“مقالات“| صوت الحق الذي لا يُخمَد..!
أبين اليوم – مقالات
في زوايا الليل الحالكة، حين يعمّ السكون وتغلق الأبواب، يتردد صوت الحق في صدور المقهورين.
إنه الصوت الذي يتجاوز حدود الزمان والمكان، هتاف الأم التي احترقت روحها على غياب فلذة كبدها، ودموعها التي جفت من فرط البكاء، وكأنها صرخة صامتة لا تسمعها إلا السماء.
إنه أنين الأب الذي تكسرت أحلامه على صخرة الظلم، يجلس في عتمة الليل متكئًا على جدار متهالك، يحضن قلبه الذي أثقله الأسى، ويمسح وجناته التي شقتها دموع لا تجف.
وفي ركن صغير، هناك طفل صغير، لا يدرك معنى الفقد كما ندركه، لكنه يشعر به في كل زفرة. ينادي أباه في أحلامه، يركض نحوه بذراعين مفتوحتين، لكن الظلام يبتلعه في كل مرة. صراخه يمزج بين ألم الفقد وحنين اللقاء، وكأنه يريد أن يقول للعالم: “أين هو؟ لماذا ذهب؟ متى سيعود؟”
لكن، في هذا المشهد الذي يغرق في الحزن، لا يزال صوت الحق حيًا. يحاول الظالمون قمعه بكل ما أوتوا من بطش وجبروت، لكنهم لا يدركون أن القمع لا يقتل الحق، بل يزيده قوةً وصلابة. فهؤلاء الذين يعيشون في ظلال الحزن هم أنفسهم من يحملون راية الحق، بأيديهم المرتجفة وقلوبهم المكلومة.
وكل دمعة سقطت من عين أم، كل تنهيدة خرجت من صدر أب، كل صرخة أطلقها طفل مكلوم، تتحول إلى نار مشتعلة في قلوب هؤلاء المظلومين. فهم يدركون أنهم ليسوا وحدهم، وأن صوت الحق مهما حاولوا إخماده، سيظل يتردد في الآفاق، يدوي في أرجاء الأرض، ويضيء دروب الأمل للمستقبل يتحرر من الغزاة واتباعهم.
ربما يعيش هؤلاء بيننا الآن، محاطين بألمهم، لكنهم ليسوا ضعفاء. هم الشموع التي تحترق لتنير ظلمات القهر والاستبداد، فهم الجنود المجهولون الذين يعلمون أن الطريق طويل وشاق، لكنه يستحق التضحية. فالقمع مهما اشتد لن يسلبهم إيمانهم، ولن يكسر عزيمتهم، لأنهم أصحاب حق، والحق لا يموت، حتى وإن خنقه الظلام مؤقتًا.
وفي نهاية المطاف، سينتصر صوت الحق، وسيعود الغائب، وستجف دموع الأمهات، وسيبتسم الأطفال مرة أخرى، لكن ذلك اليوم سيأتي فقط لأنهم لم يستسلموا أبدًا. لم يستسلموا حتى رحل المحتل واذياله..
#الحرية_للمعتقلين
#الحرية_للشيخ_عبدالولي_الصبيحي