مؤشرات سقوط الدولة المهيمنة.. أمريكا تغرق في مستنقع أزماتها الداخلية..!
أبين اليوم – متابعات
في أضعف مراحلها تبدو الولايات المتحدة الأمريكية خلال المرحلة الحالية، وذلك بفعل الأزمات والمشاكل الداخلية التي باتت تنخر في بنية الدولة الأمريكية التي ظلت على مدى عقود كأكبر قوة مهيمنة في العالم، وأنتجت بهيمنتها خلال هذه العقود الكثير من الصراعات والحروب المدمرة في العديد من بلدان العالم، وعلى رأسها بلدان عربية وإسلامية، لا تزال تعاني حتى اليوم.
من خلال القوة المهيمنة على جميع المستويات، لعبت الولايات المتحدة دور شرطي العالم، ولم تكن لتنعدم لديها الحجج والذرائع والمبررات التي طالما استخدمتها لصناعة واقع مختلف في كل البلدان التي امتد إليها أيدي تلك القوة التي انعكست فيها الصورة البشعة والوحشية للرأسمالية العالمية..
وكذا الحقيقة الفلسفية والخلفية التي تنطلق منها السياسة الأمريكية الطامحة إلى تكريس مبدأ القطب الواحد المهيمن، والذي يجب إن يقود العالم وفق سياسته، ويطيح بأي نظام أو دولة أو جماعة لديها نوع من النزوع نحو سياسة مغايرة.
على أعتاب عهد رئاسي جديد، وقفت أمريكا البارحة، بعد أكثر من شهرين من التوتر، على خلفية عدم إعتراف الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب بنتائج الإنتخابات، وما أعقب ذلك من إعادة للفرز، وشد وجذب انتهى بأحداث الشغب والفوضى التي شهدتها واشنطن قبل أسبوعين..
والتي اقتحم خلالها مناصرو ترامب مبنى الكابيتول، وما صاحبه من أعمال عنف ومظاهر فوضى، سقط خلالها خمسة أشخاص وجرح آخرون واعتقل المئات، وهو الأمر الذي قاد الإدارة الأمريكية إلى إقامة حفل التنصيب للرئيس الجديد بطريقة مغايرة لما درجت عليه الولايات المتحدة خلال مناسبات مماثلة، وفي ظل إجراءات أمنية مشددة شارك فيها الآلاف من عناصر الشرطة والجيش الأمريكي.
بدا حفل التنصيب كصورة مصغرة لما هو عليه البيت الأمريكي من انقسام حاد قد تكون له نتائج كارثية على المستوى القريب، فالرئيس المنصرف ترامب، الذي غادر في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء البيت الأبيض نحو مقر إقامته في ولاية فلوريدا، كأول رئيس أمريكي لا يحضر حفل تنصيب خليفته منذ العام 1968، لا يزال غير معترف بنتائج الانتخابات ولا بالرئيس الجديد..
وهو ما يعني أن الديمقراطية الأمريكية التي طالما زايدت بها الإدارات الأمريكية المتعاقبة بات ثمة ما يهددها، بما يحمله ذلك التهديد ليس على النظام الأمريكي فحسب، بل وحتى على المجتمع الأمريكي المتعدد والمتمايز، والذي عانى كثيراً من العنصرية التى تعيد إنتاج نفسها اليوم بوتيرة عالية، بعد أن تعهدتها سنوات ولاية ترامب، على شكل هجمات ضد العرقية السوداء وغيرها من الأقليات في المجتمع الأمريكي وكذا الوافدين.
درج زعماء أمريكا السابقون منذ جورج بوش الابن على تكريس جانب من خطاب التنصيب عن الإرهاب، وكيفية مواجهته كأبرز تحديات مراحلهم، فيما هذه المرة تحدث الرئيس بايدن في خطابه عن الإرهاب الداخلي، ونظرية تفوق العرق الأبيض، والذي بدا أبرز التحديات في هذه المرحلة.
وكان ترامب قد أفصح عن نيته تأسيس حزب قوميّ جديد يقوم على “فوقيّة” العِرق الأبيض، وكراهيّة الأجانب، وإحياء تُراث العنصرية التي قامت عليها أمريكا بعد غزوها وتطهيرها من سكانها الأصليين، وتشير التوقعات إلى حزب ترامب سيجد قبولاً ويحظى بأشياع بين أوساط مؤيدي ترامب، وملايين الناخبين الذين صوتوا له في الانتخابات، وهو الأمر الذي سيضع مستقبل أمريكا على المحك، ويعزز من احتمالية السقوط الحتمي لها.
وتجد التوقعات بصراع داخلي محتدم في أمريكا ما يدعمها، حيث كان الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، قد صرح قبل مغادرته العاصمة واشنطن، في كلمة ألقاها أمام جمع من أبرز مناصريه الذين احتشدوا لتوديعه، بأنه لن يحضر حفل التنصيب، لأنه غير معترف به، كما تعهد بالعودة إلى البيت الأبيض بطريقة أو بأخرى، وهو التعبير الذي يثير تساؤلات حول الطريقة التي ستساعد الرأسمالي المتعجرف ترامب في العودة إلى البيت الأبيض، وما الخطوة القادمة له، وهو الذي لا يزال غير معترف بأنه لم يعد رئيساً.
المصدر: وكالات