القصة الكاملة لمشروع “البحر الأحمر” الذي اغتيل لأجله الزعيم إبراهيم الحمدي.. “تقرير“..!
أبين اليوم – تقارير
تسربت خلال الفترة الأخيرة معلومة تؤكد أن الملحق العسكري السعودي لحظة إشرافه على اغتيال الرئيس اليمني إبراهيم الحمدي، شهر أكتوبر 1977م قام بلطم الرئيس الشهيد في وجهه وقال له: “يا كلب البحر الأحمر”، وكما يبدو فإن قرار الرئيس الحمدي بعقد مؤتمر تعز لمناقشة أمن البحر الأحمر وتداعياته، والذي عقد قبل 7 أشهر من اغتياله بمشاركة زعماء دولتي السودان، والصومال، إضافة الى زعيمي شطري اليمن وأسفر عن توجه من الدول المجتمعة إلى تشكيل كيان يحمي منطقة البحر الأحمر من المطامع، ويعطي الدول المشاطئة له حق استغلال الثروات فيه.
ووفقاً لمصدر أطلع على فيديو لم ينشر حتى الآن يتضمن خطاباً للرئيس الحمدي دعا الرئيس قبل أسبوعين فقط من اغتياله إلى إنشاء قاعدة عسكرية للدول العربية لحماية أمن البحر الأحمر، لا سيما من المطامع الإسرائيلية والتي برزت في مرحلة السبعينات، حيث لعبت اليمن دورًا في انتصار أكتوبر 1973 بإغلاقها مضيق باب المندب وهو ما جعل إسرائيل تتحرك إلى منطقة جنوب البحر الأحمر بحجة تأمين انتقال السفن الإسرائيلية، ليتوسع نشاطها في المنطقة إضافة إلى نشاطها مع أثيوبيا التي تتمتع بعلاقة استراتيجية معها ويشكل تهديدا لمصالح الدول العربية وعلى رأسها اليمن.
أشرفت السعودية كما تؤكد الوثائق على اغتيال الرئيس اليمن الشمالي إبراهيم الحمدي، وأعقبت ذلك بالإشراف على اغتيال رئيس اليمن الجنوبي، والذي شارك أيضاً في مؤتمر البحر الأحمر، وأكد على أهمية مواجهة الأطماع الإمبريالية في موقع اليمن الاستراتيجي.
بعد 41 عامًا من اغتيال الحمدي.. إسرائيل تسيطر على البحر الأحمر بمشروعه:
أعلنت المملكة السعودية، يوم الأربعاء 12 ديسمبر العام الماضي عن توصلها إلى اتفاق لتأسيس كيان البحر الأحمر بهدف تعزيز الأمن والاستثمار والتنمية في الدول المشاطئة للبحر الأحمر.
وقالت وزارة الخارجية السعودية حينها إن سبع دول عربية، اتفقوا، في المملكة، وبحضور العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، على كيان البحر الأحمر وخليج عدن، والذي يضم السعودية ومصر والسودان وجيبوتي والصومال والأردن، وحكومة اليمن الموالية للرياض.
وأشارت الوزارة إلى أن الكيان يهدف إلى حماية التجارة العالمية وحركة الملاحة الدولية، وسيعزز الأمن والاستثمار والتنمية لدول الحوض، وأضافت أن “كيان البحر الأحمر يعتبر مبادرة من الملك سلمان لتحقيق الاستقرار في المنطقة”.
لا تعدو الأهداف المعلنة لهذا الكيان عن كونها اكليشيهات توارب بها السعودية الأهداف الخفية من إنشاء الكيان وتحاول فصله عن إجراءات موازية نفذتها منذ تولي الملك سلمان بن عبد العزيز عرش المملكة بهدف اتمام “مشروع الشرق الأوسط الكبير” الذي وضعه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز عام 1996م.
ويرى الباحث في شؤون الجغرافيا السياسية للبحر الأحمر الدكتور أنيس الأًصبحي أن مشروع كيان البحر الأحمر وخليج عدن هو مشروع إسرائيلي وإن لم تكن إسرائيل من ضمن الدول التي شاركت في إنشاء الكيان بشكل علني.
ويؤكد الأصبحي في حديث للخبر اليمني أن إعلان الكيان هو تتويج لمشروع الشرق الأوسط الكبير الذي أعلنه بيريز عام 1996م ويقتضي تدويل البحر الأحمر وفرض السيطرة على الممرات المائية الاستراتيجية.
ويطرح بيريز في كتابه الشرق الأوسط الجديد إنه لا بد من سلام في المنطقة وتشكيل كيان في مواجهة الخطر الإيراني مشيراً في الصفحة 90 من هذا الكتاب إلى أن السلام يبدأ بإنشاء شرق أوسط جديد وأن هذا الشرق لا بد أن يبدأ بتنفيذ مشاريع مشتركة على البحر الأحمر.
يقول بيريز: “يمكن لنا ان نبدأ في نقطة البحر الأحمر، فقد تغيرت شطآن البحر الأحمر مع الزمن وأصبحت مصر والسودان واريتريا تقع على احد الجوانب فيما تقع اسرائيل والأردن والسعودية على الجانب الآخر وهذه البلدان تجمعها مصلحة مشتركة، ويمكن القول انه لم يعد هناك أسباب للنزاع، فأثيوبيا من بعد نظام منجستو واريتريا المستقلة حديثاً تريدان إقامة علاقات سليمة مع جاراتهما بما في ذلك إسرائيل، في حين أن مصر وقعت بالفعل اتفاقية سلام مع اسرائيل، اما الاردن والسعودية واليمن فتريد تأمين حرية الملاحة والصيد وحقوق الطيران”.
