صحيفة روسية: اليمنيون في الشرق الأوسط يلعبون “لعبة“ عالمية..!
أبين اليوم – موسكو
ترجمة:
كتب ستانيسلاف تاراسوف في صحيفة آيا ريكس مقالا: حول تأثير اليمن في البحر الأحمر وقدرتهم على التصدي للدول العظمى، وجاء في المقال:
إن التحالف البحري الذي شكلته الولايات المتحدة لا ينقذ أحد أهم طرق التجارة البحرية من هجمات اليمن، وقد قامت العديد من أكبر شركات الخدمات اللوجستية والطاقة بالفعل بمنع عبور البضائع عبر البحر الأحمر، وأدى اشتداد الأزمة بالفعل إلى زيادة حادة في تكلفة نقل البضائع وقد يؤدي في المستقبل إلى زيادة أسعار البضائع في جميع أنحاء العالم.
ولكن هذا ليس سوى جزء واحد من المشكلة، التي كتبها معظمها، أو بالأحرى، وصفها العديد من الخبراء، ولكن جوهرها الثاني هو أنه بالنسبة لمعظم الخبراء، كان دخول أنصار الله (اليمن) إلى المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط بصفتهم الحالية غير متوقع، واعتادوا أن يوصفوا، وغالباً ما يستمر وصفهم، بأنهم قوة تقاتل الحكومة اليمنية منذ أكثر من عقد من الزمن، والتي تتصاعد داخل وخارج السلام الهش..
لكن في الوقت نفسه، وعلى الرغم من الدعم العسكري الذي تقدمه السعودية للحكومة الشرعية في اليمن، إلا أنها سيطرت على المناطق الشمالية الغربية والغربية من البلاد، وعندما انضمت الأجزاء الأكثر استعدادًا للقتال من القوات المسلحة اليمنية إلى جانبهم، بدأوا في السيطرة على الشحن في الجزء الجنوبي من البحر الأحمر وفي خليج عدن، وبعد ذلك، كان يُنظر إليهم على أنهم مجرد قوة إقليمية ملحوظة.
ونتيجة لذلك، تمكن اليمنيين فعلياً من فرض حصار بحري دون أن يكون لديهم قوة بحرية كبيرة، والآن تمتلك القيادة اليمنية صواريخ باليستية قصيرة ومتوسطة المدى وصواريخ كروز ذات نصف قطر، تصل إلى ألفي كيلومتر، ولهذا يدعي القيادة اليمنية أن هذا هو ميزة مجمعهم الصناعي العسكري، على الرغم من أن هذا لا يؤدي إلا إلى تشديد عقدة المؤامرات، وخاصة الآن، عند إستخدام الوضع في غزة، ولديهم الفرصة حتى الآن للتأثير بشكل غير مباشر على كل من إسرائيل والولايات المتحدة.
وأطلقت اليمن النار على كل سفينة إسرائيلية تقريبًا تمر عبر البحر الأحمر، فأدى ذلك إلى انهيار مبيعات الميناء الإسرائيلي الوحيد على البحر الأحمر بنسبة 85٪ وكان له تأثير مدمر على توريد البضائع إلى البلاد، ويعتمد اقتصاد إسرائيل على النقل البحري، وقال جدعون جولبر الرئيس التنفيذي لميناء إيلات لرويترز إن ما يحدث لحركة السفن “قد يكون علامة على وجود مشاكل في الموانئ الإسرائيلية الرئيسية على ساحل البحر الأبيض المتوسط”.
دعونا نلخص الجانب الأول: الإغلاق المحتمل أو القيود الخطيرة على مرور السفن عبر قناة السويس، أحد الشرايين التجارية الرئيسية على هذا الكوكب – الجانب الثاني: تصرفات اليمن تعيق فعلياً تنفيذ طريق النقل واللوجستيات الصيني في المنطقة “حزام واحد – طريق واحد” (نسخة بديلة عن “طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين” بمشاركة دول الخليج وإسرائيل)، ونتيجة لهذا فإن الصين تجد نفسها على وشك إتخاذ القرارات في ظل تزايد زعزعة الإستقرار الإقليمي..
