“تقرير“| مقتل “باسل الأسد“ قبل 31 عاماً والدور الغامض للسيدة الأولى.. خيوط خفية وراء انهيار سوريا..!
أبين اليوم – تقارير
تقرير/ إبراهيم القانص:
بحكم الأمر الواقع أصبحت هيئة تحرير الشام، فرع القاعدة المتطرف المعاد تشكيله، الحاكم لسوريا، وصعدت ظاهرياً كثورة، بدعم ومباركة الولايات المتحدة وكيان الاحتلال وتركيا، لكن الحقيقة أنها مجرد ذراع لوكالات استخباراتية، لم يكن صعودها عرضياً ولم يكن إضفاء الشرعية على حكمها حتمياً وإنما لأنها أداة جاء وقت استخدامها، وفق لعبة لا تتغير وإنما يتغير اللاعبون فقط، فمن كانوا بالأمس متهمين بتفجير برجي التجارة العالميين، يحكمون الآن في دمشق، فالقوى التي لاحقتهم هي نفسها التي أعادت تشكيلهم، لكن لا تزال هناك خيوط خفية خلف انهيار سوريا.
بهذا الخصوص قال الكاتب الأمريكي، جيري نولان، في مقال نشره موقع “ذا أيسلندر”، إن “انهيار سوريا هو قصة من المؤامرات والخيانة والسيادة المهدرة، وهذه القصص لم تحدث بين عشية وضحاها”، منوهاً بأن “فرار بشار الأسد إلى روسيا والصعود الصاروخي لهيئة تحرير الشام هي فقط الفصل الأخير في مسرحية طويلة، صُمّمت ببراعة لتحطيم آخر معقل للمقاومة في الشام ضد الهيمنة الصهيونية”.
ولكشف حقيقة القصة وما إذا كان انهيار سوريا حتمياً أو مدبراً، بكل تفاصيله، على يد قوى خارجية، وفساد داخلي، وحسابات استراتيجية خاطئة، أكد نولان أنه يجب تتبُّع أربعة خيوط حاسمة:
– أولها: السيدة الأولى لسوريا أسماء الأسد، التي وصفها بحصان طروادة في قناة شانيل، موضحاً أنه “لطالما تم تقديمها كرمز للحداثة والمرونة، وأنها تتمتع بالاتزان الغربي ورؤية مستقبل سوريا”، مستدركاً: “هل كانت هذه الصورة مجرد ستار دخاني؟ فأسماء ولدت في المملكة المتحدة وتلقت تعليمها هناك، ولديها خلفية في الخدمات المصرفية، ومن المستحيل تجاهل روابطها بالنخبة المالية الغربية”، مضيفاً أن “دورها الواضح في رفض الحلول الاقتصادية الروسية والصينية، حيث كان من الممكن أن تتحايل على عقوبات قيصر الساحقة، يثير أسئلة عميقة.
هل كانت وكيلة نفوذ غير متعمدة، تبتعد بسوريا بمهارة عن مستقبل متعدد الأقطاب؟ أم أن استراتيجياتها المالية، التي صيغت في أروقة النخبة المصرفية بلندن، خانت سيادة سوريا من أجل انهيار هندسة الغرب؟، مؤكداً أن “دورها لم يكن غامضاً فحسب، بل إنه أساسي لفهم سبب الانهيار”.
– الخيط الثاني هو باسل الأسد- الشقيق الأكبر لبشار- والذي وصفه بأنه “الوريث الذي لم يتمكنوا من تركه على قيد الحياة”، مشيراً إلى أن موته بحادث سيارة عام 1994م أعاد تشكيل مصير سوريا”، موضحاً أن الرئيس الأسبق حافظ الأسد أعد باسل ليكون “وريثاً قوياً، وزعيماً عسكرياً من شأنه أن يضمن بقاء سوريا ضد التدخل الغربي، فيما كان بشار على النقيض تماماً: هادئاً، وغير مجرب، ومرناً”، مرجحاً أن وفاة باسل لم تكن عرضية، بل ضربة متعمدةً من المخابرات الأجنبية لإفساح الطريق لبشار”، كونه الأكثر عرضة للتلاعب..
مؤكداً أن “التباين بين الشقيقين كان صارخاً، حيث مثّل باسل الاستمرارية والمقاومة، بينما أصبح بشار شخصية إصلاحية، وفي الأيام الأولى كان متقرباً من المخابرات الغربية”.
– أما الخيط الثالث فهو روسيا والصين، اللتان قال إنهما شرايين الحياة التي رفضتها سوريا، موضحاً أنه “مع انهيار الاقتصاد السوري تحت عقوبات قانون قيصر، مدت روسيا والصين أيديهما، كجزء من استراتيجية أوسع لسحب سوريا إلى النظام المتعدد الأقطاب، حيث عرضت روسيا صفقات التنقيب عن النفط، والاستثمار في البنية التحتية، وميناء طرطوس الحديث، بينما دعتها الصين إلى الانضمام لمبادرة الحزام والطريق، وهي فرصة لإعادة بناء اقتصادها.
ومع ذلك تردد نظام الأسد، ما أدى في النهاية إلى تضييع هذه الفرص”، مؤكداً أن الأسد عزز بتردده عزلة سوريا الاقتصادية، سواء بسبب الخوف من الاعتماد المفرط على موسكو وبكين، أو ضغوط المخابرات الغربية لتجنب التعمق مع حلفاء سوريا الشرقيين، أو الفساد وسوء الإدارة، حسب قوله.
– الفساد الداخلي، الخيط الرابع الذي عنونه نولان بالدولة التي التهمت نفسها، قائلاً: إنه “في حين كانت القوى الأجنبية تسحب خيوطها، كان انهيار سوريا أيضاً عملاً داخلياً، فنظام الأسد، بفعل عقود من الفساد، كان يتأرجح قبل فترة طويلة من الحرب”..
مضيفاً أن “أموال الدولة المخصصة لإعادة الإعمار التهمها الموالون للنظام، فانهار الحكم الأساسي تحت وطأة حكم اللصوص، حتى الاستثمارات الروسية والصينية كافحت للبقاء في تلك البيئة السامة”، لافتاً إلى أن “قانون قيصر ربما يكون قد شدد الخناق، لكن النظام نفسه هو الذي نصب المشنقة”.
وخلص إلى أن “انهيار سوريا لم يكن نتيجة للقنابل والرصاص، بل كان تتويجاً لعقود من الخيانة وسوء الإدارة والمراوغة”، موضحاً أن “الدور الغامض الذي لعبته أسماء الأسد، ومقتل باسل، ورفض التوجه للأقطاب المتعددة، وتراكم الفساد الداخلي، تشير إلى قصة أكبر من مجرد هزيمة عسكرية”..
مؤكداً أن نسج هذه الخيوط معاً، يكشف عن أمة تم تفريغها عمداً من الداخل وتفكيكها استراتيجياً، ليتم الآن تسليم سوريا على طبق من فضة”.
YNP