ما قبل إنشاء الكيان:
يتوافق مع حديث بيريز عن الإتحاد بين الدول العربية مع إسرائيل في مواجهة إيران حديث وزير الخارجية السعودي بشكل متكرر أن السعودية حليفة لإسرائيل في مواجهة إيران، أما حديثه عن مشاريع استثمارية على البحر الأحمر فقد دشنت السعودية مشروع مدينة “نيوم” الاستثمارية وهو مشروع تشارك فيه إسرائيل كما تؤكد التقارير الإسرائيلية والعربية والدولية ويهدف إلى إنشاء مدينة للاستثمار في المنطقة الشمالية الغربية للمملكة وهي منطقة تمتد عبر ثلاثة بلدان، وتمتد حدودها إلى الأردن ومصر المجاورتين.
السعودية تشتري تيران وصنافير:
تنازلت مصر بجزيرتي تيران وصنافير لصالح المملكة العربية السعودية، لتتمكن من مد “نيوم” إلى سيناء المصرية والتي اشترى فيها ولي العهد السعودي أرضاً بمساحة ألف كيلو متر مربع.
وبشراء تيران وصنافير أصبحت السعودية جزءًا من اتفاقية كامب ديفيد وهذا ما أشار إليه موشي يعلون وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق خلال مؤتمر صحفي مع صحفيين عسكريين وذكرته صحيفة هآرتس قائلًا: “المملكة العربية السعودية أعطت تأكيدات مكتوبة على حرية العبور في مضيق تيران، وقد تم تسليم وثيقة إلتزام المملكة العربية السعودية إلى “إسرائيل”، بما يتوافق مع ما تم الاتفاق عليه بين مصر و”إسرائيل” في اتفاقية السلام لعام 1979، ووفق الاتفاق يعتبر مضيقا تيران وخليج العقبة ممرات مائية دولية مفتوحة للإبحار والطيران الحر”.
هذا في شمال البحر الأحمر ماذا عن جنوبه؟:
فقد مشروع الشرق الأوسط الكبير إمكانية تحقيقه عند إطاحة حركة أنصار الله في سبتمبر 2014م بحكومة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي الموالية للسعودية وواشنطن، الأمر الذي استدعى تشكيل تحالف دولي لإعادة هذه الحكومة إلى السلطة.
هذا ما ذكره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو في اليوم الثالث من عمليات التحالف السعودي في اليمن حيث زعم أن حركة أنصار الله ترتبط بإيران وأن سيطرتها على اليمن خطر على البشرية كلها.
وقال حينها: إن ما وصفه بـ”محور إيران ـ لوزان ـ اليمن هو محور خطير جدا للبشرية جمعاء ويجب العمل على وقفه” مضيفاً أن الاتفاق الآخذ بالتبلور بين الدول الكبرى وإيران “قد يكون اسوأ مما كانت اسرائيل تتصوره في بداية الأمر.”
وتابع: “لقد أنهيت للتو مباحثات مع الرئيس الجمهوري لمجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور “ماكونيل”، كما تحدثت مع ذلك مع زعيم الديمقراطيين، السيناتور “هاري ريد”، وقد سمعت من الجانبين ما يؤكد الدعم الكامل من الحزبين لإسرائيل، وهذا أمر بالغ الأهمية.”
وتابع نتنياهو بالقول: “عبرت أمامها أيضاً عن قلقنا من الاتفاق المقبل مع إيران.. وبموازاة تلك الاجتماعات في لوزان، فإن أذرع إيران في الشرق الأوسط تشن حملة واسعة لاحتلال اليمن في محاولة للسيطرة على مضيق باب المندب الاستراتيجي الذي يمكن له التأثير على التجارة العالمية وتصدير النفط للعالم.”
بدأ التحالف الذي تقوده السعودية وتسانده واشنطن وتل أبيب بعملية منتظمة للسيطرة على الموانئ والجزر اليمنية واستطاع منذ مارس 2015م السيطرة على معظم الموانئ والجزر اليمنية وقامت القوات المشاركة بالتحالف وفي مقدمتها السعودية والإمارات بنشر قوات عسكرية لها في مختلف الجزر اليمنية رغم كونها بعيدة عن الحرب ولم يصل إليها الحوثيون، كما قدمت مؤخرا تضحيات كبيرة للسيطرة على ميناء الحديدة.
أبعد من ذلك قامت الإمارات بإنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة ميون اليمنية في باب المندب وأخرى في جزيرة سقطرى.
لقد كان الهدف الأساسي من الحرب السعودية على اليمن كما يرى الدكتور أنيس الأصبحي هو السيطرة على الموانئ والجزر اليمنية، وذلك لأهميتها في السيطرة على خطوط الملاحة الدولية وكذلك ضمانٍ لأمن إسرائيل بالمنطقة.
التقريب بين ارتيريا واثيوبيا:
أعلنت السعودية في العاشر من يوليو العام الماضي الصلح بين اثيوبيا وارتيريا بعد توتر 20 عام في العلاقات بينهما، برعاية من ملكها سلمان بن عبدالعزيز.
هذا الصلح ما كان ليتم كما يقول الدكتور أنيس الأصبحي لولا دورًا سعوديًا إسرائيليًا للتقريب بينهما من أجل إتمام مشروع الدول المطلة على البحر الأحمر لتحقيق مشروع الشرق الأوسط الكبير، ومشروع صفقة القرن.
المصدر: الخبر اليمني