ومن المهم أيضًا أن نلاحظ أنه قبل حرب إسرائيل مع حماس، اعتقدت بكين أنه في منطقة الشرق الأوسط الكبير بأكملها هناك “الدولة الوحيدة الأكثر ملاءمة للتعاون الفعال والمستقر والآمن – إسرائيل”.
وفي هذا السياق، تكتسب الإجراءات الأمريكية بحجة محاربة اليمن فروقًا دقيقة مهمة، وإذا كان البحر الأحمر يتدفق في الشمال إلى قناة السويس، ففي الجنوب “يضغط عليه” مضيق باب المندب (“بوابة الدموع”)، وفي الثمانينيات، خلال “حرب الناقلات”، عندما أغرقت إيران والعراق سفن بعضهما البعض، تمكن الأمريكيون من إبقاء المضيق تحت سيطرتهم، ولكن الآن ربما سيكون كل شيء مختلفًا.
وبكل المؤشرات، سيستمر أنصار الله في وضع فئة وزن أعلى بكثير من فئتهم، ولا تزال “كراهية” إسرائيل غطاءً عملياتيًا لمثل هذه التصرفات، وليس من قبيل الصدفة، كما كتبت صحيفة هابر التركية، أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تذكرت مسودة خطة طويلة الأمد لإنشاء قناة بن غوريون (ممر بطول 260 كيلومتراً يمتد من منطقة غزة-عسقلان إلى البحر الأحمر).
والتي لن تنافس قناة السويس فحسب وستضرب مصر ودول أخرى في الشرق الأوسط، بل «ستشكل تهديدًا للصين» أيضًا، ويلفت خبير الطاقة والجغرافيا السياسية محمد أوغوتشو الانتباه إلى “الاتفاقيات التاريخية” المبرمة بين السعودية وإسرائيل في 10 تشرين الأول/أكتوبر، ويرى أنه من الضروري الأخذ في الاعتبار الممر الاقتصادي الذي تم الإعلان عنه في قمة مجموعة العشرين في الهند، في إشارة إلى الممر من مومباي إلى الهند- أوروبا مروراً بالسعودية – دبي – إسرائيل – اليونان..
وبدوره، يكتب الخبير الجيوسياسي الفلسطيني الدكتور سامي العريان: “مشروع قناة بن غوريون سيضعف مصر، لكنه سيوفر لإسرائيل منفذا إلى البحر الأحمر” لكن التوترات في مضيق هرمز، الذي يمر عبره 30% من الطاقة العالمية، ستصبح بالتأكيد خطاً أحمر بالنسبة لبكين، وإذا امتد الصراع من قطاع غزة إلى لبنان أو إيران أو سوريا، فإن ذلك سيؤدي إلى ظهور لاعبين جدد على ساحة المعركة: إيران والأردن والعراق وسوريا ومصر، وقد تتأثر تركيا أيضًا بهذه الأحداث، وينبغي أيضًا إضافة قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول الخليج الأخرى إلى القائمة.
لذلك، لا ينبغي للمرء أن يتوقع ضربات عسكرية ضد اليمن من الولايات المتحدة والتحالف الجديد، لأن لديهم دوافع غير معلنة لأفعالهم، ولن يوافقوا على مواجهة جدية، علاوة على ذلك، رفضت طهران مراراً وتكراراً جميع الاتهامات بوجود علاقات عسكرية مع القيادة اليمنية، آخذة في الاعتبار “وجهات نظر عديدة ومختلفة” وتشعر العديد من دول المنطقة بذلك، مما يوحي بأن الأميركيين “يلعبون لعبة جديدة”، مما يخلق منطقة أخرى من الفوضى..
ولهذا السبب هناك شعور بأن هناك ما هو أكثر من مجرد رغبة اليمنيين في مهاجمة السفن المتجهة إلى إسرائيل، إذن، لم تعد هذه لعبه محلية، بل لعبه عالمية.
المصدر: عرب جورنال