مكافحة الفساد الإداري والمالي واجب شرعي وقانوني وأخلاقي..!
أبين اليوم – مقالات
بقلم/ فيصل الخليفي:
كُتب هذا المقال في 2008 ولأهميته نعيد نشره مع إضافة خاتمة له..
كفل الدستور حرية الرأي، وانه من حق الإنسان التعبير عن رأيه ونشرة بالقول أو الكتابة أو التصوير، وان النقد الذاتي والبناء ضمان سلامة البناء الوطني.
ويتساءل كل منا: هل الضمانة الدستورية تضمن في الواقع والتطبيق العملي حرية الرأي؟ وهل تمنع تقييدها أو الحد منها؟
يقوم المجتمع اليمني على أساس التضامن الاجتماعي القائم على العدل والحرية والمساواة وفقاً للقانون. فحرية الصحافة وهي احد الحريات العامة التي كفلها الدستور ولا يقتصر أثرها على الفرد بل على المجتمع ذاته باعتبار الصحافة الوسيلة الأجدى في صون الحرية الشخصية والدفاع عنها.
مادة (27) من الدستور:
تكفل الدولة حرية البحث العلمي والإنجازات الأدبية والفنية والثقافية المتفقة وروح وأهداف الدستور، كما توفر الوسائل المحققة لذلك، وتقدم الدولة كل مساعدة لتقدم العلوم والفنون، كما تشجع الاختراعات العلمية والفنية والإبداع الفني وتحمي الدولة نتائجها.
مادة (3) من قانون الصحافة:
حرية المعرفة والفكر والصحافة والتعبير والاتصال والحصول على المعلومات حق من حقوق المواطنين لضمان الإعراب عن فكرهم بالقول والكتابة أو التصوير أو الرسم أو بأية وسيلة أخرى من وسائل التعبير، وهي مكفولة لجميع المواطنين وفق أحكام الدستور وما تنص عليه أحكام هذا القانون.
مادة (5) من قانون الصحافة:
الصحافة حرة فيما تنشره، وحرة في استقاء الأنباء والمعلومات من مصادرها، وهي مسئولة عما تنشره في حدود القانون.
أما المواثيق الدولية التي صادقت عليها اليمن، والتي تعتبر من القوانين النافذة ويجوز التمسك بها أمام القضاء اليمني فقد جاء في مقدمة العهد الدولي: (لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة)، وكذا الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية والمصادق عليها أيضاً.
مادة (6) من الدستور:
تؤكد الدولة العمل بميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وميثاق جامعة الدول العربية، وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة.
وهنا لنا وقفة بشأن تردد بعض الإعلاميين من عدم النشر لفضائح الإداريين والسياسيين ومختلف الطيف السياسي اليمني والمتعلقة بالفساد الإداري والمالي وغيرها من أشكال الفساد..
فالنقد العام من خلال الصحافة أو غيرها من وسائل التعبير حق لكل مواطن وليس مقصوراً بضمان حرية عرض الآراء وتداولها في هذا المجال مجرد أن يعبر الناقد عن ذاته، ولكنها حرية يقتضيها النظام الديمقراطي، وغايتها النهائية الوصول إلى الحقيقة.
فالنقد فرع من حرية التعبير، وهي الحرية الأصل التي يرتد النقد إليها ويتدرج تحتها، وما تقوم به السلطة في أحيان كثيرة رهبة تحول بين المواطن والتعبير عن آرائه، وان ذلك يعزز الرغبة في قمع الحرية ويكرس عدوان السلطة العامة المناوئة لها. وان الخوف من عدم التعبير بل إخراج أفكارنا بقوالب جامدة غير قابلة للتغيير، وبذلك نكون أمواتاً في صورة أحياء.
فقانون العقوبات اليمني استثنى من جرائم السب الطعن في أعمال الموظفين العموميين أو الأشخاص ذو الصفة النيابية العامة أو المكلفين بخدمة عامة وفقآ لما جاءت به المادة (293/ الفقرة 3) من قانون الجرائم والعقوبات النافذ والتي أشارت إلى عدم قبول دعوى السب، وهي كالاتي:
مادة (293): لا تقبل دعوى السب في الأحوال الآتية:
– أولاً: إذا كان نقداً عملياً لعمل أدبي أو فني مطروح للجمهور.
– ثانياً: إذا كان صادرا ًمن شخص له سلطة الرقابة أو التوجيه في نطاق هذه السلطة وبالقدر الذي يكشف عن خطأ من وجه إليه السب في تصرفه وتوجيهه الوجهة الصحيحة.
