قريباً.. السعودية في مهب الريح..!

3٬735

أبين اليوم – الأخبار الدولية

يقال أن من أهداف الاستراتيجية الاميركية في منطقتنا على عهد الرئيس الاميركي جو بايدن بناء نظام أمني قوي لشركاء الولايات المتحدة، قابل للتشغيل وأكثر قدرة في مواجهة المخاطر، وان ما اوقفته ادارة بايدن في اولى خطواتها في البيت الأبيض من مبيعات أسلحة ونقل السلاح للسعودية، وكذلك المبيعات التجارية المباشرة التي سمحت بها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب فهو إيقاف إداري مؤقت للسماح للإدارة الجديدة بفرصة المراجعة.

ذلك ما أكدت عليه وصرحت به وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون مع وصول الرئيس الاميركي بايدن للحكم وتحديداً في التاسع والعشرين من شهر كانون الثاني/يناير، مشيرة الى أن السعودية شريك رئيس للولايات المتحدة في المنطقة، وأنها ركيزة مهمة لهيكل الأمن الإقليمي، ملمحة الى استعدادات أمريكا لزيادة تواجد قواتها ومعداتها في المملكة خلال الفترة المقبلة.

ولزيادة التوضيح، صرح المقدم في سلاح مشاة البحرية أنطون سيميلروث “متحدث باسم البنتاغون” في حينها، إن وزارة الدفاع تواصل تقييم وضعها في منطقة الشرق الأوسط لضمان التوازن بين المتطلبات التشغيلية والمخاطر، وكذلك للاستعداد في تحقيق الالتزامات العالمية، وأن السعودية شريك رئيس للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وركيزة مهمة لهيكل الأمن الإقليمي..

مستدلاً بشهادة لويد أوستن، وزير الدفاع، أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، بأن وزارة الدفاع ستكمل المحادثات مع شركائها الإقليميين في الشرق الأوسط، لتحديد القدرات المطلوبة في ردع إيران ودعم الاستقرار الإقليمي، حسب قوله.

نظام أمني قابل للتشغيل.. على الورق:

وحول إيقاف مبيعات ونقل السلاح للسعودية، أكد سيميلروث، أن هذا الإجراء الإداري روتيني ونموذجي في عملية الانتقال، ويوضح التزام الإدارة بالشفافية والحوكمة الرشيدة، فضلاً عن ضمان تلبية مبيعات الأسلحة الأميركية لأهدافنا الاستراتيجية المتمثلة في بناء نظام أمني قوي لشركائنا، قابل للتشغيل وأكثر قدرة في مواجهة المخاطر”… هكذا.

مجريات الأحداث الأخيرة التي ارتسمت في هروب الولايات المتحدة من افغانستان بعد عقدين من الزمن دون تحقيق أي نتائج ملموسة على الأرض في تحقيق وعودها واجندتها التي جاءت من أجلها الى هذا البلد، يشير الى تغير واضح وجذري في المزاعم الاميركية الاستراتيجية التي رسمتها للمنطقة.

ومن ذلك ما تحدثت عنه وسائل إعلام أمريكية مؤخراً عن إنسحاب القوات الامريكية من المملكة السعودية (البالغ تعدادها بحسب آخر الإحصائيات قرابة 70 ألف ضابط وجندي أمريكي متواجدون في السعودية) حيث كشفت صحيفة “وول استريت جورنال” الأمريكية في تقرير لهاعن تصاعد قلق واشنطن من هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة التي تشنها قوات صنعاء على منشآت وأهداف عسكرية داخل العمق السعودي وخشيتها من تداعيات هذه الهجمات على قواتها المتواجدة في المملكة السعودية.

الأمر الذي يذكرنا وبقوة بتداعيات التواجد الاميركي في افغانستان الذي انتهى بهرب القوات الاميركية المحتلة في ليلة ظلماء دون اي التفاتة من قبلها الى الوراء.

اميركا تُجلي وحدات عسكرية منها “باتريوت” ترامب:

ما يعزز رؤيتنا هذه تأكيد الصحيفة بدء ترتيبات وتحركات أمريكية لإجلاء وحدات عسكرية سبق إرسالها إلى المملكة السعودية خلال فترة إدارة “ترامب” بناء على اتفاق مع الملك السعودي سلمان للمشاركة في مهام تأمين المملكة ومنشآتها النفطية، مقابل مليارات الدولارات التي سعى “ترامب” لابتزازها من ما باتت تعرف في العالم اجمع بـ”البقرة الحلوب” للولايات المتحدة في حديقتها الخلفية بالشرق الاوسط، رغم اهاناته المتعجرفة المتوالية التي كان يكيلها للسعودية وسخريته من الملك وابن سلمان بعينه، غير ان ادارة بايدن وضعت النقاط على الحروف معبرة خلاف سابقه ترامب عن توجه ونية سحب وحداتها المنتشرة في السعودية وأنها لن تقدم لها خدمات الحماية مقابل النفط مجددا.

