عطوان: الرّد على الاغتيالات الإسرائيليّة للشّهيدين هنية وشكر يُطبَخ على نارٍ مُلتهبة وقد ينضج خلال السّاعات المُقبلة والسُّؤال: هل سيكون ثُنائيًّا أمْ ثُلاثيًّا أمْ خُماسيًّا؟ وما هي الأهداف المُحتملة؟ ولماذا نُطالب محور المُقاومة الحذر من الوُسطاء العرب الذين تُرسلهم واشنطن للتّهدئة..!

6٬921

أبين اليوم – مقالات وتحليلات 

تحليل/ عبدالباري عطوان:

الهُجوم الثّأري لمحور المُقاومة على دولة الاحتلال الإسرائيلي وأهداف نوعيّة في عُمقها باتَ مؤكدًا وفي أيّ لحظة، وهُناك عدد من الأسئلة مطروحة حاليًّا، أبرزها هي هل سيكون ثُنائيًّا، أمْ ثُلاثيًّا، أمْ خُماسيًّا، وما هي نوعيّة الأهداف التي ستنهال الصّواريخ والمُسيّرات الانغماسيّة عليها، وهل ستكون أهدافًا عسكريّة محضة، أمْ مزيجًا من العسكريّة والمدنيّة معًا؟

الذين كانوا يُشكّكون دائمًا في نوايا وقُدرات محور المُقاومة، وإيران تحديدًا على الرّد، ويُردّدون بطربٍ وغُرور وثقة العبارة التي تقول سيأتي الرّد في الزّمان والمكان المُلائمين، سيأكلون أصابع أيديهم ندمًا، وقد يتوارون عن الأنظار لأنّ “إسرائيل” الذين تغنّوا بحُروبها الدمويّة، وبراعة أجهزة استِخباراتها في إدارة وتنفيذ الاغتِيالات لرُموز المُقاومة تعيش حاليًّا رُعب انتظار الضّربة التي ستكون مُؤلمة جدًّا وغير مسبوقة في ضخامة نتائجها بشريًّا وماديًّا ومعنويًّا.

كُلّ المؤشرّات تُؤكّد أنّ الرّد سيكون جماعيًّا وسيأتي حتمًا من خمس جبهات، أوّلها الجبهة الإيرانيّة التي ستتحوّل إلى دولة مُواجهة، ورأس حربة رئيسي في تنفيذ عمليّة الانتقام، فدولة الاحتلال ارتكبت الخطأ الأكبر مُنذ قيامها، عندما أقدمت على اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في قلبِ طِهران مُتعمّدة، ماسّةً بذلك شرف إيران، وهيبتها الوطنيّة، وانتهاك سيادتها وضرب أمنها في مقتل.

الغطرسة الإسرائيليّة ستُوقع كيانها في مُواجهةٍ مصيريّةٍ وجوديّةٍ قد لا تقوم لها قائمة بعدها، فنتنياهو وعصابته أساءوا التّقدير وارتكبوا خطأ مصيريًّا في تقدير الموقف، واعتقدوا أنّ محور المُقاومة سيبتلع هذه الإهانات ولن يرد، وأنّ ردّه سيأتي محدودًا، ودون خسائر على غرار هُجوم “الوعد الصّادق” الذي كانَ مُجرّد رسالة تحذير لا أكثر ولا أقل.

جميع حُروب الكيان الإسرائيلي السّابقة كانت ضدّ جُيوش عربيّة غير مُؤهّلة لخوضِ الحُروب، وانحسرت مهامها في الاستعراضات المسرحيّة، وباتت كديكور، وكانت جميع صفقات تسليحها التي تجاوزت مِئات المِليارات من الدّولارات إمّا جزية لأمريكا، أو من أجل العُمولات للقادة وشركات أبنائهم والدّائرة المُصغّرة حولهم، هُناك ثلاثة استِثناءات تشذّ عن هذه القاعدة، الأولى حرب تمّوز (يوليو) ضدّ “حزب الله” عام 2006، والثانية “طُوفان الأقصى”، والثّالثة حرب اليمن، ونأمَل أن تكون الحرب المُفترضة مع إيران والقادمة هي الرّابعة.

لا نعرف ما هي الأهداف التي ستقصفها الهجمات المُحتملة في العُمُق الإسرائيلي، ولكن ما يُمكن قراءته في ما بين سُطور البيانات والتّصريحات لقادة محور المُقاومة حول عمليتيّ الشّهيدين إسماعيل هنية في طِهران، وفؤاد شكر في الضّاحية الجنوبيّة في بيروت، مجموعة من النّقاط الرئيسيّة في هذا الشّأن:

الأولى: عقد البرلمان الإيراني جلسة طائرة لبحث الرّد المُتوقّع، وبحُضور قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني يُوحي بأنّ إيران تبحث ردًّا محدودًا على إهانة اغتيال الشّهيد هنية على أرضها، ربّما يُؤدّي إلى حربٍ شاملة مع دولة الاحتلال وأمريكا.

