“تقرير“| مرتبات الموظفين.. انفراجة في صنعاء وأزمة في عدن..!

6٬901

أبين اليوم – تقارير 

بعد نحو 9 سنوات من الانقطاع، شهدت مشكلة مرتبات الموظفين في اليمن انفراجة وحراكاً جديداً مع شروع حكومة صنعاء في تنفيذ برنامجين لتوفير مرتبات موظفي الدولة، وتسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين، بالتزامن مع سخط شعبي يعم مناطق حكومة الشرعية جراء الانقطاع المتكرر للمرتبات وانخفاض قيمتها بسبب انهيار سعر صرف العملة المحلية.

كيف تحولت المرتبات إلى ورقة ضغط اقتصادي:

مثل انقطاع مرتبات موظفي الدولة أبرز النتائج الكارثية التي خلفتها الحرب في اليمن منذ عشرة أعوام، وتحديداً منذ سبتمبر 2016 عندما قررت الحكومة اليمنية بإيعاز من دول التحالف نقل وظائف البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، والتنصل لاحقاً عن صرف مرتبات الموظفين كورقة ضغط اقتصادية استخدمتها دول التحالف في الحرب على حكومة صنعاء.

وترتب على نقل وظائف البنك المركزي إلى عدن سيطرة الحكومة اليمنية على 80% من موارد الدولة، وحرمان نحو 75% من إجمالي سكان اليمن، يعيشون في مناطق حكومة صنعاء، من إيرادات النفط والغاز التي كانت تمثل المورد الرئيسي لتغطية فاتورة مرتبات موظفي الدولة.

كما أثبتت التقارير الدولية ممارسات فساد واستغلال كبيرة لحكومة عدن لإيرادات البلاد، وساهمت السياسات المالية العشوائية وأهمها طباعة أكثر من 5.3 تريليون ريال من قبل البنك المركزي بعدن، في تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والانهيار المستمر لقيمة العملة المحلية التي لا تزال تشهد انخفاضاً متسارعاً في مناطق الحكومة اليمنية حتى تجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي مؤخراً حاجز 2,100 ريال يمني.

المرتبات بين حكومتين متعاقبتين في صنعاء:

طوال السنوات الماضية، عملت حكومة صنعاء السابقة على صرف نصف مرتب لموظفيها على فترات متباعدة ووفق ما يتاح لها من موارد مالية ضئيلة، واستطاعت الحفاظ على مؤسسات الدولة واستمرارها رغم سنوات الحرب والحصار.

وبالمقابل تمكنت حكومة صنعاء، المعينة حديثاً، من حلحلة مشكلة انقطاع مرتبات موظفي وحدات الخدمة العامة في مناطق سيطرتها، فعملت على ترشيد الإنفاق الحكومي وتحقيق العدالة في توزيع الدخل الشهري بين كافة موظفي الدولة، وحشد كافة الموارد المالية الممكنة واللازمة لتوفير المرتبات.

مؤخراً، بدأت حكومة صنعاء بتنفيذ برنامج توفير مرتبات موظفي الدولة، والذي يستفيد منه نحو 800 ألف موظف وموظفة، موزعون ضمن فئات تراعي مستويات الدخل للجهات والمصالح الحكومية.

ووفقاً لتقارير رسمية، بلغ عدد المستفيدين من التمويلات الشهرية المتوقع إصدارها ما بين مرتب كامل أو نصف مرتب 300 ألف موظف وموظفة شهرياً يعملون في 430 وحدة رئيسية وفرعية تشكل 82% من إجمالي الوحدات الحكومية التي تستلم مرتباتها من الموازنة العامة.

أما عدد المستفيدين ربعياً (كل ثلاثة أشهر) من الوحدات الحكومية ومنتسبيها، فبلغ 500 ألف موظف وموظفة يعملون في 95 وحدة رئيسية وفرعية، تشكل 18% من إجمالي الوحدات الحكومية التي تستلم مرتباتها من الموازنة العامة، على أن يتم نقل وحدات وجهات جديدة من قائمة الصرف الربعية إلى قائمة الصرف الشهرية كلما توفرت موارد أكثر.

