على أعتاب نصر تموز.. إلى أين وصل الحال بالاحتلال..!

4٬829

أبين اليوم – تحليلات الدولية

مع اقتراب ذكرى حرب تموز عام 2006 التي شنها كيان الاحتلال الاسرائيلي على لبنان، يستعد اللبنانيون لاحياء هذه المناسبة التي اصبحت نقطة فارقة في تاريخهم وتاريخ المقاومة وشعوب المنطقة.. وحتى لدى الكيان الاسرائيلي ومستوطنيه.

انتصار تموز 2006، وحده، يقف علامة فارقة بين زمنين، زمن الهزائم والتراجع، وزمن آخر لم نعاين في أيامه سوى انتصارات، وكسرًا تلو كسر لأطواق حديدية ظل الاحتلال يلفها حول أعناق شعوب المنطقة، حتى يظن المرء أنها اصبحت جزءًا من الشعوب ومصير لابد منه.

ربما تبقى صورة معركة وادي الحجير، لبقايا آليات وكرامة ما كان يدعى أنه أقوى جيش في “الشرق الأوسط”، هي واحدة من أكثر الصور المستدعاة للذاكرة في تموز، حين أبطأ الزمن فجأة، ليعاين نصرًا من الله غير مسبوق في تاريخ الصراع الوجودي العربي الصهيوني.

في العام 2006، كانت المنطقة العربية تنتظر شرق أوسط جورج بوش وكونداليزا رايز الجديد، وكانت شرارة الحرب الصهيونية مفتعلة، ما يثبت أن التجهيز والتنسيق للعدوان الشامل على لبنان كان ينتظر فقط الذريعة، لكن أيام تموز، التي ختمت بتحقق الوعد الصادق، والنصر الإلهي، كتبت فصلًا جديدًا بالمنطقة في وقت وصلت غطرسة السلاح الاسرائيلي إلى ذروتها.

صمود حزب الله، ومن ورائه لبنان كله، اندفع فوق التخطيط والمؤامرة والحسابات، وكَسَرَ الإرادة الأميركية، وفجّر الوهم الصهيوني، واستمرت الحرب نزيفًا لا يطاق للصهاينة، للمرة الأولى منذ احتلالهم أرض فلسطين، كان الكيان في ورطة من لا يستطيع اتخاذ قرار، لتنقلب الأمور منذ ذلك التاريخ وإلى اليوم.

ومنذ ذلك الانتصار اصبحت الانتصارات تتوالى على المقاومة ومحورها، وبدأت المقاومة تزداد قوة فوق قوتها، والاحتلال يزداد وهنا على وهن واصبح يتفاجأ بتوسع الجبهات وتعددها ونوعيتها، ليظل حائرا امامها ومتخبطا.

حزب الله اصبحت قدرته العسكرية اكبر واقوى واكثر تنوعا ودقة مما كانت عليه في تموز عام 2006، كما وتضاعفت اعداد المقاومين المنتمين لحزب الله عما كانت عليه قبل الانتصار، بالاضافة الى ان الحزب اصبح تمثيله السياسي اكثر واوسع من السابق، ناهيك عن توسع تحالفاته وكثرة محبيه ومؤيديه في الداخل والخارج.

بعد انتصار حزب الله في حرب تموز، اصبح الكثير متيقنا ان هذا الكيان المحتل لا يفهم الا لغة القوة، فمن كان يؤمن بهذه النظرية فأصبح متيقنا ومن كان متحيرا ازاءها اصبح مؤمنا بها ومن كان لا يؤمن بها اصبح يفكر بنجاعتها وقدرتها على فرض المعادلات على العدو. كما ان انتصار حزب الله ألهم الكثير من حركات المقاومة في المنطقة وجعلها تفكر وتسعى لتطوير اسلحتها لردع الاحتلال عنها، وهذا ما حصل مع المقاومة الفلسطينية التي جعلت الاحتلال يحسب حسابات كثيرة قبل اي حركة يخطوها، عكس ما كان في السابق عندما كان يصول ويجول دون ادنى خوف او وجل من الرد.

لقد حقّق انتصار تموز/ يوليو 2006 والمعارك التي تلته مزيداً من الاستنزاف للعدو والقضم من مكانته، وكشفا نقاط ضعفه، وطورا قواعد الاشتباك معه. وقد زادت معركة “سيف القدس” من هشاشة العدو، وإمكانية كسره وهزيمته، واستعادة الوعي الجمعي الفلسطيني والقومي والإسلامي، وكسرت حاجز الخوف والتردد، وكشفت عورات حلف التطبيع، وعززت مكانة حلف القدس ومحور المقاومة.

اما اليوم وبعد مرور اعوام على هذا الانتصار، اصبح الاحتلال امام مجموعة من الجبهات، المقاومة في لبنان وفصائل المقاومة في غزة، وجبهة الجولان السوري المحتل، وانواع الحركات المقاومة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، واصبح يحسب الف حساب قبل ان يتخذ قرارا يخص اي جبهة من هذه الجبهات، بل واصبح يتراجع عن قراراته التي يتخذها، والانكى من ذلك الانقسام الذي يعيشه الكيان المحتل حيال القرارات التي يتخذها تجاه المنطقة بصورة خاصة، والانقسام السياسي الكبير داخل كيان الاحتلال بصورة عامة، اضافة الى التصريحات التي يدلي بيها مسؤولو الكيان والتي تبين الخوف والضعف الذي اصاب الاحتلال والخشية من اي تصعيد في المنطقة، والاعتراف بأن كيانهم المحتل اصبح لا يمتلك ادوات الردع، ليصبح حقيقة اوهن من بيت العنكبوت كما وصفه الامين العام لحزب اللهالسيد حسن نصر الله.

وعلى الصعيد السياسي فإن ابرز مثال على تفوق المقاومة في لبنان هو ان الاحتلال اصبح مجبرا على الجلوس والاستماع صاغرا لتعليمات المقاومة فيما يخص اتفاق حقل كاريش للنفط والغاز في البحر، والذي فرضت فيه المقاومة شروطها، في حين كان الاحتلال قبل انتصار تموز يفعل ما يحلو له دون ان ينتظر اذنا من احد.

لذلك فإننا، بحسب هذه المعطيات وبإذن الله، سنشهد خلال السنوات المقبلة انهيارا لهذا الكيان، بحكم التطورات التي اصبح امامها والطريق الذي وضعه انتصار تموز لتسير فيه قافلة المقاومة في المنطقة كلها حتى تحقيق النصر.

 

المصدر: العالم

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com