المنطقة الشرقية في السعودية: انتهاكات “فوق الخيال“..!

5٬794

أبين اليوم – تحليلات دولية

على الرغم من الجهود الحثيثة للتغطية على النظام القمعي والارهابي، ومحاولة آل سعود إظهار البلاد وفق رؤية 2030 عبر فعاليات الترفيه والانفتاح وما يعرف بموسم الرياض، إلا أن واقع حقوق الإنسان في المملكة ما زال موضع استفهام لدى المنظمات الحقوقية.

وفيما تقول هيئة الترفيه، أن المواسم التي تحمل شعار: “فوق الخيال” هي للجميع، فإن الحكومة السعودية تحرم مئات الأفراد من حقهم في الحرية وممارسة الحياة الطبيعية، بتهم تتعلق بممارستهم حقوق مشروعة مثل التعبير عن الرأي أو الخروج في مظاهرات. إضافة إلى ذلك، يصدر القضاء في السعودية أحكاما بالقتل والسجن لعقود على قاصرين.

وفيما تعلن أن رؤية 2030 تهدف إلى “تعزيز ثقافة البهجة” إلا أنها تهدّد حياة القاصرين وتمارس الاخفاء القسري وتهدم المعالم التراثية في تناقض صارخ.

شعب مقموع في منطقة أكبر احتياطي نفط في العالم:

تعد منطقة القطيف والأحساء التي تعرف بالـ”منطقة الشرقية” الأكبر من حيث المساحة في السعودية إذ تمثل 27.6% من مساحة المملكة الإجمالية. تتميز المنطقة الشرقية باقتصاد متين نظرًا لاحتوائها على أكبر احتياطي نفط في العالم، مما عزز وجود الصناعات النفطية فيها مثل انتاج النفط وصناعات الغاز الطبيعي والصناعات البتروكيماوية.

كما أن المنطقة الشرقية تعد مصدرًا طبيعيًا لأجود أنواع التمور إذ تقع فيها واحة الأحساء، أكبر واحة طبيعية في العالم تضم أكثر من 2.5 مليون شجرة نخيل. وتعد المنطقة الشرقية بوابة المملكة العربية السعودية إلى دول مجلس التعاون الخليجي، فـ60% من المنافذ إلى المملكة تمرّ عبر هذه المنطقة و66% من صادرات المنتجات غير النفطية تُحمَّل عبر موانئ المنطقة الشرقية.

لكن رغم ذلك، تتعرّض منطقة القطيف والأحساء إلى مختلف صنوف الانتهاكات بما في ذلك هدم الآثار والمعالم الطبيعية، وتدمير المنازل، فضلًا عن اجتياح الأحياء واعتقال النشطاء وترحيل الأهالي، وتصفية المطلوبين، والإخفاء القسري، بالإضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان التي تطال المعتقلين داخل السجن، بما في ذلك التعذيب الممنهج والمحاكمات غير العادلة، والإعدامات التي تطال إلى جانب الرجال كبار السن ورجال الدين وشباب اعتقلوا وهم قُصّر.

تعود أسباب هذا القمع بالدرجة الأولى إلى أن هذه المنطقة عُرفت تاريخيًا بأنها تحتوي حركة معارضة ترفض ممارسات السلطة في سلب ثروات البلاد واضطهاد أهالي الجزيرة العربية، وهو ما تمظهر جليًا في انتفاضة محرم 1979، ثم في حراك 2011، وهما هبّتان شعبيّتان كادت أن تتحوّلا إلى ثورات لولا القمع الذي تعرّض له الأهالي.

وفيما يلي عرض مفصّل للانتهاكات الممنهجة للمنطقة الشرقية:

المعالم التراثية:

تعرّضت المعالم التراثية في القطيف والأحساء للهدم الممنهج منذ استيلاء آل سعود على الحكم. وسنذكر فيما سيأتي أبرز الأبنية التاريخية والدينية والمعالم الطبيعية التي هدمها آل سعود تحت ذرائع عديدة غير مبررة.

قلعة القطيف:

تقع هذه القلعة وسط مدينة القطيف، شرق البلاد. بنيت في القرن الثالث الميلادي على يد الساسانيين. بني داخل القلعة 11 مسجداً وقصر البلاط الملكي وقصور ضيافة بالإضافة إلى حظائر مواشي جميعها محاطة بسور منيع. وقد أقدمت سلطات آل سعود على إزالة القلعة في ثمانينات القرن العشرين بشكل تام بعد هدم تدريجي للمنازل والمباني استمر لسنوات.