وراعى برنامج توفير المرتبات، الموظفين الأقل دخلاً، حيث سيتم صرف مرتب كامل لكل موظف حكومي يبلغ مرتبه 30 ألف ريال أو أقل في قائمة الصرف الشهرية بنسبة (100%) مع إعفائه من ضريبة المرتبات.

وبشكل عام يستفيد مليونا موظف وعامل في القطاع الحكومي العام والمختلط والقطاع الخاص من الإعفاء الضريبي الوارد في قانون “الآلية الاستثنائية لدعم فاتورة مرتبات موظفي الدولة وحل مشكلة صغار المودعين”، للموظفين أصحاب المرتبات البالغة 30 ألف ريال أو أقل.

ولا يترتب على نفاذ هذا القانون سقوط المرتبات والمستحقات القانونية للموظفين بوحدات الخدمة العامة عن الفترة التي لم تصرف لهم قبل أو بعد صدور هذا القانون.

وحملت حكومة صنعاء دول التحالف المشاركة في الحرب على اليمن مسؤولية صرف فاتورة المرتبات المستحقة لموظفي الدولة والبالغة نحو 7.3 تريليون ريال يمني، أي ما يعادل 13.8 مليار دولار منذُ نقل البنك المركزي إلى عدن حتى نهاية عام 2024م، وذلك للمرتبات الأساسية فقط، فضلاً عن العلاوات والتسويات السنوية المستحقة والآثار المترتبة على ذلك قانوناً.

صغار المودعين ومشكلة الدين المحلي:

بالتوازي مع صرف المرتبات، تنفذ حكومة صنعاء برنامج تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين (من تبلغ وديعته 20 مليون ريال أو أقل)، وهم الشريحة الأوسع بين فئات المودعين، تنصلت الحكومة اليمنية عن دفع مستحقاتهم بعد قرار نقل وظائف البنك المركزي إلى عدن.

ويستفيد من البرنامج 533,612 مودعاً خلال السنة الأولى لتنفيذ القانون يشكلون 99% من إجمالي الأفراد المودعين في البنوك التجارية والحكومية.

فيما يستفيد 467 ألف مودع في يناير الجاري ويشكلون 90% من إجمالي الأفراد المودعين في البنوك التجارية والحكومية.

وسبق أن أعلنت وزارة المالية والبنك المركزي اليمني في صنعاء أنه تم تسليم قيمة الدين العام المحلي المستحق لعدد 467 ألف مودع من المودعين الأفراد فئة 200 ألف ريال وأقل، إلى البنوك التجارية والحكومية في مناطق سيطرتها وفقاً لبرنامج تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين المترجم لقانون الآلية الاستثنائية المؤقتة.

وبحسب البرنامج، سيتم البدء في تسديد الدين العام المحلي لكبار المودعين من الأفراد والشركات والمؤسسات الخاصة أو الحكومية بعد استكمال تسديد صغار المودعين، أو بالتوازي مع ذلك إذا توفرت موارد أكثر.

مراقبون أكدوا أن البرنامجين سيسهمان في تحسين الأوضاع المعيشية وتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة مع ثبات أسعار الصرف في مناطق حكومة صنعاء عند 530 ريالاً للدولار، مقارنة بأسعار الصرف في مناطق الحكومة اليمنية التي تجاوزت سقف 2100 ريال للدولار.

وأضافوا أن تسديد مستحقات صغار المودعين سيسهم في حل مشكلة البنوك أيضاً، وتحريك عجلة التنمية وتشجيع المشاريع الصغيرة والأصغر.

ويرى المراقبون أن من مصلحة حكومة عدن وحكومة صنعاء، التحرك السياسي والضغط على دول التحالف للشروع بتنفيذ خارطة السلام وسداد التزاماتها في برامج إعادة الإعمار وصرف مرتبات الموظفين والمودعين، بالإضافة إلى إنهاء الانقسام المالي في اليمن.

 

المصدر: يمن إيكو

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com