ماذا يفعل الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في السعوديّة بهذا التوقيت وما الرّسائل خلف فرش السجّاد البنفسجي له واستقباله الحار والشخصي من قِبَل الأمير بن سلمان؟.. الرياض وإلى خُصوم واشنطن “المنبوذين والمغضوب عليهم” دُر..!
أبين اليوم – تحليلات الدولية
يتعمّد وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، اختيار التواقيت “المُزعجة” أو “الأكثر إزعاجاً” للولايات المتحدة الأمريكيّة، حيث زيارة للرئيس الفنزويلي “الشيوعي” نيكولاس مادورو “المغضوب عليه” أمريكيّاً للمملكة عشيّة زيارة وزير الخارجيّة الأمريكي للمملكة، ويستقبله الأمير بن سلمان شخصيّاً “مُبتسماً ومُرحّباً” ويفرش له السجّاد البنفسجي، في استقبالٍ حار يحمل رسائل سياسيّة عديدة، تشمل توسيع رقعة الخلاف السعودي- الأمريكي، والذي بدأ مع رفض الرياض زيادة الإنتاج النفطي، والإصرار على تخفيضه مِرارًا وتِكرارًا، ضمن اتفاق أوبك+ بالتعاون مع روسيا.
وفي قصر السلام بجدّة، اجتمع بن سلمان، مع الرئيس مادورو، وقالت وزارة الخارجية السعوديّة، في بيان: “جرى خلال اللقاء، استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، وآفاق التعاون وفرص تعزيزه في مختلف المجالات، وتبادل وجهات النظر حيال عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك”.
وأضافت الخارجيّة في بيانها: “رحّب وليّ العهد، بالرئيس في زيارته للمملكة، فيما عبّر الرئيس نيكولاس مادورو عن سعادته بهذه الزيارة ولقائه الأمير محمد بن سلمان”، وذلك وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء السعوديّة (واس).
ويستقبل الأمير بن سلمان الرئيس مادورو حيث لا تعترف به الولايات المتحدة رئيساً شرعيّاً، وتفرض عليه العُقوبات لاتهامات مزعومة من الفساد، وتهريب المخدرات، وانتهاكات حقوق الإنسان، ويأتي هذا الاستقبال السعودي، امتدادًا لإعادة العلاقات السعوديّة مع إيران (جرى إعادة فتح السفارات اليوم الثلاثاء)، وسوريا (استقبال سعودي حافل للرئيس السوري بشار الأسد ومُشاركته في القمّة العربيّة بجدة)..
وهو ما يعني انفتاح سعودي لافت على زعماء دول يصفهم الغرب بالمنبوذين، أو خُصوم الولايات المتحدة الأمريكيّة، إلى جانب تعزيز الرياض علاقاتها مع روسيا والصين، في خطوة تدل على إدراك (الرياض) بأن العالم يتغيّر، وزعامته أيضاً، وسنعمل لأجل مصالحنا العُليا كما بات يُصرّح المسؤولون السعوديون.
ويُدرك الرئيس مادورو من جهته أهميّة تبدّل السياسيات السعوديّة، وانفتاحها على دول “منبوذة” غربيّاً كبلاده، ويستثمر في المشهد، حيث كتب على حسابه في “تويتر”: نحن في المملكة العربيّة السعوديّة لمُواصلة أجندة العمل الدوليّة المُثمرة لدينا، والتي تتقدّم في تعزيز العلاقات الثنائيّة والأخوة والاحترام بين فنزويلا والعالم”.
وتكتسب زيارة مادورو أهميّتها وتسليط الأضواء عليها، قبل يومٍ من وصول وزير الخارجيّة أنتوني بلينكن إلى المملكة لإجراء مُحادثات مع السعوديين، حيث رسائل سعوديّة مُسبقة بأن لا تغيير على سياسات الانفتاح السعوديّة على الدول التي تُعادي سياسات الولايات المتحدة في المنطقة، بل سيجري التقارب معها، واستضافة زعمائها بترحيب وحرارة.
وأيضاً زيارة مادورو تأتي “بعد ساعات” من اجتماع لتحالف أوبك+ أعلنت الدول ضمنه التزامها بالتخفيضات التي جرى إقرارها في وقتٍ سابق حتى العام 2024، وفي توقيت يقطع أي آمال أمريكيّة في تحسين العلاقات مع السعوديين، الآخذين بسحب بيضهم من السلّة الأمريكيّة رويدًا رويدًا.
الرئيس الفنزويلي القادم من تركيا حيث حضر حفل تنصيب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لم يذهب لوحده إلى السعوديّة حيث آخر زيارة له العام 2015، بل اصطحب معه زوجته، ووزيري الخارجيّة، والاتصالات، ومسؤولين آخرين، ما يدل على أن الزيارة ستتضمّن اتفاقات سياسيّة، واجتماعيّة، واقتصاديّة، قد تُساهم في إسناد الاقتصاد الفنزويلي، والأهم زيادة التنسيق السعودي- الفنزويلي في ملف الطاقة، فالبلدين من أبرز الدول المُنتجة للنفط ضمن منظمة “أوبك”.
بكُل حال، تُصر العربيّة السعوديّة على أنها تلعب على سياسة التوازن في المنطقة، ولكن خطواتها تُجاه أعداء وخُصوم واشنطن تبدو أوسع، وأكثر استفزازًا مع مُرور الوقت، فحينما كانت تُراهن واشنطن على وصول نتنياهو إلى أرض المملكة، بات يُنتظر أن يصل الرئيس الإيراني، وفي حين أبلغت واشنطن حليفها السعودي بأن الرئيس السوري منبوذ، عاد الأسد بدعم سعودي إلى الجامعة وحضر القمّة، وها هو الرئيس مادورو “الشيوعي” يحط ضيفاً عزيزًا على المملكة “الإسلاميّة”، يتمسّك البعض في مشهد استضافة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى قمّة جدة العربيّة، هذا مشهد يتيم لصالح واشنطن في سياق التوازن، يُقابله مشاهد سعوديّة أخرى كثيرة تُسعد خُصوم واشنطن.
عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي: