الإمارات واليمين الأمريكي المتطرف وأسرار لم تكشف بعد..!
أبين اليوم – الأخبار الدولية
أكدت وثائق لوزارة العدل الأمريكية التابعة لقانون “فارا” إقامة الإمارات علاقات تحالف تعزز منذ عقود مع اليمين الأمريكي المتطرف.
وتظهر الوثائق تحالف الإمارات مع اليمين الأمريكي المتشدد والمعادي للإسلام ومع الجماعات المناصرة لـ”إسرائيل”.
وصعد إسم الإمارات في المنطقة بسعيها الدؤوب ضد الثورات العربية والربيع العربي المندلع عام 2011.
لتقود الإمارات جبهة الممالك والدول العربية المنزعجة من التغيير وما قد يأتي به من انفتاحٍ في الحياة السياسية.
ولم تكتف الإمارات بقيادة جهود “الثورة المضادة” داخل المنطقة فحسب، بل نقلت المعركة للخارج، لأهم عاصمة سياسية في العالم: واشنطن.
لكنّ “الحج الإماراتي” لواشنطن مختلف عن غيره، فاللوبي الإماراتي من أكبر لوبيات المنطقة حجمًا وأكثرها إنفاقًا.
وإن كان من اللوبيات الجديدة في واشنطن، فتأسيسه الفعلي لم يبدأ إلا قبل الربيع العربي بسنواتٍ قليلة.
وتكشف الوثائق عن تفرُّعات اللوبي وتحرُّكاته، وعن تحالفات الإمارات مع أطرافٍ مختلفة مثل اليمين الأمريكي المُتشدِّد والمعادي للإسلام، ومع الجماعات المناصرة لـ”إسرائيل”.
وبحسب الوثائق فمنذ عام 2011 بلغت مدفوعات اللوبي الإماراتي “المُعلن عنها” في واشنطن 132 مليون و716 ألف دولار أمريكي.
دفعت أبوظبي مقابل خدمات ضغط سياسي، أو حملات علاقات عامة لتحقيق المصالح الإماراتية في واشنطن.
تأسيس “اللوبي الإماراتي”:
لم يكن هناك لوبي إماراتي حقيقي قبل تعيين يوسف العتيبة سفيرًا للإمارات في الولايات المتحدة.
جاء التعيين في يوليو (تموز) 2008، وقبله كانت معظم عقود الإمارات في أمريكا عن طريق إمارة دبي ومؤسساتها المالية والسياحية، إما لإنجاز صفقاتٍ استثمارية أو لخدماتٍ ترويجية للسياحة في دبي.
قبل قدوم العتيبة، حاولت الإمارات الاستحواذ على ستّ موانئ أمريكية، من خلال شركة موانئ دبي. فقاد السيناتور الديمقراطي شاك شومر حملةً ضارية في الكونجرس لتصنيف هذه الاستحواذ باعتبارها “خطرًا قوميًا” على الولايات المتحدة، وحوَّلَ النقاش بشأنها لتصبح قضية أمن قومي.
وضغط الكونجرس ضدّ الصفقة التي دافعت عنها إدارة جورج بوش الابن، ولكنّ الكونجرس ضغط حتى تراجعت شركة موانئ دبي، وكانت هذه أولى معارك اللوبي الإماراتي في أمريكا وأقساها.
ومع دخول الاقتصاد العالمي في أزمة عام 2008 وانشغال وضعف دبي بأزمتها وديونها، اتّسع نفوذ ولي عهد إمارة أبوظبي محمد بن زايد، وبدأت الإمارات خطةً لإعادة التموقع في المنطقة، وبالتالي في واشنطن.
وفي هذه اللحظة يحلّ العتيبة سفيرًا في واشنطن لينفذ الرؤية الجديدة ويبدأ بحملة توظيف موجّهة لالتقاط مواهب وشخصيات تعرف مداخل واشنطن وأساليبها.
