“تحليل“| ما تداعيات الانفلات الأمني في سوريا بعد سقوط نظام الأسد..!
أبين اليوم – تقارير
تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل
منذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في 8 ديسمبر الماضي، شهدت سوريا موجة متصاعدة من الانفلات الأمني، ما تعكس حالة الفوضى الكبيرة التي تعيشها البلاد في ظل غياب سلطة مركزية قادرة على فرض النظام.
جرائم القتل والاختطاف والتصفية العرقية والطائفية أصبحت سمة بارزة في المشهد السوري الجديد، حيث تلعب الفصائل المسلحة المدعومة من حكام سوريا الجدد دورًا رئيسيًا في رسم مستقبل البلاد على وقع العنف.
– انهيار أمني أم صراع نفوذ؟:
أحداث العنف الأخيرة في درعا، وحلب، وحماة تُظهر أن سوريا ما بعد الأسد دخلت مرحلة جديدة من الفوضى، حيث تتنافس القوى المختلفة على بسط النفوذ والسيطرة، مستخدمة وسائل دموية لتصفية الخصوم وترسيخ نفوذها.
في درعا، أدى استهداف مدنيين إلى سقوط قتلى وجرحى، وهو ما يشير إلى استمرار حالة عدم الاستقرار التي تعاني منها المحافظة منذ سنوات.
أما في حلب، فإن الإعدامات التي نفذتها المجموعات المسلحة بحق إحدى العائلات، وسط غياب أي رد فعل رسمي، توحي بأن الجماعات المسلحة باتت تمتلك هامشًا واسعًا للتحرك دون رادع.
كما أن تكرار الهجمات في ريف حماة، سواء من خلال استهداف المصلين أو اغتيال العاملين في القطاعات الاقتصادية، يكشف عن وجود عمليات ممنهجة لإعادة توزيع موازين القوى في سوريا.
– الأبعاد السياسية والاقتصادية للفوضى:
يُعد الانفلات الأمني في سوريا انعكاسًا للصراع بين القوى التي تتصارع على إرث النظام السابق، حيث تسعى الفصائل المختلفة إلى ترسيخ سيطرتها عبر فرض الأمر الواقع بالقوة.
في المقابل، يدفع المدنيون الثمن الأكبر لهذا الفراغ الأمني، إذ أصبحوا هدفًا لعمليات القتل والاختطاف والابتزاز.
اقتصاديًا، تعاني البلاد من تدهور شديد، حيث أدى انتشار الجرائم إلى تعطيل الأنشطة التجارية والزراعية، وأنتجت للمرة الأولى في تاريخ سوربا أزمة خبز حادة إثر نقص حاد في إنتاج القمح.
أزمة الخبز جاءت بعد أن كانت سوريا من الدول العربية المكتفية ذاتيا في زراعة القمح وكانت تحقق فائضا يسمح لها بتصدير القمح للخارج، بينما كانت أسعار الخبر تحظى بالدعم من قبل حكومة الأسد مما جعلها زهيدة جدا في سوريا قياسا ببقية دول المنطقة، حيث كان سعر كيلو الخبز لا يتجاوز 13 ليرة سورية، قبل أن يصل سعره إلى 600 ليرة سورية في الوقت الراهن.
كما أن عمليات القتل التي طالت تجار الكمون في ريف حماة، تشير إلى تحول الفوضى إلى عامل مؤثر على الاقتصاد المحلي، مما يهدد بمزيد من الانهيار في ظل غياب سلطة قادرة على ضبط الأمن.
– السيناريوهات المستقبلية:
وعلى ما يبدو أن سوريا في ظل هذه التطورات تتجه نحو مزيد من الانقسام والتشرذم، خاصة مع استمرار الجماعات المسلحة في توسيع نفوذها.
ويبقى التساؤل: هل سيتمكن حكام سوريا الجدد من فرض الاستقرار، أم أن سوريا ستشهد موجة جديدة من العنف تؤدي إلى مزيد من التقسيم؟
وعليه يمكن القول: إن الواقع السوري اليوم يعكس فشل حكام سوريا الجدد في تقديم رؤية واضحة للخروج من حالة الفوضى، مما يجعل المستقبل القريب محفوفًا بالمخاطر، وسط غياب أي بوادر لحل سياسي شامل يعيد لسوريا الجديدة أمنها واستقرارها.
المصدر: وكالة الصحافة اليمنية