بيان الترويكا الأوروبية.. خطوة كبيرة في الإتجاه الخطأ..!
أبين اليوم – تحليلات دولية
وفقاً للاتفاق النووي الذي ابرمته ايران، مع مجموعة 5+1، روسيا والصين وامريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، عام 2015، ينبغي أن ترفع عقوبات الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي، في 18 تشرين الاول/اكتوبر عام 2023، والتي تستهدف البرنامج الصاروخي الايراني والبرنامج النووي، إلا أن بيان وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا، الصادر يوم الخميس الماضي، كشف ان هذه الدول سوف لن تلتزم بما جاء بالاتفاق وانها ستبقي على العقوبات بعد هذا التاريخ أيضاً.
اللافت في بيان الترويكا الأوروبية، انه جاء متخماً بمجموعة من الأكاذيب، وهي اكاذيب فاضحة، ما كانت لتلجأ إليها دول تعتبر نفسها “كبرى”، لولا ذيليتها وتبعيتها العمياء لامريكا، وهي تبعية، بانت وانكشفت للعالم أجمع، على خلفية تبنيها السياسة الأمريكية بحذافيرها، ازاء الحرب في أوكرانيا، دون الأخذ بنظر الاعتبار مصالحها، التي تتضارب مع مصالح امريكا، التي تعمل على مواصلة الحرب، بل وتوسيع نطاقها أيضاً.
بيان الدول الأوروبية، برر عدم وفاء هذه الدول بالتزاماتها بحلول العام الثامن (2023) على خطة العمل الشاملة المشتركة، ومواصلتها العقوبات ضد إيران، بعد 18 تشرين الأول/أكتوبر المقبل، بـ”عدم امتثال طهران لالتزاماتها النووية”!!، دون الإشارة الى إنسحاب امريكا من الاتفاق، وإلى منح إيران هذه الدول فرصة استمرت عاماً كاملاً، التزمت خلاله بجميع بنود الإتفاق، وهو ما أكده 15 تقريراً صادراً عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من أجل فسح المجال لهذه الدول لتعوض إيران ما خسرته جراء إنسحاب أمريكا من جانب واحد.
كما لم يذكر البيان، إن ايران، وبعد ان اعادت امريكا فرض عقوباتها الظالمة على الشعب الايراني، والتي تزامنت مع انسحاب الشركات الاوروبية من ايران، وهو انسحاب جاء متناغما مع السياسة الامريكية، اتخذت خطوات تعويضية، ولكن بشكل تدريجي ودون الانسحاب من الاتفاق النووي، ووفقا لحقوقها بموجب المادتين 26 و36 من الاتفاق النووي، وذلك من اجل دفع الاطراف الاخرى، ومنها الاوروبية، للالتزام بما تعهدت به في الاتفاق.
البيان الأوروبي لم يذكر أيضاً، ان ايران ورغم إنسحاب امريكا وعدم إلتزام أوروبا بتعهداتها، بقيت تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومازالت كاميرات الوكالة ترصد كل شاردة وواردة في المنشآت النووية الايرانية، ومازال مفتشوها يتنقلون في هذه المواقع دون اي موانع، رغم الاستغلال الواضح لامريكا للوكالة، التي كثيرا ما تحاول تسييس القضايا الفنية، عبر تقاريرها الدورية.
اي إتفاق هو عادة ما يكون بين أكثر من طرف، ولكن الشيء الغريب هو أن الدول الأوروبية، تتعامل مع الإتفاق النووي على أنه إتفاق دولة واحدة مع نفسها، وهي ايران، فهذه الدول تتوقع ان تلتزم ايران وبشكل كامل بالاتفاق، بينما الأطراف الاخرى لا تلتزم به رغم وجود تواقيعها في ذيل الاتفاق.
ان ايران تمتلك كل الحق، في ان تتخذ اجراءات تحمي بها مصالح شعبها، وتساهم في رفع الحظر الظالم عنه، فمن غير الطبيعي ان تبقى ايران تلتزم بكل تفاصيل الاتفاق، بينما هناك طرف ينسحب، وآخر ينتهك، وثالث يتفرج، فإيران لديها خيارات عديده للتعامل، مع الدول الاوروبية، التي اتخذت خطوة كبيرة وكبيرة جدا في الاتجاه الخطأ.
المصدر: العالم