فوظّف العديد من الشركات الكبرى في مجال اللوبيات منذ وصوله، بعضها يعمل حتى اليوم لصالح أبوظبي.
وفيما يلي موجزٌ سريع عن الشركات والشخصيات التي رافقت العتيبة منذ وصوله:
هاجر العوض، من مساعدي العتيبة في واشنطن ووجهٌ بارز للوبي الإماراتي، وهي سيدة سودانية أمريكية عملت بشكل مباشر في السفارة الإماراتية منذ عام 2008 وحتى 2016 (واستمرت في العمل لصالحها لاحقًا).
وضغطت ونسّقت لعدة صفقات سلاح إماراتية، وساعدت في بداية عملها على إنجاز الملف النووي الإماراتي.
ولاحقًا أسست هاجر شركتها الخاصة، لخدمة السفارة الإماراتية بشكل حصري، وركّزت على ملفات سياسية.
فأدارت الحرب الإماراتية ضدّ قناة الجزيرة في الولايات المتحدة، وروّجت للإمارات ودورها في حرب اليمن ونسقت حملات ضغط ضدّ تشريعات تدعو لوقف المشاركة الأمريكية في الحرب.
وتعمل هاجر الآن في شركة أكين جامب مستشارةً سياسية وتقدم خدماتها للإمارات.
ريتشارد مينتز، رجل العتيبة الأول، وخبير العلاقات العامة والضغط سياسي.
مينتز قليل الظهور في الفعاليات العامة وصُوَره نادرة على الإنترنت، تنقَّل في مسيرته المهنية بين البيت الأبيض والكونجرس وشركات الضغط السياسي، واستقر بعدها في «مجموعة هاربور – The Harbour Group» التي استأجرها العتيبة عام 2009.
وهي من أهم الشركات في اللوبي الإماراتي، لإشرافها على علاقاته المتشعبة مع مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام الأمريكية، ومع مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى، ولمجموعة هاربور يدٌ طُولى في علاقات الإمارات مع المجموعات المناصرة لإسرائيل ومع اليمين الأمريكي.
وأشرفت الشركة بقيادة مينتز، على عقودٍ أخرى للإمارات في واشنطن، ومنذ عام 2011 بلغت المدفوعات للشركة 34 مليون و858 ألف دولار أمريكي.
شركة «أكين جامب – Akin Gump»، استأجرتها الإمارات عام 2007، وأشرفت على عمل الإمارات في الملف النووي.
ونسّقت لاتفاقية السماوات المفتوحة بين أمريكا والإمارات، وبرزت في حملة الإمارات ضد قناة الجزيرة.
ومنذ 2011 تلقّت الشركة 20 مليون و197 ألف دولار، ومن أبرز العاملين للإمارات في الشركة هال شابيرو، مستشار سياسي واقتصادي أمريكي عملَ في البيت الأبيض سابقًا، والنائب الجمهورية السابقة إليانا روس ليتينين، وهي من أهم الجمهوريين في لجان الخارجية.
كيف يعمل اللوبي الإماراتي؟
بعد وصوله لواشنطن سفيرًا، انتقى يوسف العتيبة بعنايةٍ فائقة فريقه الذي سيعمل معه في السنوات التالية، وشكّل فريقًا من الشباب والخبراء لإدارة الملفات السياسية للإمارات في واشنطن.
وعلى سبيل المثال بعد وصوله لواشنطن عيّن العتيبة أمي ليتيل توماس، التي كانت مسوؤلة في وزارة الخارجية في عهد جورج بوش الابن، لتعمل في السفارة الإماراتية مسؤولة للبروتوكول.
وفي الشؤون التشريعية والعسكرية، اعتمد على هاجر العوض، السودانية الأمريكية الشابّة آنذاك، والتي بدأت العمل في السفارة في عمر 28 عامًا، وشملت مهامها التواصل مع الكونجرس والتنسيق مع الجهات الأمريكية.
