“تقرير“| تأخير دفعة من المنحة السعودية: حكومة عدن تصارع انهيار العملة..!
أبين اليوم – خاص
تقرير/ رشيد الحداد:
تعيش الحكومة الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي في مدينة عدن، حالة إرباك غير مسبوقة، جرّاء استمرار انهيار سعر صرف العملة المحلية المتداولة في مناطق سيطرتها منذ أسابيع، وفشلها في إقناع حلفائها السعوديين والإماراتيين، وكذلك أمريكا وبريطانيا، بمساعدتها بشكل عاجل لوقف الانهيار الاقتصادي الذي يهدّد ما تبقّى من استقرار معيشي في المحافظات الجنوبية.
ووجدت تلك الحكومة، التي كانت وعدت باتخاذ إجراءات تحول دون استمرار الانهيار بعد تجاوز سعر صرف الدولار الواحد 2070 ريالاً – مقابل استقرار سعر العملة المتداولة في مناطق سيطرة صنعاء عند 530 ريالاً للدولار – نفسها وحيدة في مواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية، لعدم امتلاكها الوسائل والإمكانات الكفيلة باحتواء الأزمة التي أثارت سخط الشارع الجنوبي عليها.
وأرجعت مصادر مقرّبة من حكومة عدن، حالة الإرباك الحكومي، إلى تأخير السعودية الدفعة الرابعة البالغة 200 مليون دولار من المنحة المقدّمة لدعم العملة – والمقدّرة بنحو 1.2 مليار دولار – والتي كان من المتوقّع تسليمها الشهر الماضي..
إضافة إلى فشل الجهود التي بذلتها الحكومة للحصول على أي دعم اقتصادي من كل من بريطانيا والولايات المتحدة. واعتبرت المصادر أن “فرض الحوثيين حالة القوة القاهرة على تصدير النفط من موانئ حضرموت منذ 30 شهراً، أدّى إلى حرمان الدولة من 6 مليارات دولار من عائدات النفط الخام”.
وتوقّعت عدم تمكن الحكومة من الوفاء بالتزاماتها بصرف مرتّبات الموظفين وتقديم الخدمات، في حال عدم تلقّيها دعماً خارجياً على المدى القصير.
ومن بين أسباب انهيار العملة، بحسب المصادر، فشل البنك المركزي في عدن في نقل مراكز البنوك التجارية من الشمال إلى الجنوب، واستمرار تقاسم الميليشيات المسلّحة الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي نحو 65% من إيرادات الحكومة بالقوة، وفشل السياسات النقدية في الحد من العرض النقدي الواسع الذي تشهده الأسواق في المحافظات الجنوبية، جرّاء خروج نحو 70% من الكتلة النقدية عن القنوات المصرفية الرسمية، فضلاً عن استمرار حكومة عدن في صرف إعاشات مالية ضخمة لكبار موظفيها، تتجاوز 1.2مليار دولار في السنة.
وكان رئيس الحكومة الموالية للتحالف، أحمد بن مبارك، أرجع، في تصريحات أخيراً، حالة الانهيار إلى سياسات وإجراءات حركة “أنصار الله”.
زادت المخاوف من تداعيات الأزمة بعد تصاعد الاحتجاجات والتلويح بثورة شعبية:
وعلى رغم التزام “المجلس الرئاسي”، الأسبوع الماضي، باحتواء انهيار سعر صرف العملة، إلا أن تلك الالتزامات بدت موجّهة لامتصاص غضب الشارع الجنوبي، الذي شهد عدداً من الاحتجاجات، امتدّت من حضرموت وحتى تعز ومحافظة أبين جنوب البلاد.
وزادت المخاوف من تداعيات الأزمة بعد توسّع تلك الاحتجاجات، وتلويح ما تُسمى “حركة الجياع” بثورة شعبية تطال كل المحافظات الجنوبية، ولا سيما مع ارتفاع أسعار الغذاء والخدمات، وتراجع دخل الأسرة اليمنية إلى معدلات غير مسبوقة في تاريخ اليمن.
ويقدّر مصدر اقتصادي في عدن، ذلك التراجع بنسبة 70%، مؤكداً أن عجز الموازنة المتفاقم ساهم في تعقيد المشكلة الاقتصادية التي لم تعد ناتجة من تراجع الاحتياطات الأجنبية للبنك في عدن، بل إن هناك أزمة سيولة يعانيها الأخير نتيجة خروج إيرادات الدولة عن سيطرة الحكومة.
وانعكست الأزمة بشكل حادّ على الخدمات العامة التي تقدّمها الحكومة الموالية للتحالف، وخاصة الكهرباء، حيث عجزت عن تمويل محطات الطاقة في المدينة بالوقود، ما أدّى إلى عودة الانطفاءات لساعات طويلة في اليوم. وكان “المجلس الرئاسي” قد طرق أبواب الكويت وقطر أملاً في الحصول على دعم مالي، لكن توجه بن مبارك نحو الدوحة، منتصف العام الجاري، أغضب الرياض، ودفعها إلى وقف العديد من التسهيلات التي كانت تقدّمها، وحصر الدعم المالي بتمويل برنامج إعادة الإعمار السعودي الذي يرأسه سفير المملكة في اليمن، محمد آل جابر.
وفي هذا الإطار، حذّرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو”، في نشرتها الخاصة بالسوق والتجارة في اليمن لشهر تشرين الأول الفائت، من انعكاسات الانهيار الاقتصادي في المحافظات الجنوبية على الملف الإنساني، وأكّدت أن قيمة العملة المحلية في مناطق الحكومة في عدن انخفضت بنسبة 25% على أساس سنوي، و36% مقارنة بمتوسط السنوات الثلاث الماضية، لافتة إلى أن الريال اليمني في مناطق سيطرة صنعاء بقي مستقراً نسبياً خلال العام الجاري، وارتفعت قيمته الشرائية بنسبة 6% مقابل الدولار، مقارنة بمتوسط السنوات الثلاث.