كما يعض الان سلفه ترامب اصابيعه العشر، بعد ان اعترف ان نتنياهو إستخدمه ضد إيران.
الاقتراحات وليس الاملاءات، هي الطريق المعبد الوحيد امام جميع المشاركين في مباحثات فيينا، من اجل الوصول الى اتفاق يصب في صالح الجميع، واما الاسلوب الغربي في المفاوضات مع الاخر، اسلوب اصدار الاوامر وعلى الاخر التنفيذ، فهو اسلوب لن يجدي مع ايران، وان تجربة العقود الاربعة الماضية، للغرب مع ايران، يجب ان تكون كافية لفهم هذه الحقيقة.
المصدر: العالم