قصر السراج:

بني قصر السراج ذات القيمية التاريخية والهندسية والفنية العالية، في فترة الحكم العثماني الأول عام 963هـ. جرى تأهيله عام 1363ه من قبل رجال أحسائيين ثم أزيل عام 1396ه رغم معارضة الأهالي، ليتم إنشاء مبنى محافظة الأحساء الذي انتقلت منه فيما بعد.

قصر قريمط:

وفي الأحساء أيضاً أُزيل قصر قريمط في دار قرية البطالية دار إمارة الأحساء الذي كان قد بني في عهد الدولتين القرمطية والعيونية فقد أقدمت السلطات السعودية على هدمه وبناء مدرسة عليه بدلاً من العناية به لجعله معلماً سياحياً بارزاً.

أعمدة دوّار السفينة:

أزالت أمانة الأحساء في عام 2015 أعمدة دوار السفينة الواقع في الدائري المحاذي للمنطقة الزراعية وحي الأندلس وذلك بذريعة تحسين المرافق العامة “بما هو صالح للوطن والمواطن”. وقد سرت في ذلك الحين إشاعات تفيد بأن أبناء الطائفة الشيعية قد حوّلوا تلك الأعمدة إلى “رمز لعقيدتهم الوثنية” ما استوجب تدخل السلطات على عجالة لإزالة معبد المجوس.

المعالم الطبيعية:

ردم البحر:

بدأت عملية ردم بحر صفوى الذي يبلغ طوله 15 كلم وعرضه 5 كلم بين عامي 2002 و2009. يعرف هذا البحر باحتوائه على ثروات طبيعية من شجر وغابات المنجروف (القرم) التي تؤمن وفرة الأسماك والروبيان في هذا الجزء من الخليج العربي. وبما أن المبررات جاهزة فقد اختارت لهذه الجريمة حجّة بناء قناة بين تاروت والقطيف. فضلاً عن أن بحر صفوى تعرض للتلوث بفعل تسليط مياه المجاري عليه من مضخة الصرف بصفوى ومضخة مجاري رأس تنورة.

تجريف بساتين النخيل:

دأبت القوات السعودية على تجريف عشرات الهيكتارات الزراعية في العوامية بذريعة أن البساتين “تضم مسلحين معارضين للنظام السعودي ومهربي أسلحة”. يروي أهالي المنطقة استخدام القوات السعودية لجرافات مصفّحة تقتلع أشجار النخيل والمغروسات في مشهد شبيه لتجريف قوات الاحتلال بساتين الزيتون في المدن الفلسطينية المحتلّة كما يصفه الأهالي.

الأحياء:

هدم أحياء القطيف:

دأب النظام السعودي على إجراء عمليات تجريف في القطيف، تطال أحياء ومنازل ومحال تجارية. وفي أحدث انتهاكات من هذا النوع، شنّت قوات النظام السعودي في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2022 عمليات تجريف في وسط القطيف، ضمن خطة العمل المزعومة “لتطوير” شارع الملك عبد العزيز.

عمليات الهدم شملت مساجد وأوقافاً، بالإضافة إلى معالم أثرية عديدة تحكي تراث وتاريخ القطيف. كما يعدّ الشارع المستهدف بالهدم مهداً للانتفاضة وشاهداً على الحراك السلمي ضد قمع آل سعود، وله رمزيّةٌ وخصوصية نابعة من حجم الأحداث التي شهدها بين العام 2011 و2012.

كانت مصادر من داخل القطيف حينها كشفت إجبار بعض العوائل على توقيع إقرارات نزع الملكية، كما تمّ نزع ملكيّات ما يفوق 1200 عقار، وتهجير جميع الأهالي من دون تعويضات ولو زهيدة. وكانت السلطات السعودية أعلنت عبر “أمانة المنطقة الشرقية” وبلدية القطيف قبل أشهر عن إزالة عدد من منازل ومباني المواطنين ومحلاتهم التجارية بذريعة تنفيذ مشاريع تنموية وتطوير المنطقة، الأمر الذي يصفه مراقبون بأنه تنفيذ لفصول سياسة ممنهجة تستهدف النيل من المواطنين الشيعة وتغيير الوجه التاريخي لمناطقهم القديمة.

