“عرب جورنال“| هل أضعف اليمن قدرات أمريكا على مواجهة الصين..!

6٬898

أبين اليوم – تقارير 

تقرير/ عبدالرزاق علي:

في تقرير مفصل نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” بتاريخ 9 أبريل 2025، سلطت الصحيفة الضوء على المخاوف الأمريكية المتزايدة من استنزاف مخزونات الأسلحة الإستراتيجية التي تمتلكها الولايات المتحدة بسبب العمليات العسكرية المستمرة في اليمن.

وتحديدًا، تم تسليط الضوء على قلق واشنطن من أن استمرار الدعم العسكري ضد الحوثيين في اليمن قد يعرضها لأزمة في توفر الأسلحة اللازمة لردع تهديدات محتملة من دول مثل الصين.

ووفقًا للمصادر التي تحدثت مع الصحيفة، فإن القيادة العسكرية الأمريكية، بما في ذلك مسؤولي وزارة الدفاع (البنتاغون)، بدأت تظهر علامات القلق من أن الحملة العسكرية في اليمن قد تؤثر على جاهزية الولايات المتحدة على المستوى الاستراتيجي في مناطق أخرى، لا سيما في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

تشير هذه المخاوف إلى أن الاستنزاف الحالي للمخزونات العسكرية الأمريكية، بما في ذلك الأسلحة المتطورة والمركبات الجوية الموجهة، قد يضعف القدرة العسكرية الأمريكية على التعامل مع تهديدات أخرى، مثل المحاولات المحتملة من الصين لشن غزو على تايوان.

استنزاف سريع للأسلحة الدقيقة:

وفقًا للتقرير، خلال عملية “الفارس الخشن” التي قامت بها القوات الأمريكية ضد الحوثيين، تم استهلاك كميات ضخمة من الذخائر المتطورة، بما في ذلك الصواريخ الدقيقة والمدفعية بعيدة المدى، خلال فترة قصيرة جدًا.

هذه الأسلحة التي تُستخدم ضد صواريخ ومسيرات صنعاء تكلّف خزينة البنتاغون مليارات الدولارات، وفي غضون ثلاثة أسابيع فقط، تم إنفاق ما يعادل 200 مليون دولار على هذه العمليات العسكرية ضد “أنصار الله”.

ورغم هذا الإنفاق الضخم، تشير التقارير إلى أن نجاح العمليات كان “محدودًا” للغاية، حيث فشلت الولايات المتحدة في تدمير الكثير من الصواريخ والطائرات المسيرة التي أطلقتها القوات المسلحة اليمنية.

وهذا يعكس، بحسب تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين، أن الخيارات العسكرية المتاحة قد لا تكون فعالة بما يكفي لتحقيق النصر السريع أو الحاسم ضد الحوثيين، ما يعزز القلق من تداعيات ذلك على المخزونات العسكرية الأمريكية.

التحديات الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط:

تشير بعض المصادر داخل “الكونغرس” الأمريكي إلى أن الجيش الأمريكي قد يجد نفسه مضطراً في المستقبل القريب إلى سحب الأسلحة الإستراتيجية من مناطق أخرى، مثل منطقة آسيا والمحيط الهادئ، من أجل دعم العمليات العسكرية في الشرق الأوسط، وهو ما قد يضعف القدرة على الرد على التهديدات في تلك المنطقة الحيوية، مثل تهديدات الصين.

وأكدت المصادر أن البنتاغون بدأ يناقش بشكل جاد الحاجة إلى اتخاذ تدابير طوارئ لتأمين المزيد من الإمدادات العسكرية لمواصلة العمليات في اليمن دون التأثير الكبير على التوازن الاستراتيجي في مناطق أخرى.

وتستعد الولايات المتحدة، وفقًا لهذه المناقشات، إلى مواجهة تحديات جديدة قد تهدد استقرار الأمن العالمي في حال واصلت تصعيد عملياتها العسكرية في الشرق الأوسط.

ـ التوترات بين التزامات عسكرية متعددة:

في ظل هذا الوضع، تبرز معضلة مزدوجة للولايات المتحدة: فمن جهة، هناك التزام بالتحقيق في نجاح العمليات العسكرية ضد أنصار الله، والحد من تأثيرهم في المنطقة التي تشهد توترات جيوسياسية مع إيران والمملكة العربية السعودية.

ومن جهة أخرى، تتزايد المخاوف بشأن قدرة واشنطن على الحفاظ على قدرتها العسكرية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث تنظر الولايات المتحدة إلى الصين كأكبر تهديد محتمل للأمن الدولي.

واستنادًا إلى التقارير الواردة من البنتاغون، يبدو أن الجهود الأمريكية في اليمن، والتي تشمل ضربات جوية وحملات بحرية مستمرة، قد تخلق فجوة في المخزونات الاستراتيجية في وقت تحتاج فيه واشنطن إلى هذه الأسلحة لمواجهة الصين في المستقبل.

يضاف إلى ذلك قلق حلفاء أمريكا في منطقة المحيط الهادئ مثل اليابان وكوريا الجنوبية، الذين يعتمدون على الوجود العسكري الأمريكي لضمان استقرارهم الأمني في مواجهة التوسع الصيني.

مستقبل المواجهات العسكرية الأمريكية في اليمن:

يستمر التصعيد العسكري الأمريكي في اليمن، ولكن مع تكاليف باهظة على مستوى القدرات العسكرية وتداعياته المحتملة على الاستعدادات العسكرية في مناطق أخرى من العالم.

في الوقت نفسه، تبقى احتمالية التوصل إلى تسوية دبلوماسية مع الحوثيين أو إنهاء الحرب مستبعدة في الأفق المنظور، مما يعزز الضغوط على إدارة الرئيس الأمريكي لموازنة استراتيجياتها العسكرية في وقت يشهد العالم تحديات أمنية معقدة.

وبينما تواصل الولايات المتحدة دعمها العسكري لحكومة عدن، تظل الأسئلة المطروحة حول كيفية إدارة هذا الاستنزاف في المخزون العسكري الأمريكي دون التأثير على استراتيجيات الأمن الوطني الأمريكي في المستقبل.

 

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com