ومن خارج السفارة، اعتمد العتيبة على مُحرّك اللوبي الإماراتي، ريتشارد مينتز، المدير الإداري في مجموعة هاربور للضغط السياسي، والخبير في شؤون العلاقات العامة.
وأثناء تأسيس اللوبي عام 2008، اعتمد العتيبة بشكلٍ كبير على شركتين.
الأولى شركة المحاماة العالمية التي ركزت على إتمام الاتفاقيات الثنائية مثل البرنامج النووي السلمي.
والثانية مجموعة هاربور للعلاقات العامة والتي شبّكت مسؤولين في الحكومة الإماراتية مع مراكز الأبحاث الأمريكية، وجهات إعلامية، والمنظمات المناصرة لإسرائيل.
في 2017 خرجت هاجر العوض من السفارة لتؤسس شركتها الخاصة لتعمل الشركة لصالح اللوبي الإماراتي، وعملت فيها ثلاث سنوات لتعود عام 2020 للعمل في شركة أكين جامب، لصالح الإمارات مجددًا.
لكنّ اللوبي الإماراتي لم يقتصر على توظيف شركات الضغط فقط، بل مثَّلت جهات أخرى المصالح الإماراتية مثل «مجلس الأعمال الإماراتي الأمريكي» الذي لعب دورًا مهمًا في هندسة وإنجاز الاتفاقيات الثنائية بين البلدين.
وتأسس المجلس عام 2007 بعد لقاء جمع جورج بوش الابن ومحمد بن زايد لإنهاء أزمة شركة موانئ دبي العالمية.
ويترأس المجلس داني سيبرايت، الذي عمل سابقًا في وكالة الدفاع الاستخباراتية، وهي وكالة استخبارات تابعة للبنتاجون، ولسيبرايت ملفٌ عامر بالعمل في الشرق الأوسط، إذ نسَّق صفقات سلاحٍ إسرائيلية أمريكية.
وعادة ينسّق المجلس لقاءات مع أعضاء في الكونجرس أو موظفين في الحكومة الأمريكية، مثل عشاءٍ مع السيناتور الجمهوري روي بلانت، بمناسبة انعقاد الألعاب الأولمبية الخاصة العالمية في أبوظبي عام 2019، وحضر هذا اللقاء داني سيبرايت وهاجر العوض.
ونذكر أسلوبًا آخر يتّبعه اللوبي الإماراتي يميزه عن باقي اللوبيات الخليجية والعربية عمومًا، بتجهيزه لبحوثٍ من بيانات وأرقام عن العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين الإمارات والولاية التي يمثلها السياسي الذي يريد اللوبي التواصل معه.
سواءٌ مسؤول حكومي أو عضو كونجرس يمثّل هذه الولاية، وتكون هذه التقارير أداةً للتركيز على المصالح المشتركة المباشرة بين الطرفين، واستفتاحًا للضغط على هؤلاء السياسيين لتأييد الإمارات في الكونجرس.
وببساطة تتحدث الأرقام: كلما زادت الاستثمارات زادت فرص العمل، وكان للسياسي أن يباهي بإنجاز جديد في سيرته ليكسب ناخبين جددًا.
ومن أهم أنشطة اللوبي تواصله المكثّف والحثيث مع مختلف المراكز البحثية في واشنطن على اختلاف توجهاتها السياسية، والعمل على تنسيق رحلات لباحثيها لزيارة الإمارات والتجوّل فيها.
وعملت الإمارات خلال السنوات الماضية على بناء شراكات بحثية مع بعض هذه المراكز، بتمويل مشاريعها المختصّة بالمنطقة أو الشؤون العربية.
ولهذه المراكز أهمية خاصة لأنها العقل المفكّر لبعض التيارات داخل الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وبعضها يغذّي مؤسسات الدولة الكبرى، مثل «مؤسسة راند – RAND Corporation»، المؤسسة البحثية التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية.
المصدر: العالم