هدم حي المسوّرة:

أقدمت السلطات السعودية على تنفيذ تهديداتها السابقة بهدم حي المسوّرة التاريخي وسط بلدة العوامية، في محافظة القطيف وسط حالة من الترهيب عاشها أهالي الحي الذي تحول إلى ما يشبه ساحة حرب حقيقية، وكذلك الأحياء المجاورة، حيث فرضت السلطات طوقاً أمنياً مشدّداً على كامل العوامية، مغلقة جميع مداخل البلدة.

احتجّت السلطة في هدم “حي المسوّرة” بأن بيوته باتت تشكل خطراً على ساكنيها، وقالت إنها ستطلق مشروعاً لإعادة تخطيط الحي وتحويله إلى منطقة خدمات واستثمارات، يضم حدائق ومناطق ترفيهية.

ولكن حتى الآن لم تنفّذ السلطات شيئًا من أقوالها، إذ يؤكد أهالي العوامية، أن السلطات تجاهلت مطالبهم بترميم الحي كمعلم تراثي كما جرى التعامل مع أحياء مشابهة في مناطق أخرى، ويقولون أيضاً إن منطقة القطيف عموماً لم تعرف إلا التهميش والحرمان، وعند أول التفاتة من السلطة، كانت النتيجة مطالبة السكان بإخلاء منازلهم. الأهالي يتهمون السلطة بأنها تتوارى خلف عنوان “المشاريع التنموية” كمطية للانتقام من السكان.

عاشوراء:

الحرب على الشعائر الدينية والحسينية، ممارسة معهودة تتمسّك في تنفيذها السلطات السعودية، فمع كل موسم عاشورائي تجمع السلطة جميع أدواتها لتنهال بها ضد أبناء المنطقة، وتقرر تضييق الخناق عليهم وتتخذ شماعات تعلّق عليها انتهاكاتها وتبريراتها ضد الشعائر الدينية.

تقييد الإحياء:

يسهل لأي مراقب للإجراءات السعودية أن يعي تمامًا بأن دائرة الأوقاف والمواريث بمحافظة القطيف ألحقت بمهامها التنفيذية، مهمة مراقبة ومحاصرة الحريات الدينية التي تكفلها القوانين الدولية وتقييدها متى ما كان الأمر ممكناً.
وفي السياق نفسه، وكما في كل عام يبدي أبناء القطيف والأحساء الاستعداد لمواجهة سياسات النظام القهرية وإجراءاته التمييزية والطائفية بحق أهالي المنطقة.

وفي هذا العام أيضًا، فرض جهاز المباحث العامة عبر دائرة الأوقاف والمواريث في محافظة القطيف قيودًا وإجراءات كيدية على الأهالي مع قرب ليالي شهر محرم، وجاء ذلك تحت عنوان “ضوابط تنظيمية خاصة بإحياء موسم عاشوراء”.

وتظهر تلك ضوابط في أحد جوانبها تقييد إحياء ليالي عاشوراء من خلال إلزام القائمين على مواقع العزاء التوقيع على نماذج الشروط والضوابط المعدّة، وبالتالي تحمل مسؤولية أي خرق قد يحدث واتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة.

منع المواكب الحسينية:

في آخر إجراءات النظام السعودي التعسفيّة ضد موالي أهل البيت عليهم السلام، صدر عن السلطات السعودية، قرار يقضي بحظر خروج مواكب العزاء في شوارع القطيف، في إجراء يعدّ الأول منذ انتفاضة محرم 1400 هجرية، والاكتفاء بها داخل الحسينيات.

هدم المضائف الحسينية:

عام 2018 أزالت السلطات عدد من المضائف في بلدة القديح وصفوى وأم الحمام. فيما أقدمت القوات المدججة بالسلاح والمدعومة بالمدرعات المصفحة على تخريب وهدم الخيام العاشورائية والمضائف الحسينية في بلدة القديح للمشاركة في إحياء فاجعة كربلاء، إذ عمدت الفرق العسكرية إلى تخريب الفعاليات وتكسير محتوياتها، وتحويلها إلى ركام متجمع على الأرض.

الفرق العسكرية جعلت من المضائف ركاماً وحطاماً، إثر اعتداء (همجي) طائفي، تحاول عبره السلطة الانتقام من كل المظاهر العبادية والدينية التي يمارسها الشيعة في القطيف والأحساء وكافة دول العالم.

