بعد مجازر غزة.. هل بقي شيء غامض أمام المطبعين..!
أبين اليوم – تحليلات دولية
منذ عقود طويلة والعرب يتعاملون مع أمريكا بوصفها الوسيط النزيه بينهم وبين “اسرائيل”، ومنذ إتفاقية كامب ديفيد عام 1978 تعمل العرب مع “اسرائيل”، بوصفها طرف يمكن الوصول معه الى حلول وسط، وحظي هذين التعاملين، من قبل من عرفوا بانهم “اهل حكمة وكياسة وواقعية وموضوعية” داخل النخب العربية، والتي بررت وبشتى الوسائل هذين التعاملين، باعتبارهما انجع وسيلة لتحقيق مصلحة الشعب الفلسطيني والعرب.
ولكن بعيداً عن تنظير هذه النخب التي تدعي “الحكمة والعقلانية”!، اكدت الحقائق على الارض ان كل ما قيل من “تنظير” لتبرير الاعتماد على امريكا والثقة بـ”اسرائيل”، كان من اكبر الاخطاء التي ارتكبها العرب خلال تاريخهم المعاصر، وكان لهذا الخطأ تداعيات كارثية، على الفلسطينيين والعرب وما يجري اليوم من ابادة جماعية لاطفال ونساء واهالي غزة، ومنع الماء والطعام والكهرباء والوقود والدواء عنهم، لدفعهم على ترك ارضهم واللجوء الى مصر، الا بعض هذه التداعيات، التي تعيد للاذهان مأساة النكبة مرة اخرى، بينما العالم الغربي لا يتفرج على كل هذه الفظاعات، بل يساهم مساهمة مباشرة فيها.
الغريب واللافت، انه بعض العرب مازال لم يتعظ بعد رغم خداع وكذب الثنائي الامريكي الاسرائيلي، الواضح والفاضح، على مدى عقود طويلة، فمازال هذا البعض يفرش السجاد الاحمر لبلينكن واوستن وغيرهم من المسؤولين الغربيين، الذين جاؤوا الى المنطقة، وسبقتهم حاملات طائراتهم وسفنهم الحربية وصواريخهم وعتادهم وسلاحهم وجنودهم، لمساعدة “اسرائيل” التي تذبح اشقاءهم، ولا ترحم طفلا او امراة او شيخا او عجوزا، ويعلنون وعلى رؤوس الاشهاد، انه لا يحق لاي عربي او مسلم ان يتدخل لوقف المجزرة التي ينفذها الصهاينة، او يمد اهالي غزة حتى بالماء والدواء والغذاء!!.
في الوقت الذي ينزل الصهاينة أنفسهم الى الشوارع إحتجاجاً ضد اكثر حكومة صهيونية عنصرية ارهابية يمينة متطرفة في تاريخ الكيان المشؤوم، وفي الوقت الذي يصف وزراء هذه الحكومة الفلسطينيين والعرب بالحيوانات، ويقومون بحرق الفلسطينيين وهم في منازلهم، ويهدمون منازلهم على رؤوسهم، ويدنسون المسجد الاقصى، ويطالبون علنا بهدمه، ويشتمون نبي الاسلام ويسبون العرب في مسيراتهم، بينما مازالت بعض الانظمة العربية تتمسك بعلاقات التطبيع مع هذه الحكومة، ولا تكلف نفسها حتى بادانتها، او على الاقل سحب سفرائها من “اسرائيل”، ولو موقتاً.
هناك سؤال يطرحه الملايين من الجماهير العربية هذه الايام ، وهو كيف يمكن للانظمة العربية المطبعة مع الكيان الاسرائيلي، ان تبرر لنفسها موقفها من العدوان على غزة؟، كيف تضع هذه الانظمة الجلاد والضحية في كفة واحدة؟، كيف تعيش هذه الانظمة هذه الحالة من اللامعقولية، وتطلب من الاخرين ان يتفهموا تبريراتها وتمسكها بالتطبيع مع قتلت اطفال ونساء غزة؟، لماذا لا تملك القدرة، واغلبها انظمة ثرية، لتقول لامريكا كلمة “لا”؟، هل ينبع هذا الموقف، من الخوف ، او من التواطؤ، او من ..؟.
من حق الجماهير العربية، ان تطرح مثل هذا السؤال، بينما الغرب باكمله يقف وراء “اسرائيل” لقتل الفلسطينيين، واغلاق ملف القضية الفلسطينية والى الابد؟، بينما بعض انظمتهم، يفرشون السجاد الاحمر للقتلة، وداعميهم، وكأن من يقتل في غزة، كائنات جاءت من كوكب آخر؟.
المصدر: العالم