الأمر الجديد هو التحرك السياسي والدبلوماسي الأمريكي الأخير في المنطقة الخليجية الذي جاء بعد أسبوع على انتهاء هروب الولايات المتحدة من أفغانستان تمثل بإرجاء وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن زيارته إلى السعودية، بخلاف زيارته لبقية الدول الخليجية التي وقفت الى جانب الولايات المتحدة في استقبال الافغان الهاربين من بلدهم الى الولايات المتحدة.

تقول السعودية انها.. “لا تقبل إملاءات من أحد”..!

أوستن عزا قراره بناء على ما تعذرت به السعودية خلال تقارب اميرها ابن سلمان مع روسيا، غير ان الأمير السعودي سطام بن خالد زعم أن السعودية “لا تقبل إملاءات من أحد”، وذلك خلال تعليقه على تأجيل زيارة أوستن واستقبال رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الدوما الروسي ليونيد سلوتسكي، حيث غرد قائلاً: ان “السعودية تؤجل زيارة وزير الدفاع الأمريكي للمملكة وفي نفس الوقت تستقبل رئيس الشؤون الدولية بالدوما الروسي”، مضيفاً أن “السعودية (التي وصفها بالعظمى) لا تقبل إملاءات من أحد، وتتعاون وفق المصالح المشتركة والاحترام المتبادل”.

تناقضات كثيرة طفت على السطح الدبلوماسي بين الولايات المتحدة والسعودية فبعد شهر العسل وفترة الحلب الاميركي زمن “ترامب” بزعم المشاركة في مهام تأمين المملكة ومنشآتها النفطية، جاء بايدن ليؤكد سيره على منوال سابقه غير ان ادارته سرعان ما اوقفت مبيعات أسلحة ونقل السلاح للسعودية، بزعم السماح للإدارة الجديدة بفرصة المراجعة، ثم يتم نشر صور أقمار اصطناعية تؤكّد إزالة الولايات المتحدة دفاعها الصاروخي الاكثر تطوراً وبطاريات “باتريوت” خلال الأسابيع القليلة الماضية من السعودية..

ثم تعلن السعودية تأجيلها زيارة اوستن للمملكة وفي نفس الوقت تستقبل رئيس الشؤون الدولية بالدوما الروسي. ثم يعزو اوستن المشكلة الى تفاوت في برمجة جدول الزيارات الزمني للسعودية، في وقت لم تستقبل فيه السعودية “كما حال جميع المحميات الخليجية”، الافغان المتأمركين على اراضيها، كل ذلك يمكن تشبيهه بنيران تتأجج تدريجياً فوق رماد وعود بايدن بنشر جزء من وثائق تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي بشأن العلاقة بين الأحداث الدموية في 11سبتمبر وضلوع الحكومة السعودية او بعض مسؤوليها فيها.

السعودية في مهب الريح:

انتهى زمن العصر الذهبي الذي مرت به السعودية متغطرسة تنفذ اجندة استكبارية بحذافيها دون رادع من ذمة ولا ضمير تمثلت في تدخلاتها المتتالية في سوريا ثم العراق بمد ومساندة ودعم الجماعات الارهابية وتمويلها وتسليحها ثم تدخلها الدموي المباشر في اليمن وتنفيذها ماتعجز الدول الاستكبارية عن تنفيذه في حرب النيابة ضد اليمن وشعبه..

حتى جاء زمن افول نجمها البترودولاري الذي تستعد خلاله عوائل ضحايا هجمات 11 سبتمبر رفع دعوى ضد المملكة بعد دعوى سابقة، وفقا لقانون العدالة ضد رعاة الإرهاب المعروف باسم جاستا الذي اقره الكونغرس الامريكي بالاجماع في 2016.

ان مقولة “البنتاغون” ان “السعودية ركيزة مهمة للأمن الإقليمي وشريك رئيس”.. مقولة بالية اصبحت من التاريخ الاستحلابي الترامبوي .. عفا عليها الزمن.. وأكل عليها وشرب..

هذا ناهيك عن جدول مطالبات حقوقية متوقعة قد تثيرها دول الجوار السعودي في اية لحظة جراء عدوانها على شعوب المنطقة وبالخصوص على العراق وسوريا واليمن..

باعتقادنا ان الحل الامثل لابن سلمان للنجاة من تكالب الزمان عليه الاطاحة بالملك واستلام والامساك بقبضته زمام امور المملكة..

صحيح انه حل مؤقت لكنه اهون الشرور.. ولو الى حين.

المصدر: العالم

 

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com