تهديد الرواديد:

في كل عام، تسارع السلطات السعودية إلى تحذير وتهديد الشبان الرواديد من المشاركة في المسيرات في العاشر من محرم وخاصة مع استعداد أبناء القطيف لتصدّر مسيرات العاشر التي اعتاد شيعة أهل البيت(ع) أن ينظمونها في شهر محرم. وجرت العادة أن يتم استدعاء جميع الرواديد الحسينيين، في القطيف إلى مركز الشرطة ويستمر التحقيق معهم لساعات كما يلزمون بالتوقيع على تعهّد بعدم المشاركة في عزاء الموكب الموحّد.

اعتقالات:

تشهد المنطقة الشرقية واقعًا من القمع الشديد إذ ترتفع أعداد المعتقلين والجرحى، في ظل استمرار مداهمة المنازل وترويع الأهالي وتطويق الأحياء السكنية على خلفية اتهامات ملفّقة ترتبط معظمها بالمشاركة في حراك 2011، أو قضايا الحرية والتعبير عن الرأي.

اعتقال النشطاء:

يتعرّض النشطاء في المنطقة الشرقية لاعتقالات تعسفيّة، دون الاستناد إلى تهم محددة أو واضحة. يصاحب ذلك تغييب المعلومات عن أوضاع المعتقلين من الصحية إلى مكان احتجازهم أو إمكانيّة تواصل بعضهم مع ذويهم. تستند السلطات السعودية في إدانة النشطاء على قوانين “مكافحة الإرهاب” لتبرير الاعتقالات والتعذيب..

ذلك أن تعريف الإرهاب في قانون الإرهاب السعودي لسنة 2014 جاء ليطال أفعال أعمال جرميّة لتصنف “جرائم إرهابية”،  بما في ذلك أي فعل المقصود منه مباشرة أو بشكل غير مباشر تعكير صفو النظام العام للدولة، أو زعزعة أمن المجتمع أو استقرار الدولة، أو تعريض الوحدة الوطنية للخطر، أو بتعليق القانون الأساسي للحكم أو بعض مواده، أو إهانة لسمعة الدولة أو مكانتها، أو لإلحاق الضرر على أحد مرافقها العامة أو الموارد الطبيعية، لأي شخص، سواء كان مواطنًا سعوديًا أو أجنبيًا، سواء كان داخل الدولة أو خارجها، متهمًا بمثل هذا السلوك، يمكن مقاضاته على أنه “إرهابي” داخل المملكة العربية السعودية.

اعتقال رجال الدين:

ارتفع عدد الأرقام المسجلة في السجون “السعودية” لجهة علماء القطيف والأحساء مع اعتقال الشيخ عبد المجيد بن حجي الأحمد، يوم الجمعة (24 حزيران/يونيو)، ليبلغ الـ20، والشيخ الأحمد من سكان الأحساء وأحد أساتذة الحوزة العلمية فيها، حيث تم اقتحام منزله ومصادرة هواتفه وجهاز الحاسب الآلي الخاص به.

أسماء العلماء المعتقلين: الشيخ عبد الجليل العيثان، الشيخ حسن آل زايد، الشيخ حسين الراضي، لشيخ بدر آل طالب، الشيخ محمد حسن الحبيب، السيد جعفر العلوي، الشيخ حبيب الخباز، الشيخ محمد زين الدين، لشيخ سمير الهلال، الشيخ عبّاس المازني، الشيخ فتحي الجنوبي، الشيخ عبد اللطيف الناصر، الشيخ عبّاس السعيد، السيد خضر العوامي، السيّد هاشم الشخص، الشيخ فاضل، هلال آل جميع، الشيخ علي الماء، السيد محمد رضا السلمان، الشيخ مجتبى النمر، الشيخ عبد المجيد الأحمد.

اعتقال النساء:

بعد قمع الانتفاضة في القطيف والأحساء، كانت النساء على موعد مع جولة أخرى من التضحية، إذ تعرضت نساء القطيف والأحساء للاعتقال والتعذيب الممنهج، فعلى سبيل المثال اعتُقلت إسراء الغمغام برفقة زوجها موسى الهاشم من بيتهما في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2015 على خلفيّ ة المشاركة في المسيرات والمظاهرات في القطيف. أما فاطمة آل نصيف، فقد كانت قد أنهت تطبيقها العملي في مجال التمريض في الصيف الذي تمّ فيه اعتقالها عام 2017.  تعرضت للتعذيب في السجن، واللائحة تطول في ذكر غيرهن من نساء القطيف والأحساء المعتقلات والمعذّبات.

إعدامات:

تستمر السلطات السعودية بالإقدام على إعدام أبناء القطيف المعتقلين، ما يؤكد التمييز الطائفي الذي يتعرض له المواطنين الشيعة في البلاد، رغم أن تشريعات وأنظمة السعودية “تجرم أشكال التمييز العنصري”.

