“تحليل“| ما هي مخاطر الانتشار السريع لتنظيم “داعش” في بادية سوريا..!
أبين اليوم – تقارير
“داعش” تنتشر بشكل سريع في سوريا وتثير المخاوف على المستوى الدولي وسط دعم أمريكي بتوفير الظروف السياسية والمادية لـ”داعش” لتمكين الأخير من السيطرة والبقاء في بادية سوريا
تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل:
شهدت الساحة السورية مؤخراً تطورًا مفاجئًا مع توسع تنظيم “داعش” بشكل سريع ومفاجئ في أكثر من 12 منطقة سورية، حيث أفادت التقارير الواردة من سوريا، أن التنظيم نجح في السيطرة على 6 مناطق خلال 3 أيام فقط.
هذا الانتشار السريع يثير تساؤلات حول أسباب عودة التنظيم وقدراته على إعادة ترتيب صفوفه بعد سنوات من التراجع.
– التوسع المفاجئ وخطورته:
ذكرت وكالة “المعلومة” العراقية، نقلًا عن مصادر سورية، السبت، أن خلايا تنظيم “داعش” بدأت بتوسيع نفوذها في البادية السورية، في منطقة تمتد عبر حمص ودير الزور، وصولًا إلى الحسكة والرقة.
ووفقًا للتقارير، قام عناصر التنظيم بنشر شعاراته على التقاطعات والمباني وبعض اللوحات التعريفية للطرق، التي تدل على تزايد نفوذ التنظيم.
ويري مراقبون، أن هذه التحركات تؤكد عزم التنظيم على إعادة فرض وجوده في المنطقة بعد التراجع الكبير الذي شهده نتيجة العمليات العسكرية التي استهدفته في العراق وسوريا.
ويبدو أن التنظيم اعتمد استراتيجية جديدة تسعى إلى فرض سيطرته من خلال التغلغل السريع واستغلال الصراعات المسلحة بين الفصائل السورية المسلحة المدعومة من تركيا وامريكا وكذا استغلال الطبيعة الجغرافية الصعبة للبادية السورية.
– هجمات متواصلة؛
وعلى الأرض شن التنظيم الإرهابي هجومين مسلحين على مواقع “قسد” في ريفي دير الزور الشمالي والشرقي. ويعد هذا الهجوم لـ”داعش” الرابع خلال أسبوع ضد مواقع “قسد”.
ووفق إحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد بلغ عدد هجمات “داعش” في البادية السورية منذ سقوط النظام السابق في 8 ديسمبر الماضي 292، أسفرت عن مقتل 134 شخصاً بينهم 81 من قوات “قسد” ومن جهاز الأمن التابع للجماعات الكردية“أسايش” والجيش السوري السابق و13 من التنظيم، و 31 مدني بينهم طفل وسيدتين و4 حراس منشآت مدنية، و 9 من رعاة أغنام.
– تأمين التمويل:
بحسب التقارير، بدأ التنظيم مؤخرًا بفرض إتاوات مالية على التجار وأصحاب الحافلات والعاملين في المهن المختلفة. هذه الإتاوات تُستخدم كوسيلة لتأمين الموارد المالية اللازمة لتمويل عملياته والحفاظ على قدراته القتالية.
وفي السياق، اتهمت كيانات سورية وعراقية في وقت سابق القوات الأمريكية بتقديم الدعم المالي والعسكري لتنظيم “داعش” بغرض خلق حالة من “الفوضى الخلاقة” بما يمكنها من البقاء في البادية السورية الغنية بالنفطية تحت شماعة محاربة التنظيمات الإرهابية.
وتعكس هذه الخطوة تطورًا خطيرًا في أسلوب عمل التنظيم بالاعتماد على تمويل محلي وخارجي، يساهم في زيادة عناصره مستغلاً الأوضاع المعيشية للشعب السوري.
– أهمية البادية السورية للتنظيم:
تمثل البادية السورية منطقة استراتيجية لتنظيم “داعش” لعدة أسباب:
أولاً.. الثروات النفطية: تحتوي المنطقة على أكبر حقول النفط والغاز في سوريا، مما يجعلها ذات أهمية اقتصادية كبيرة.
ثانياً.. الموقع الجغرافي: البادية السورية تمتد على مساحات حدودية مع تركيا، مما يسهل عمليات تهريب السلاح وإعادة الإمداد.
ثالثاً.. يتمثل في الصعوبة الجغرافية: الطبيعة الصحراوية الواسعة تجعل من الصعب على القوات المعادية للتنظيم الإرهابي فرض سيطرة كاملة، مما يمنح التنظيم مرونة في التنقل وتنظيم عملياته.
– تقاعس محلي ودولي:
يأتي هذا التطور وسط مخاوف محلية وإقليمية ودولية من عودة نشاط “داعش” في سوريا، وهو ما يُشكل تهديدًا لأمن واستقرار سوريا ودول المنطقة، وعلى وجه الخصوص العراق.
هذه المخاوف تتزايد وفق -المراقبين- في ظل تحركات خلاياه النائمة ونشاطاتها الأخيرة في مناطق مختلفة من سوريا، وسط اتهامات أحزاب ومكونات عراقية وسورية لواشنطن بدعم التنظيم الإرهابي بشكل كبير على الحدود السورية العراقية.
وتزداد تلك المخاوف جراء ما تشهده الساحة السورية من تقاعس وتغافل حكام سوريا الجدد والتحالف الدولي لما يسمى بمحاربة “داعش” في مواجهة تمدد “داعش”، حيث تعمل قوات محلية محدودة بقيادة “قسد” على مراقبة الوضع عن كثب، مع تعزيز العمليات الأمنية ضد الخلايا النشطة للتنظيم.
ويمكن القول إن توسع تنظيم “داعش” في البادية السورية يسلط الضوء على التحديات الأمنية المعقدة التي تواجه سوريا والمنطقة بأسرها، خاصة أن الطبيعة الجغرافية للبادية تمثل عاملًا مساعدًا للتنظيم، وكذا تقاعس التحركات المحلية والدولية لمواجهته والحد من قدراته ومنعه من إعادة تشكيل تهديد واسع النطاق.
كما يمكن القول إن الوضع المقلق في البادية السورية يحتاج إلى تكاتف التكتلات المحلية وبدعم إقليمي ودولي لتعزيز العمليات الأمنية والعسكرية وتوحيد الصف السوري بعيداً عن الإملاءات الخارجية، لمنع التنظيم من استغلال بادية سوريا كمناطق نفوذ جديدة للانطلاق منها نحو مناطق جديدة في سوريا والعراق.
المصدر: وكالة الصحافة اليمنية