إستدراج الأردن لإنفوغراف سياسي في قمة النقب “2“ في المغرب..!
أبين اليوم – مقالات وتحليلات
بقلم المهندس/ سليم البطاينه
مخجلٌ جداً ان تكون مشكلة العرب هي الطاولة..! التي رفض السلطان عبد الحميد الجلوس حولها، بينما ركض العرب وجلسوا تحتها لا حولها..! وجرى ما جرى من وعد بلفور وخلق كيانات وتوزيع الأدوار والى رسم خرائط..! وصولاً الى وعد ترامب (صفقة القرن).
يقول الناقد الحداثي السعودي (عبد الرحمن المنيّف) اذا اخترنا المقدمة الخاطئة فعلينا تقبل النتائج مهما كانت،، ومن يقرأ الماضي بطريقة خاطئة سوف يرى الحاضر والمستقبل ايضاً بطريقة خاطئة، ولا بد ان نعرف ما حصل كي نتجنب وقوع الاخطاء مرة اخرى (انتهى الاقتباس).
الموقف الآن لا يحتمل رمي كرة النار والبحث عن المتسبب، فحاضر الأردن بات مخيفاً من مخاطر ألعاب إعادة توزيع الأدوار والتحالفات ورسم الخرائط الجغرافية الجديدة في المنطقة.
فقد تغيرت السياسات الامريكية ازاء الصراع في المنطقة، وهذا الأمر يثير قلقنا وخوفنا من ترتيبات وتفاهمات امريكية – اسرائيلية تمت خارج الصندوق دون علمنا ! وهل هناك ثمة حاجة بعد الى الدور الاردني في المنطقة..؟
الواضح جدًا أن امريكا بدأت منذ سنوات تقفز فوق مصالح الأردن كدولة ونظام، ودور اقليمي أيضًا،، والسلوك الاسرائيلي مشبوه وغير مضمون مستقبلاً بسبب تركيبته وايديولوجيته في ظل تصاعد التيارات الدينية والمتطرفة على الحكم والسياسة في اسرائيل،،، والعقلانية في السياسة تفرض علينا التعلم من التجارب السابقة مع اسرائيل خصوصاً بعد ما حصل في مؤتمر العقبة قبل اشهر.
المهم ما يجري في العراق، والخوف من احتمالية السيطرة الامريكية الاسرائيلية المشتركة على بلاد ما بين النهرين وعبرها على الهلال الخصيب،، والذي يعني نسف ركن أساسي من الاركان الاستراتيجية التاريخية التي قام على أساسها الأردن: وهو لعب دور الحاجز الجغرافي والامني بين اسرائيل والعراق وسوريا،، والذي صرّحت به (زهافا غال – أون) عضو الكنيست السابقة ورئيسة حزب ميرتس ) لصحيفة Haaretz الاسرائيلية قبل عام تقريبًا بقولها أن دور الاردن كحاجز قد انتهى، والقواعد العسكرية الامريكية المنتشرة في الاردن هي التي تقوم بهذا الدور حاليًا.
البيت الأبيض يمارس حاليًا ضغوطاً غير مسبوقة على الأردن لحضور مؤتمر النقب (٢) في المغرب من خلال الثنائي (بلينكن – سوليفان)، وبلينكن تحديداً يضغط ويعرض مقترحات بالتزكية لصالح الأردن، وهي مساعدات مالية إضافية من خلال مؤسسات تابعة للخارجية الامريكية خارج حسابات برنامج المساعدات الامريكية المُعتاد.
الموقف الأردني وفق الحسابات ما زال ضبابياً وغير واضح ومتردداً بشأن القيام بمثل هذه الخطوة ويزيد من ارتباكه تداخل تفصيلاته الغامضة..! والتساؤل داخل الحلقة الضيقة في الطوابق العليا: هل هنالك ضمانات وتعهدات بشأن الوصاية على المقدسات؟ وما الذي سيمنع اسرائيل من المضي قُدماً في تقسيم المسجد الاقصى وهدم قبة الصخرة لبناء الهيكل محلها ؟ وهل أسرائيل تستطيع التوقف عن ضم اراضي الضفة الغربية وبناء مستوطنات داخل الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية؟
مؤتمر النقب (٢) المقترح سبقه ثلاث مؤتمرات في العقبه وشرم الشيخ والنقب (١)، والاقتراح المقدم من المغرب هو تغير اسم المنتدى بحيث لا يكون مرتبطاً بإسم منطقة في إسرائيل ويصبح الاسم الجديد هو (مؤتمر دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا للسلام والتنمية)، وبهذا يكون بالامكان اقناع دول اخرى بينها الاردن بالانضمام الى هذا المنتدى.
لا وجود لوجبات مجانية..! و بالتاكيد القمة القادمة ستكون مختلفة عن سابقاتها، واية وعود ستكون غامضة وفضفاضة،،، فلن تتعهد إسرائيل بأي شيء من شأنه أن يوقف مشاريعها في المنطقة من ضم وتهجير وتقسيم وهدم.
ولا يوجد ضامن لنتائج المنتدى القادم في المغرب بعد أيام..! فأمريكا داعمة لأسرائيل، والاطراف العربية لا حول لها ولا قوة،، والمستشار في الخارجية الامريكية (هادي عمر ) أبلغ الاردن قبل فترة بعدم وجود أفق للتفاوض بين إسرائيل والفلسطينيين حتى عشر سنوات مقبلة ! وان على الاردن حضور مؤتمر النقب (٢) القادم في المغرب.
نعم، لقد تغيرت المعطيات لتتغير معها المعادلات وقواعد اللعب ! فالسمع أصابه عطب القول، والرؤية شابها رمد الفعل !! فلا قول يطابق الفعل،،، فإلى متى ستظل الاردن في حالة تخشّب ويبقى مستقبلها سجيناً لأمريكا وأسرائيل ؟ فنحن بنظر الغير اصبحنا كمّاً مهملاً و جغرافية بلا روح..!
فـ على ما يبدو ان علاقتنا في الاردن مع الخوازيق طردية فكم خازوق مبشّم اكلناه من إسرائيل ؟ وكم من الخوازيق في أنتضارنا بعد ؟ أما آن الأوان ان نرتاح قليلاً ما بين خازوق وخازوق؟ ومتى نتعلم من خوازيقنا السابقة؟ فما أكثر الخوازيق التي اكلناها من إسرائيل ! ننتقل من خازوق الى خازوق بسرعة البرق قبل ان نستوعب الخازوق الاول.
التوقيت له دلالة مهمة والخوف من أستدراجنا الى مستنقع لن نستطيع الخروج منه..! وهذا ما ينبغي التيقظ له،، و الدولة مطلوب منها الاستعانة بعدسات تحليلة لإعادة ترتيب الاوراق وفرزها،، و تسجيل هدف أو ركلة جزاء تُعيد الاردن الى خريطة المنطقة..! فنحن خارجها منذ سنوات.
نائب اردني سابق
المصدر: رأي اليوم