عطوان: محكمة الجنايات الدولية تصنف نتنياهو في خانة هتلر وتدين “ساميته” النازية.. وتوجه رسالة قوية لامريكا وعرب التطبيع او من ينتظرونه..!

6٬904

أبين اليوم – مقالات وتحليلات 

تحليل/ عبدالباري عطوان:

مذكرتا الاعتقال اللتان أصدرتهما محكمة الجنايات الدولية اليوم باعتقال بنيامين نتنياهو رئيس وزراء دولة الاحتلال ووزير حربه يواف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية خلال حرب الابادة في قطاع غزة، خطوة شجاعة يعود الفضل الأكبر فيها لرئيسها القاضي كريم خان الذي لم يرضخ لكل التهديدات والضغوط الأمريكية والصهيونية الجبارة وحملات الابتزاز القانوني والأخلاقي، ومضى قدما في إصدار المذكرتين في أسرع وقت ممكن.

نتنياهو بات الآن السياسي ورئيس الوزراء الوحيد الذي جرى تجريمه بالجرائم نفسها التي ارتكبها ادولف هتلر، وباتت إسرائيل الدولة التي يترأس حكومتها تتساوى مع ألمانيا النازية، ان لم تكن قد تفوقت عليها، ومن مثل محكمة أسسها حلفائها وداعميها في الغرب لاعتبارها ممثلاً لهم و”حضارتهم”.

قرار المحكمة كان واضحاً ومستنداً الى القواعد القانونية الدولية حرفياً وليس الاعتبارات السياسية، فأهم جريمة ارتكبها نتنياهو وفق ما جاء في المذكرة ولم توجه لهتلر، استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وتوجيه هجمات متعمدة ضد المدنيين، ومنع وصول الإعانات الإنسانية، والأدوية للمحاصرين المجوعين، وللمستشفيات حتى ان الأطباء فيها اضطروا لإجراء عمليات للأطفال الجرحى دون تخدير.

هاتان المذكرتان تؤرخان بداية الانهيار لأساليب الهيمنة، والغطرسة، والابتزاز الصهيوني للعالم ومؤسساته الدولية، وتمزيق كل الأقنعة عن الوجه الصهيوني الاجرامي البشع المتعطش لسفك الدماء، واغتصاب أراضي الغير، وبدعم وحماية من يدعون انهم حماة حقوق الانسان والكرامة والإنسانية.

ادانة حرب الإبادة الاسرائيلية في قطاع غزة من قبل محكمة الجنايات الدولية هو ادانة أيضاً للولايات المتحدة الأمريكية، وجميع الدول الأوروبية التي وفرت أدوات القتل والابادة لإسرائيل ومجازرها في قطاع غزة ولبنان، كما وفروا الغطاء لها باعتبارها حق الدفاع عن النفس في تواطؤ فاجر لقتل اكثر من 50 الفا معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود معظمهم تحت الأنقاض، وتدمير 95 بالمئة من القطاع.

قرار المحكمة الجريء الشجاع سيهبط برداً وسلاماً على قلوب الشهداء من أبناء قطاع غزة والضفة ولبنان واليمن، لأنه جاء قصاصاً من مجرمي الحرب الذين اعتبروا أنفسهم فوق جميع القوانين الوضعية والدولية والالهية.

بنيامين نتنياهو سيعيش ما تبقى من حياته، هذا اذا لم يتم اغتياله في الأسابيع والاشهر القليلة المقبلة، سواء على يد رجال المقاومة، او برصاص الذين ضللهم وتسبب في نزوحهم او قتل أبناءهم، سيقضي ما تبقى من حياته مطارداً مرعوباً خائفاً من الاعتقال، او خلف قضبان محكمة الجنايات الدولية مثل المجرم الصربي راتكو ملاديتش، ولا ننسى في هذه العجالة انه لم يعد الى بيته في قيساريا منذ وصول صاروخ حزب الله الى غرفة نومه، وبات يعيش في ملجأ محصن على عمق 70 متراً تحت الأرض.

هذا القرار سيكون صدمة وإدانة ودرساً وصفعة، لكل القادة العرب وحوارييهم الذين طبعوا العلاقات مع مجرم الحرب المدان نتنياهو، او الآخرين الذين يقفون في طابور التطبيع ويتطلعون الى مصافحته واحتضانه بحرارة مثلما فعل السابقون.. احتضان مجرم حرب وضد الانسانية وقاتل الأطفال؟

انها قمة المسخرة ان تعتبر الحكومة والمعارضة في دولة الاحتلال “الحضارية” قرار المحكمة “معاد للسامية”، ووصمة عار في تاريخ المحكمة، فالعار هو جرائم الإبادة والتطهير العرقي وقتل الأطفال جوعاً، فـ”السامية” المزورة التي يختبئون خلفها هي التي تتباهى بجرائم الحرب، والابادة والقتل، ولهذا نقول مبروكة عليكم، بعد ان أصبحت تصنف في قائمة النازية والابادة الجماعية، وبضاعتكم ردت اليكم.

ختاماً ننحني احتراماً وتقديراً للقاضي خان وزملائه في المحكمة الجنائية الدولية الذين انتصروا للعدالة وللإنسانية وللشهداء الأبرياء، او لمن تبقى على قيد الحياة من ذويهم في القطاع المنكوب الذين خذلتهم الإنسانية ومعظم أبناء عقيدتهم، وتركوهم يواجهون الموت شهادة، ويرفضون الاستماع، مجرد الاستماع لنداءات إنقاذهم، وكأنهم من كوكب آخر.

حاولوا تشويه صورة القاضي خان وابتزازه، بتلفيق تهم بالتحرش والاغتصاب، ولكنه كان فارساً في صموده، وانتصاره للمستضعفين الذين يواجهون الموت جوعاً أو بصواريخ المجرمين المدانين، انه فخر للإنسانية، وليس للعقيدة الإسلامية التي ينتمي لها فقط.. فتحية من القلب له من مواطن فلسطين عربي لاجئ يعتبر كل الضحايا والشهداء والمصابين، والمدمرة منازلهم في فلسطين ولبنان واليمن أهله وعشيرته، ويقف في خندق العدالة والإنسانية مثله، انه رجل في زمن ساد فيه أشباه الرجال وحكمهم.

 

المصدر: رأي اليوم

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com