“تحليل“| أهلاً بكم في المسافة صفر.. في الميدان تكرم الجيوش أو تهان..!
أبين اليوم – تحليل
تحليل/د. ميخائيل عوض
“إنها حرب وجود سيخرج منها منتصر ومهزوم والمنتصر يسود والمهزوم يغيب طويلاً.“
هكذا وصفها الاسرائيلي وزاد السيد حسن نصرالله وقال؛ انها مصيرية وطويلة وادخلتنا مرحلة تجاوز وظيفة الاسناد والاشغال واعلنها حزب الله تحت عنوان؛ الحساب المفتوح.
بالإضافة الى توصيفها دقت أبواب السنة وشهدت تدميراً وقتلاً ووحدة ساحات ووحدة جبهات غير مسبوقة وامتدت الى البحار والممرات واتخذت صفة الاقليمية بالاشتباك مع ايران وانخراط امريكا والاطلسي بل العالم الانجلو ساكسوني برمته واذنابه.
ويصفها العارفون بأنها مسرح من مسارح الحرب العالمية ونحن نزيد بل الحرب العالمية العظمى الجارية وهي عظمى لأنها ستسرع ولادة العالم الجديد وليس النظام العالمي فحسب.
المسافة صفر سر النصر:
في تاريخ الحروب بين حركات الشعوب التحررية والقوى الباغية والاستعمارية شكلت المسافة صفر مفتاح التحولات وسر النصر.
في فيتنام التي هزمت امبراطوريتين في عز قوتهما وليس في مرحلة الشيخوخة فرنسا وامريكا سميت المسافة صفر بتكتيك مسك العدو من الحزام. في الحرب العالمية الثانية كان لقوات الانصار وحرب العصابات الثورية دور محوري وكان المسرح والميدان المسافة صفر وكذلك الجزائر وكوبا واليمن وحيث كانت مقاومة وحرب انصار فالمسافة صفر المفتاح الذهبي والسر المعروف.
ماوتستونغ منظر حرب العصابات الثورية ركز على المسافة صفر:
في الحروب العربية الإسرائيلية ومع امريكا والناتو أيضاً المسافة صفر ففيها هزمت امريكا في افغانستان والعراق وقبلها الاتحاد السوفيتي.
في معركة الكرامة ١٩٦٨ هزم الجيش الاسرائيلي في الأردن من المسافة صفر وفي لبنان ١٩٧٩ و١٩٧١ في فتح لاند وكفر شوبا وكفر كلا تلقى الجيش الاسرائيلي هزائم بالمسافة صفر وفي غزة هزمت اسرائيل ٢٠٠٥ من المسافة صفر وخرج الجيش الاسرائيلي ورأسه بين فخذيه من لبنان بسبب المسافة صفر وكذا كانت هزيمته في بنت جبيل وعيناتا ومارون الراس وسهل الخيام بفعالية المسافة صفر ٢٠٠٦.
أملنا ورجونا وكتبنا وقلنا يا رجال ليس لكم الا المسافة صفر وتكتيكاتها التي عرفتموها جيداً منذ ١٩٨٧ في عملية بدر الكبرى التي شكلت نقلة نوعية هائلة في عمل المقاومة. ويومها كتبنا مقالاً تحت عنوان؛ المقاومة الإسلامية فتح استراتيجي في الصراع العربي الصهيوني وكان المقال سبباً في معرفتنا وحوارتنا المطولة مع السيد حسن نصرالله وكان يومها قائداً في المقاومة واكتشفنا فيه قائداً فذاً واسطورياً من اللحظة الأولى وانبأنا رفاق مازالوا أحياء بأن عند المقاومة شاب لامع الذهن حاد الذكاء واسع المعرفة سيكون له شأناً عظيماً.
لأسباب نجهلها وربما محقة لم يستجاب لنداءاتنا ورجاءانا ولفتنا الانتباه الى المسافة صفر وأهمية تفعيلها وسوق العدو إليها لملاعبته على ارض المقاومة وبتكتيكاتها وحيث يكون تفوقها الساحق ولا تفيده الذراع الطويلة والقدرة التدميرية ولا حرب الاغتيالات والحرب السرية وينتزع النصر.
حاجات الأزمنة ومنطق التطورات:
ذكاء الظرف الموضوعي وربما حاجات الأزمنة والجغرافية ومنطق التطورات والتحولات دفعت بنتنياهو لارتكاب خطيئته القاتلة وعنجهيته وأوهامه وربما ساقتهالاقدار الى كمائن المسافة صفر فقرر بغباء وبلطجة وبأوهام الاعتداد بالنفس الى زج جيشه في معارك المسافة صفر وهذه النتائج كما ترون لا ما تسمعون.
اما بعد:
فالمسافة صفر فرضت نفسها عنوة وبلا استئذان أو إنتظار ومن خارج استراتيجيات الصبر والبصيرة والصبر الاستراتيجي وفرضت منطقها والحاجة اليها وكشفت عن فوائدها وجدواها.
قد ينكفأ نتنياهو ان أصابته الصحوة وعاد الى رشده ويسعى للخروج من المسافة صفر حيث مقتلة جيشه وكسر اذرعه الباقية ودفن اخر واي من عناصر قوة اسرائيل الباقية.
يصير السؤال؛ وفاءً للقائد الفذ والاستثنائي وتأميناً لوعده وتحقيقاً لغايته بالصلاة في الأقصى… هل يستمر الساعون الى إحدى الحسنيين في الاستثمار بالمسافة صفر.
المسافة صفر؛ ان يأتي إليك العدو بقدميه ويقع في الكمائن وهي أيضاً ان تذهب إليه وتوقعه بالكمائن وتفرض عليه المواجهة المباشرة ومن المسافة صفر.
كما هي مقتلة الجيش الاسرائيلي وكاسرة العنجهية والبلطجة واسقاط آخر واي من عناصر قوته الباقية فهي الخطوة الأولى في مسار التحرير.
إنها حرب مصير ووجود وخاتمتها نصر تاريخي وهزيمة ساحقة ومفتاح النصر فيها المسافة صفير والميدان يحدثكم عنها. فما ترون لا ما تسمعون والله ولي الامر والتدبير.
– كاتب ومحلل سياسي لبناني