– ثالثاً: إذا كان القصد منه إبداء الرأي في مسلك موظف عام بشأن واقعة تتعلق بعمله الوظيفي وبالقدر الذي يفيد في كشف انحرافه.
– رابعاً: إذا كان في شكوى مقدمه لمختص تتعلق بمسلك شخص أثناء أدائه عملا كلف به، ويشترط أن تقتصر العبارات على وقائع تتعلق بالعمل الذي قدمت بشأنه الشكوى.
– خامساً: إذا كان قد صدر بحسن نية من شخص بقصد حماية مصلحة له أو لغيرة يقرها القانون، بشرط التزام القدر اللازم لهذه الحماية.
– سادساً: إذا نشرت الأقوال أو العبارات لمجرد سرد أو تلخيص لما دار في اجتماع عقد وفقاً للقانون من محكمة أو مجلس أو هيئة أو لجنة لها اختصاص يعترف به القانون ما لم يكن قد صدر قرار بحظر النشر.
– سابعاً: إذا صدرت الأقوال أو العبارات أثناء إجراءات قضائية من شخص أشترك فيها بصفة قانونية كقاض أو محام أو شاهد أو طرف في الدعوى.
فان ذلك الاستثناء متى ما كان السب لمصلحة عامة وان لا يتعدى السب أعمال الوظيفة العامة أو النيابية أو الخدمة العامة وان يقوم الإثبات لكل أمر اسند إلى الموظف العام متى ما تحققت هذه الأشياء يكون هنا الإعفاء من جرائم السب.
مادة (19) من الدستور:
“للأموال والممتلكات العامة حرمة وعلى الدولة وجميع أفراد المجتمع صيانتها وحمايتها وكل عبث بها أو عدوان عليها يعتبر تخريباً وعدواناً على المجتمع، ويعاقب كل من ينتهك حرمتها وفقاً للقانون”.
وهنا الانحرافات كثيرة جدا ومنها الفساد والنهب الذي فاق الفساد. وكثيرون هم الموظفون العموميون يقننون فسادهم لكي لا تطالهم عدالة القانون وسيادته وكثيراً ما يلجأ كبار الموظفين إلى مقننين السرقات للمال العام- وهم كثر- في كل هيئة أو مصلحة أو مؤسسة حكومية وهم متواجدين في ذات المصالح والهيئات الإيرادية في الدولة.
فلابد من الصحافة الاستقصائية التي تقوم على التحليل المنطلق من الدليل حتى يتم النشر عنهم وفضحهم للرأي العام، وكيفية اختراقهم للنظم واللوائح. فالمعروف إن مقنني السرقات كثيري الحرص من عدم وقوعهم تحت المسؤولية ويقع فيها صغار الموظفين ويتخلى عنة هؤلاء الفاسدين، والذي ثبت لي بالدليل القاطع أنهم “أوهن من خيوط العنكبوت”..
فمجرد الإشارة إليهم بكلمة في صحيفة تجدهم أكثر خوفاً، وترتعد أجسادهم لان الذي يخاف هو السارق إنطلاقاً من المثل (يد ما تسرق ما تخاف)- وهذا المثل الذي يثبت أن الفاسدين أكثر خوفاً، ولو كثر نفوذهم وأموالهم.
فهنا التشهير بهم لابد أن يكون لمصلحة عامة وبدليل قاطع لا يقبل الجدال بعبارات تتلاءم وظروف الحال وهدفها الصالح العام- أي لابد من توافر ثلاثة شروط هي:
أولاً: أن يكون السب والطعن حاصلآ لمصلحة عامة.
ثانياً: ألا يتعدى السب أعمال الوظيفة العامة أو النيابية أو الخدمة العامة.
ثالثاً: أن يقوم الطاعن بإثبات حقيقة كل أمر أسنده إلى الموظف العام.
وبهذا تكون الصحافة إحدى الوسائل الهامة في مكافحة الفساد، وعلى الإعلاميين الخروج عن صمتهم الذي يخيفهم جراء نفوذ أولئك الفاسدين، ونقول لهم: لم يعد صمتكم مقبول، وقد جاء في حكم كتاب الله تعالى: (إن الله لا يحب المفسدين)، وطاعة الله واجب شرعي يتوجب علينا أن نتبع تعاليمه إذا كنا نؤمن به حق إيمان.
حثت المسيرة القرآنية وقائدها العلم على اصلاح الادارة ومكافحة الفساد والاصلاح الشامل والحث على القيم والاخلاق والثقافة القرآنية سلوكا وممارسة بدء من القيادات ليقتدوا بهم الجميع ..واختيار القوي الأمين في قيادة الدولة.