“عرب جورنال“| كيف تفتح السعودية الباب لانفصال حضرموت..!

6٬914

أبين اليوم – تقارير 

تقرير/ عبدالرزاق علي:

في خطوة مثيرة للقلق، بدأت المملكة العربية السعودية، الثلاثاء 25 مارس 2025، إجراءات عملية لتهيئة الأجواء لانفصال محافظة حضرموت عن بقية اليمن.

وتأتي هذه الخطوة في وقت حساس، حيث تشهد المنطقة تحولات سياسية وعسكرية قد تكون لها آثار بعيدة المدى على وحدة اليمن واستقراره.

وبينما تروج الرياض لمشاريع تنموية ووعود بتحسين الأوضاع في حضرموت، يعتقد العديد من الخبراء أن هذا التوجه السعودي يعكس أطماعًا استراتيجية تسعى إلى تثبيت النفوذ السعودي في المحافظة الغنية بالنفط والموارد الطبيعية.

السعودية تشرع في تهيئة الرأي العام:

منذ إعلانها عن هذه الخطوة، بدأت المملكة السعودية حملتها الإعلامية لتبرير إجراءاتها في حضرموت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

الحملة، التي يقودها كبار الشخصيات الإعلامية والسياسية في السعودية، مثل مساعد رئيس تحرير صحيفة “عكاظ” عبدالله آل هتيله، تسعى إلى التأثير على الرأي العام في حضرموت وتوجيهه نحو القبول بالمسار الذي تتبناه الرياض.

في منشورات على صفحته الرسمية، زعم آل هتيله أن بلاده بصدد تنفيذ “مشاريع تنموية عملاقة” في حضرموت، وهو ما يراه البعض محاولة لتجميل صورة التحركات السعودية وتهدئة المخاوف الشعبية من الانفصال.

ومع أن هذه الوعود لا تعدو كونها تصريحات غير ملموسة حتى الآن، إلا أن الرياض تأمل من خلال هذه الحملة في بناء حالة من الدعم المحلي لما تسميه “الحكم الذاتي” أو “الفصل الإداري” للمحافظة.

لكن الواقع يختلف تمامًا، حيث أن السعودية، رغم سيطرتها الفعلية على حضرموت منذ عقود، لم تنفذ أي مشاريع تنموية كبيرة في هذه المحافظة، بل على العكس، تعاني حضرموت من نقص حاد في الخدمات الأساسية والفرص الاقتصادية.

الترتيبات السرية لإعلان الحكم الذاتي:

ما يزيد من تعقيد الأمور هو التسريبات الأخيرة التي كشف عنها الصحفي الحضرمي صبري بن مخاشن، والتي تشير إلى أن هناك ترتيبات لإعلان الحكم الذاتي في حضرموت.

وتعتبر هذه المعلومات بمثابة مؤشر على أن السعودية قد تكون في مراحل متقدمة من تنفيذ مخطط انفصال حضرموت، والذي قد يؤدي إلى تقسيم اليمن بشكل رسمي، ويجعل من هذه المحافظة دولة منفصلة تحت الوصاية السعودية.

ويتزامن ذلك مع اللقاءات التي استضافتها السعودية في الآونة الأخيرة، والتي قادها وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، بحضور عمرو بن حبريش، زعيم أكبر تكتل قبلي في حضرموت.

هذه اللقاءات تأتي في سياق محاولات الرياض لتوسيع نفوذها على الأرض، من خلال التفاهمات مع القوى السياسية والقبلية في المحافظة.

من خلال هذه اللقاءات، تسعى السعودية إلى إقناع الفاعلين المحليين بقبول هذا المسار الجديد، وذلك بدعوى أن حضرموت ستستفيد من الدعم السعودي في مجالات التنمية والبنية التحتية، وهو ما يبقى مجرد وعد غير مؤكد حتى الآن.

موقع استراتيجي ومصالح اقتصادية:

حضرموت، التي تقع على بحر العرب والمحيط الهندي، تمتلك موقعًا استراتيجيًا بالغ الأهمية. هذا الموقع يجعلها مطمعًا للقوى الإقليمية والدولية، وخصوصًا السعودية، التي ترى في هذه المحافظة فرصة لتعزيز نفوذها في المنطقة.

ومن ناحية اقتصادية، تحتوي حضرموت على كميات ضخمة من النفط والغاز، وهو ما يجعلها مهمة ليس فقط في السياق اليمني، بل في إطار التوازنات الإقليمية والاقتصادية في المنطقة.

تسعى الرياض إلى استغلال هذه الموارد لصالحها، وبالتالي فإن عملية الانفصال عن اليمن قد تمثل خطوة مهمة نحو السيطرة الكاملة على هذه الثروات.

وبالنظر إلى الحالة الاقتصادية والسياسية التي يعاني منها اليمن بشكل عام، يبدو أن السعودية تخطط لمرحلة جديدة من السيطرة على حضرموت في ظل غياب دعم دولي فعّال لتوحيد اليمن.

توقيت التحرك السعودي: استفادة من المواجهات الإقليمية:

التحرك السعودي نحو انفصال حضرموت يأتي في وقت مليء بالتوترات الإقليمية، لا سيما في ظل المواجهات العسكرية المستمرة بين اليمن والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

في الوقت الذي تعيش فيه اليمن في أزمة حادة بسبب التدخلات الخارجية، تحاول السعودية الاستفادة من هذه الفوضى لتأمين مصالحها في المنطقة.

قد يكون توقيت هذا التحرك مدفوعًا بمخاوف الرياض من إمكانية أن تؤدي التطورات العسكرية في الشمال إلى تغيير موازين القوى في المنطقة.

كما أن التصعيد الإماراتي في بعض المناطق اليمنية قد يزيد من تعقيد الأمور. الإمارات، التي تدعم بعض القوى الجنوبية، قد تكون قد تسعى أيضًا لتوسيع نفوذها في حضرموت، ما يعني أن السعودية قد تسعى لاستباق أي تحركات إماراتية بتعزيز وجودها في المحافظة قبل أن يصبح الوضع أكثر تعقيدًا.

مخاطر انفصال حضرموت على وحدة اليمن:

في حال نجاح السعودية في تنفيذ مخطط انفصال حضرموت، فإن ذلك سيكون له تداعيات خطيرة على وحدة اليمن. الانفصال لن يعزز فقط الانقسامات بين شمال اليمن وجنوبه، بل سيزيد من تعقيد الأزمة اليمنية بشكل عام، حيث ستجد القوى السياسية اليمنية نفسها أمام تحديات أكبر في الحفاظ على تماسك الدولة.

من الناحية العسكرية، فإن السيطرة السعودية على حضرموت ستسمح لها بتعزيز نفوذها في المنطقة بشكل غير مباشر، مما قد يؤدي إلى خلق نوع من الوصاية على جزء كبير من اليمن.

هذا التحرك سيكون له تبعات طويلة المدى على الأمن الإقليمي، حيث سيزيد من حدة النزاعات الداخلية ويجعل من اليمن ساحة مفتوحة للصراعات الدولية.

خلاصة:

في الختام، يمكن القول إن تحركات السعودية نحو انفصال حضرموت تشكل خطرًا كبيرًا على وحدة اليمن. رغم الوعود التنموية التي تروج لها الرياض، فإن الهدف النهائي قد يكون تكريس الوصاية السعودية على هذه المحافظة الغنية بالموارد.

بينما يتطلع العديد من الحضرميين إلى تحسين أوضاعهم الاقتصادية، لا ينبغي أن يغفلوا عن المخاطر الجسيمة المترتبة على انفصال حضرموت، الذي قد يزيد من تعقيد الأزمة اليمنية ويهدد استقرار المنطقة بشكل عام.

المصدر: عرب جورنال

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com