الثانية: السيّد حسن نصر الله أمين عام “حزب الله” عندما يقول إنّ إسرائيل اخترقت كُلّ الخُطوط الحمراء باغتيالها رئيس هيئة أركان الحزب الحاج شكر، وأنّ عليها أنْ تفرح قليلًا لأنّها ستبكي كثيرًا، فهذا حديثٌ هو الأوّل من نوعه، ويُوحي بأنّ أهدافًا مدنيّة مِثل المطارات والموانئ (حيفا وأسدود)، ومحطّات الماء والكهرباء ربّما تكون أحد أبرز البُنى التحتيّة الموضوعة على قائمة الرّد القادم والوشيك.

الثالثة: تنفيذ عمليّة فدائيّة في قلب تل أبيب اليوم، ومقتل مُستوطنين طعنًا، ربّما هي البداية لانضمام عرب المناطق المُحتلّة عام 1948 إلى “طُوفان الأقصى”، ووحدة السّاحات جنبًا إلى جنب مع قطاع غزة والضفّة الغربيّة.

الرّابعة: الرّد اليمني على قصف طائرات إسرائيليّة لميناء الحديدة ردًّا على اختراق مُسيّرة انغماسيّة يمنيّة الرّادارات الإسرائيليّة، وانفجارها في أهم الشّوارع في قلب تل أبيب، وعلى بُعد أمتار من السّفارة الأمريكيّة، هذا الرّد ربّما تأخّر بسبب الحِرص على الإعداد الجيّد له، ولا نستبعد أن يكون ضخمًا تُشارك فيه العديد من الصّواريخ الباليستيّة المُجهّزة برؤوسٍ حربيّة يزيد وزن الواحِد منها عن 500 كيلوغرام، ويَبْلُغ مدى بعضها أكثر من 2500 كيلومترًا، إلى جانب مُسيّرات انغماسيّة أكثر سرعة، وقُدرات تدميريّة أكبر لم تنزل إلى الميدان بعد.

الخامسة: الأمر المُؤكّد أن حركات المُقاومة الإسلاميّة في قطاع غزة وكتائبها ستُشارك في الانتقام الجماعي، فهي أُسرة الشّهيد اللّزم ولا بُدّ أن هُناك خطط لها للثّأر لشهيدها ستُزلزل الأرض تحت أقدام الإسرائيليين، وعلينا أن لا ننس أن المُجاهد السنوار ومُساعدوه هم الذين خطّطوا ونفّذوا أكبر إعجاز عسكري في تاريخ الأُمّة العربيّة الحديث الذي يحمل اسم “طُوفان الأقصى”.

السّادسة: لا يجب نسيان كتائب المُقاومة الإسلاميّة العِراقيّة ودورها القادم والمُباشر في الرّد الجماعي المُحتمل، فهذه الكتائب التي قصفت القواعد الأمريكيّة في العِراق وسورية، وأرسلت الصّواريخ إلى أم الرّشراش (إيلات)، ومينائيّ حيفا وأسدود، لن تقف مكتوفة الأذرع، وتكون مُتفرّجة في هذه المُواجهة التاريخيّة، ولا نستبعد مُشاركتها بدورٍ مُباشر، واقتِحامها حُدود الأردن للوصول إلى حُدود دولة الاحتلال.

السّاعات المُقبلة حرجة ومُرعبة بالنّسبة للعدوّ الإسرائيلي، لأنّ الصّواريخ و”الهَداهِد” الانغماسيّة قادمة حتمًا، ومحور المُقاومة ينتقل من دورِ “المُساند” إلى دورِ “المُشارك” مُباشرة في “طُوفان الأقصى” انتصارًا لشُهداء غزة، وتمهيدًا لتحرير الأرض الفِلسطينيّة، كُلّ الأرض الفِلسطينيّة، وليس تحريكًا للأجواء للوصولِ إلى حلٍّ انهزاميٍّ مِثل حل الدّولتين.

إرسال أمريكا حاملات لم يُخِفْ أبو يمن، ويُوقف هيمنته على ثلاثة بحار ومُحيط (البحرين العربي والأحمر والبحر الأبيض المتوسّط والمُحيط الهندي)، وإنهاء قنصه للسّفن التجاريّة والحربيّة الأمريكيّة والإسرائيليّة، والأمر المُؤكّد أنّها لن تُرهب محور المُقاومة وأذرعه، أو يُوقف مُخطّطاته الانتقاميّة من دولة الاحتلال، ونتمنّى على إيران ودول المحور وأذرعه الحذر من الوُسطاء العرب الذين تُحرّكهم واشنطن بالرّيموت كُونترول.

إسرائيل وأمريكا يجب أنْ يدفَعا ثمنًا باهظًا لحُروب الإبادة، وسفك دماء أبناء فِلسطين ولبنان واليمن، الأولى لأنّها ارتكبتها، والثّانية لأنها أعطتها الضّوء الأخضر ووفّرت لها الحِماية.. وقد دقّت السّاعة، أو هكذا نأمَل.. والأيّام بيننا.

المصدر: رأي اليوم

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com