إتفاق أوسلو.. والحصاد المُر..!

4٬787

أبين اليوم – تحليلات دولية 

في مثل هذا اليوم وقبل 30 عاماً وقع رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي السابق “إسحاق رابين” والرئيس الفلسطيني “ياسر عرفات”، اتفاق اوسلو، في حديقة البيت الأبيض في واشنطن، بحضور الرئيس الأمريكي السابق “بيل كلينتون”، وهو إتفاق بينت الأحداث والتطورات التي جاءت متسارعة بعده، أنه كان مصلحة “إسرائيلية” صرفة.

إتفاق أوسلو الذي وُقع في 13 سبتمبر/أيلول عام 1993، نص على ضرورة التفاوض، بين الفلسطينيين والمحتل الإسرائيلي، خلال 5 سنوات، على قضايا الحل النهائي، وهي الاستيطان والقدس والأمن والحدود واللاجئين والمياه، تمهيداً لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وهي قضايا تم تجاهلها بالكامل من قبل الإحتلال، بل ان الاحتلال، وعلى العكس من ذلك تماماً، استغل الاتفاقية لمصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية وتوسيع المستوطنات، وحقق بذلك قيام “الدولة”، ولكن “دولة المستوطنين”!!.

إتفاق اوسلو، الذي وأد الانتفاضة الفلسطينية الأولى، التي استمرت نحو 6 سنوات، كان فخاً كبيراً نُصب للقضية الفلسطيينية، فبعد مضى 30 عاماً على توقيعه، ورغم كل ما تضمنه من وعود كاذبة، كان من أهم نتائجه تهويد القدس، وانتشار المستوطنات كالسرطان في الأراضي الفلسطينسة المحتلة، ولم تجد السلطة الفلسطينية، في مقابل كل هذا الغدر الإسرائيلي، إلا أمريكا، راعية الجلاد، لتشتكي لديه، وهي شكوى، لم تجد يوماً آذاناً صاغية.

اللافت أن إتفاق أوسلو ينص على أنه لا يجوز لأي من الطرفين البدء أو إتخاذ أي خطوة من شأنها تغيير الوضع بالضفة وقطاع غزة لحين إنتظار نتائج مفاوضات الوضع النهائي، الا ان هذا البند كان بالنسبة للكيان الإسرائيلي حبراً على ورق، فقد سارع الكيان من بناء المستوطنات خلال فترة المفاوضات!، ووأد بذلك مبكراً حلم الدولة الفلسطينية، الذي مازالت السلطة الفلسطينية، تحلم بالتفاوض من أجل تحقيقه، رغم أنه لم يعد هناك من أرض أصلاً لتتفاوض عليه..!

وفقاً للأرقام التي تنشرها مراكز فلسطينية، وحتى مراكز تابعة لكيان الإحتلال، فإن أعداد المستوطنين عند التوقيع على إتفاق أوسلو عام 1993 لم تتجاوز 150 ألفاً، استوطنوا 144 مستوطنة وبؤرة استيطانية بالضفة والقدس وقطاع غزة، غير أن هذه التجمعات الاستيطانية تضاعفت، بعد إتفاق اوسلو، لتصل اليوم إلى أكثر من 550 تجمعاً.

بشكل عام شهد الاستيطان نمواً تجاوز 240% مقارنة بما كان سائدا قبل توقيع إتفاق أوسلو وقيام السلطة الفلسطينية عام 1994، حيث يبلغ عدد المستوطنين بالضفة حالياً، اكثر من 700 ألف، أما عددهم في القدس الشرقية فأكثر من 300 ألف، وهو ما يكشف وبشكل واضح، عن مخطط إسرائيلي لجعل القدس المحتلة عاصمة “اسرائيل”، بدعم وتشجيع أمريكي صريح، وما نقل السفارة الأمريكية الى القدس، إلا دليلاً على ان الاستيطان الاسرائيلي، يلقى تأييداً كبيراً من أمريكا، على عكس ما يتم الترويج له في الإعلام الامريكي.

أمام هذا المشهد البائس، هناك مشهد على النقيض منه تماماً، فرض نفسه على الواقع الفلسطيني، رافضاً إتفاق اوسلو وكل تداعياته ونتائجه، متمثلاً بظهور الشباب الفلسطيني المقاوم في الضفة الغربية، الذي رأى نفسه محصوراً بين القتل والتشريد، فاختار المقاومة، وحمل السلاح، في وجه عدو لا يفهم إلا لغة القوة، ولا يرى في المفاوضات الا استجداء.

هذا الشباب الفلسطيني المقاوم في الضفة الغربية، والذي زلزل الأرض من تحت اقدام الاحتلال، بات مقتنعاً، ان المفاوضات ليست سوى وهم، ادخله الامريكيون في عقول بعض الفلسطينيين، حتى لا يرون كيف تغتصب ارضهم، وكيف اقيمت عليها اكثر من 360 مستوطنة، فاصبحوا وسطها غرباء.

ان جيل اليوم الذي يقارع الإحتلال، هو بالمناسبة جيل جاء بعد إتفاق اوسلو، فضّل حمل البندقية ورفض ارتهانها، ورفض شراء وهم الدولة، ولن يسمح، بعد اليوم، ان يمثله احد، الا نفسه وبندقيته، وهذا الجيل ضاق الطعم المر لحصاد اوسلو، وبات يدرك ان الكيان الذي فرضه المستعمر البريطاني بالقوة، واستمر بالحياة بفضل القوة التي تمنحها له امريكا، لم ولن يعيد حقا للفلسطينيين، الا بالقوة والقوة وحدها.

 

المصدر: العالم

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com