حرب خفية مستعرة في عدن.. “تقرير“..!
أبين اليوم – تقارير
تقرير/ طلال الشرعبي:
بمنأى عن كافة التطلعات والآمال الشعبية وخارج سياقات أكذوبة البحث عن التوافق السياسي السلمي في أبو ظبي والرياض وعمان ولندن وواشنطن والأمم المتحدة ومجلس الأمن .
وبعيداً عن الحقيقة الوجودية الواقعية لعدن ، تلك المدينة التي سكنها التنوُّع البشري متعدد الثقافات والأعراق منذ زمن بعيد، تلك البيئة المتسامحة والمرنة ذات الطرق المتعددة والطقوس المختلفة للتعايش.
وخلافاً لحقيقة وطبيعة وأسباب جميع جولات الصراع والحروب التي دارت رحاها في شوارع وأحياء وأزقة المدينة ذات المكانة الجغرافية المقدسة والجاذبة لأطماع الامبراطوريات الكبيرة عبر الحضارات المتعاقبة..
تثبت طبيعة الوقائع والأحداث ومسار تطورها الدراماتيكي المتصاعد أن عدن تكتوي اليوم بنار حرب خفية مستعرة ويزداد نزيفها كلما تسللت وتدفقت إليها ظواهر وطرق الصراع الإنساني غير المألوفة، وكلما تمادت وأوغلت في توجيه طعناتها إليها يد الأحقاد والمطامع والمصالح الدولية والشخصية والأنانية والمناطقية الضيقة والمدمرة دون وضع حد لهذا النزيف.
لا يكاد يمر يوم دون أن تحمل إلينا أخبار المواقع الالكترونية أو الصحف اليومية أو وسائل الإعلام الأخرى تفاصيل عملية أو مواجهة عسكرية أو اغتيال أو قصف جوي أو عملية إرهابية أو اقتحام مسلح شهدته عدن أو المحافظات الجنوبية المحيطة بها.
ودون شك أصبحنا جميعاً ندرك حقيقة أن تلك العمليات أو المواجهات – التي تتحكم بمسار تطورها وتحدد حجم خسائرها ونتائجها – طبيعة ونوعية الآلة العسكرية المستخدمة فيها تشرف على إدارتها وتحرص على تغذيتها جميع الأطراف الداخلية والخارجية كلاً بوسائله وأساليبه ومن أجل تحقيق أهدافه ومشاريعه الخاصة ، التي يمكن القول أنها تلتقي جميعاً عند نقطة الصراع والتنافس على السلطة وتقاسم الغنائم والمناصب وتكوين الإمبراطوريات المالية والتسليحية.
هنا تجدر الإشارة إلى أنه وبقدر ما لذلك الصراع ولتلك المواجهات العسكرية من وجوه متعددة وبذور وجذور وأسباب وجبهات ومشاريع متضادة ، تبقى الحقيقة أن أسباب ودوافع ومحركات أي صراع أيا كانت طبيعته وشكله وهويته وشعاراته العامة هي المصالح والموارد الاقتصادية التي يحتدم حولها الصراع.
وفي هذا السياق يمكن القول أن ما حصل في الشيخ عثمان من أحداث وما حصل في لودر وفي الصبيحة ورأس العارة من أحداث ومواجهات عسكرية هي أحداث حرب لها قوانينها وطبيعتها وعلاقاتها وثقافتها ونواميسها الاستثنائية واقتصادها الطفيلي وتجارتها وقنواتها الإيرادية وبالأصح الجبائية.
غير أن الأخطر من ذلك كله يبقى في نهاية المطاف هو تلك الحقيقة المرة والمؤلمة .. حقيقة اكتواء عدن بنار حرب خفية مستعرة هي حرب الاستخدام والتوضيف الخطير لجملة من الأمراض الاجتماعية والعصبوية والمناطقية التي بلغت ذروتها في الانتشار والتعمق و التغلغل داخل النسيج الاجتماعي وفي الوعي والثقافة والعلاقات اليومية وبشكل غير مسبوق.
YNP