ماذا لو كان إنقلاب النيجر حدث في دولة أخرى..!

4٬695

أبين اليوم – تحليلات دولية 

انقضى شهر على الإنقلاب في النيجر والذي أطاح بالرئيس محمد بازوم في 26 يوليو/ تموز الماضي. ومنذ ذلك التاريخ تخرج مظاهرات حاشدة في البلاد تؤيد المجلس العسكري، وتطالب فرنسا برفع يدها عن البلاد وإنهاء وجودها هناك، وامتدت الاحتجاجات الغاضبة إلى السفارة الفرنسية في نيامي.

تعدّ النيجر من الدول العشر الأولى في العالم من حيث احتياطيات اليورانيوم، لكن هذه الثروة الطبيعية الهائلة، لم تمنعها من التردي في قائمة أفقر الدول، وأجّجت حولها المخاطر “الجيوسياسية” التي جعلتها اليوم تواجه شبح الحرب.
L
وبعد الإنقلاب، شكّل اليورانيوم أحد المفاتيح لفهم الحدث وارتداداته في الغرب وفرنسا على وجه الخصوص، علمًا بأن النيجر زودت الاتحاد الأوروبي بأكثر من ربع احتياجاته من اليورانيوم عام 2022.

وتعدّ النيجر سابع أكبر منتج لليورانيوم في العالم وفقًا لبيانات الجمعية النووية الدولية، وكانت سابقًا حتى 2015 رابع أكبر منتج، لكن إنتاجها تراجع على مر السنين.

ولطالما واجهت فرنسا، المستعمر السابق، اتهامات بسرقة موارد النيجر، وتهيمن شركة “أورانو” الفرنسية حاليًا على معظم احتياطيات البلاد. وفي السابق، قيل إن 3 من كل 4 مصابيح في فرنسا تضاء بواسطة اليورانيوم النيجري الذي يغذّي حوالي 56 مفاعلًا نوويًا موزعة على 18 محطة طاقة. وتستمد فرنسا قرابة 70% من الكهرباء من الطاقة النووية.

أما الاتحاد الأوروبي فقد استورد من النيجر 25.4% من احتياجاته من اليورانيوم (2975 طنًا) في 2022 وفقًا لوكالة يوراتوم.
لكن بالرغم من هذه الثروة التي تمتلكها النيجر، فإنها تعدّ سابع أفقر دول العالم، وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي لعام 2023 بمعيار نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.

وتشير التقديرات إلى أن 42% من السكان يعيشون في فقر مدقع، وأن 60% محرومون من خدمات متعددة؛ مثل: التعليم والرعاية الصحية والمياه والصرف الصحي والسكن المناسب، فضلًا عن الكهرباء.

ومنذ انقلاب 26 يوليو/تموز الماضي، خرجت مظاهرات حاشدة في النيجر تؤيد المجلس العسكري، وتطالب فرنسا برفع يدها عن البلاد وإنهاء وجودها هناك، وامتدت الاحتجاجات الغاضبة إلى السفارة الفرنسية في نيامي، حيث أيّد المتظاهرون تحرك المجلس العسكري، الذي يرون أنه خلّص النيجر من رئيس تدعمه فرنسا.
وفي موجة جديدة من التصعيد تركزت على رفض الوجود الفرنسي في النيجر؛ طلب قادة الانقلاب من السفير الفرنسي مغادرة البلاد خلال 48 ساعة، وهذه المطالب يؤيدها جمهور غفير من الشعب الذي أشعل البلاد بتظاهرات في مختلف المناطق كان احدثها تجمع بالالاف أمام أكبر قاعدة عسكرية فرنسية في النيجر بضواحي العاصمة نيامي؛ مرددين شعارات مناوئة للوجود الفرنسي.

المتظاهرون في هذه التجمعات يعبرون عن دعمهم للمجلسِ العسكري؛ ويلوحون بأعلامِ النيجر والجزائر وروسيا ومالي وبوركينافاسو؛ مؤكدين استمرار النضال حتى إخراج آخر جندي فرنسي من البلاد. في وقت تقترب مهلة السفيرِ الفرنسي لمغادرةِ البلاد؛ من انتهائها.

الغرب بصورة عامة وفرنسا بصورة خاصة، لطالما رفضوا ما حصل في النيجر رغم ان له قاعدة جماهيرية كبيرة، وطالبوا بإعادة الرئيس الى الحكم وهددوا بتدخل عسكري وفرضوا عقوبات هنا وعقوبات هناك، بسبب المصالح التي خسرتها فرنسا في هذا البلد بسبب تغير الحكم فيها.

لن ندخل اكثر بالتفاصيل عن أحقية الانقلاب من عدمه، ولكن قد يتساءل البعض؛ ماذا لو حدث امر مماثل في دول اخرى بالمنطقة او العالم، تعادي الغرب او تقاوم الامبريالية والاستكبار؟ كيف سيكون موقف الدول الغربية ازاء الانقلاب او الثورات او الاحتجاجات او المظاهرات؟ هل سترفضها بشدة كما ترفضها في النيجر؟

لك ان تذهب بخيالك بعيدا قارءنا العزيز، وتضع مكان النيجر دولة اخرى، كسوريا او الجمهورية الإسلامية في ايران، او غيرهما، تجد ان هذه الدول ستصرخ ليل نهار وتطالب بإعطاء “المتظاهرين” او “الانقلابيين” حقوقهم في الحكم وغيرها من الشعارات الرنانة التي يتغنون بها ليل نهار وستجدها تفرض انواع الحظر على هذه الدول باسم الديمقراطية، بل ربما تلوح أيضا بخيار التدخل العسكري، ولكن لانجاح الانقلاب او الاحتجاجات أو غيرها، وليس لافشاله كما في النيجر.

لذلك فإن موقف هذه الدول مما حصل في النيجر ما هو الا دليل جديد على ازدواجية المعايير لدى الغرب وكذب شعاراتهم وخلو انظمتها من الديمقراطية، بعكس ما تنادي به.

المصدر: العالم

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com