“مقالات“| 13 يناير 1986.. تصحيح المسار الثوري أم انقلاب مناطقي..!
أبين اليوم – خاص
ساعات قليلة تفصلنا عن الذكرى 39 للاحداث الأليمة في تاريخ شعبنا المعاصر؛ أحداث عكست مدى تفاقم الصراع المناطقي في جنوب اليمن وافضت إلى تشظي المجتمع ومازالت تداعيات تلك الأحداث تلازمنا حتى اللحظة.
تناول الكثير من قيادات تلك المرحلة الاحداث من زوايا مختلفة وحسب توجهاتهم المناطقية الضيقة وتم الدفع بوعي المجتمع نحو مبررات منافيه للواقع حيث تم تصوير ماحصل بالخلافات الايدلوجية.
إن الصراع المناطقي الذي استمر منذ الاستقلال في 67 م واوصلنا الى منعطفات خطيرة افضى إلى تدمير التجربة الثورية وأدى الى توسيع الفجوة بين المجتمع والنخبه السلطوية التي فرضت مفاهيم خاطئة بالقوة العسكرية المفرطة ضاربة بعرض الحائط كل المنجزات الثورية التي تحققت..
الأمر الذي أدى تبعاً لذلك إلى فقدان التناغم المجتمعي ونسف منظومة الفكر والوعي الذي بدأ يتشكل في أوساط المجتمع.
ولا ننسى في هذا السياق دور المؤامرات الخارجية لاستخبارات قوى الاستكبار العالمي التي عملت على اذكاء الصراع الداخلي (بين الرفاق) واصبح المجتمع غارق بين مطرقة النظام وسنديان مخططات الخارج وأصبحت القيم والمفاهيم الثورية مجرد شعارات جوفاء تستخذم لتبرير تلك الصراعات البينية وآخرها في يوم الاثنين الدامي في يناير المشؤوم.
ان التراكمات السلبية للفكر المناطقي “والذي مازال يمارس في محافظاتنا الجنوبية “قد اضرت كثيراً بالوحدة المجتمعية وافضت الى طرح رؤى جديدة بعيدة تماماً عن مفهوم الوطنية والسيادة الوطنية التي أصبحت في خبر كان وتفشت مفاهيم العماله والخيانة واصبحت القوى المتنفذة في الداخل مجرد أدوات وبيادق بيد القوى الإقليمية وقوى الاستكبار العالمي.
ان اسقاط ارهاصات مرحلة ما بعد الاستقلال الناجز في الثلاثين من نوفمبر 67 على واقعنا المعاصر مهم للغاية حتى نتمكن من الوصول إلى حلول تعيدنا الى منطقية الفكر الوطني وعدم الانجرار أكثر الى صراعات أكثر دموية تقضي على ما تبقى من قيمنا الثورية الوطنية..
فالاستمرار حسب المنهجية الحالية المناطقية وفرض سياسة المنتصر على المجتمع لن يفضي إلا إلى مزيد من التشظي والفوضى العبثية.
نتمنى ان نعمل سوياً كقوى وطنية أولاً على تقيبم المرحلة السابقة بشكل علمي ومدروس ومعالجة الاخفاقات والاختلالات التي مررنا بها من خلال إيجاد مساحة أكبر لحرية الرأي والعمل على ارساء وتثبيت مبادئ جديدة وطنية بعيداً عن التعصب المناطقي وفرض المنطق الوطني والثوري والاحتكام لمبادئ ثورة أكتوبر 63م؛
ثانياً.. وضع خارطة طريق جديدة تستند على الواقع من خلال نبذ الخلافات الماضية ووضع أسس مرنة ومتينة لقاعدة اصطفاف داخلي والعودة إلى تطبيق الثوابت الوطنية والتمسك بالسيادة الوطنية كاساس للمرحلة المقبلة.
لا نريد الاطالة والاسهاب في تحليل تلك الأحداث التي مازالت تلقي بظلالها على مجتمعنا في المحافظات الجنوبية وتعصف بمنظومة الفكر والوعي هناك ولكننا نخشى أن تتفاقم تلك الصراعات في الداخل وأن ننتقل الى مراحل صراع أكثر بشاعة ودموية من أحداث يناير المشؤوم؛
علينا ان نعمل على طي تلك الصفحة نهائياً وفي أسرع وقت لتلافي الخطر المحدق بنا وندخل في دوامة أكبر لن نتمكن بعدها من النهوض مرة اخرى.
بقلم/ سمير المسني..
محلل سياسي..