إعدام الشيخ نمر النمر:

أعدمت السلطات السعودية قائد الحراك الشعبي في القطيف والأحساء، الشيخ نمر النمر في 2 يناير 2016. حصل ذلك بعد اعتقال دام لأربع سنوات رافقه تعذيب شديد، وفي ظروف سجن غير صحيّة.

الشيخ النمر كان ناشط في العدالة السياسية والاجتماعية من قرية العوامية في القطيف. وكان من أشد منتقدي السلطات السعودية داعياً إلى الإصلاحات السياسية السلمية. بشكل خاص، دعا الشيخ نمر إلى العصيان المدني السلمي، رداً على سياسات السلطات السعودية التمييزية التي أدت إلى تهميش الطائفة الشيعية. تتعلق معظم التهم الموجهة للشيخ نمر مباشرةً بخطبه ونشاطاته الاحتجاجية السلمية.

إعدامات جماعيّة:

بينما كان أهالي المعتقلين يأملون الإفراج عن أبنائهم، أعدمت السلطات السعودية يوم السبت 12 مارس/ آذار 2022، 81 مواطناً ومقيماً، بينهم 40 معتقل من القطيف، بالإضافة إلى يمنييّن وسوريين، بزعم تورّطهم في “قضايا إرهابيّة”، وهي التّهمة التي توجّهها السلطات للنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد لتبرير الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها بحقهم.

السلطات السعودية سبق وأعدمت 37 معتقلاً بشكل جماعي في 23 أبريل/نيسان 2019، 33 منهم على الأقل من الطائفة الشيعيّة أدينوا في أعقاب محاكمات جائرة لمختلف الجرائم المزعومة، منها الجرائم المرتبطة بالاحتجاج، و”التجسس”، و”الإرهاب”. وفي يناير/ كانون الثاني عام 2016 ارتكبت السلطات السعودية جريمة مماثلة تم تنفيذها بشكل جماعي وطالت 47 شخصاً من مختلف المناطق وفي مقدمتهم الشيخ الشهيد نمر باقر النمر الذي أعدم بعد اعتقال دام لأربع سنوات على خلفية مشاركته في الاحتجاجات السلميّة التي شهدتها القطيف والأحساء منذ عام 2011.

إعدام القصّر:

أكدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن “السعودية” لا تزال تهدد بإعدام قاصرين من (المنطقة الشرقية ومناطق أخرى) بأحكام تعزيرية، وهي الأحكام التي حظرتها بموجب قانون الأحداث، فضلا عن استمرارها بإصدار أحكام القتل بالقصاص والحد، التي تخالف اتفاقية حقوق الطفل.

المنظمة أكدت أن السعودية تتلاعب في ملف إعدام القاصرين، من خلال الأحكام والتلاعب بالأعمار في محالة لتضليل المجتمع الدولي. ونبهت المنظمة الحقوقية إلى انعدام أي سبل محاسبة ومساءلة حقيقية تطال المسؤولين عن الانتهاكات والتعذيب الذي يتعرض لها القاصرون.

الإخفاء القسري:

تمارس السعودية الإخفاء القسري بحق أبناء القطيف والأحساء، والذي تعرّفه الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، بأنه “الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون”. هذه الممارسة التي تطال الأهالي في القطيف والأحساء ليست عارضة أو فردية، إنما ممارسة ممنهجة ولأهداف عديدة.

يشكل الإخفاء القسري الذي تمارسه السعودية مقدمة للإعدام في بعض الحالات. فبحسب رصد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، حكم على عدد من المتهمين بالإعدام ونفذ الحكم بحقهم، على الرغم من تعرضهم لعدد من الانتهاكات. فبحسب توثيق المنظمة شملت الإعدامات أفرادا كانوا قد أخفوا قسريا عند الإعتقال، تعرضوا خلال فترة إخفائهم إلى التعذيب وسوء المعاملة الذي أدى إلى الإدلاء باعترافات استخدمت لاحقا في المحاكمة وإصدار الأحكام.

منع توكيل محامي:

كثيرةٌ هي الانتهاكات التي ترتكبها السلطات السعودية بحق معتقلي الرأي، لكن أبرزها منع المعتقل من توكيل محامي والسماح له بالدّفاع عن نفسه. وفي حال أتيح له ذلك، تمنع السلطات لقاء معتقلي الرأي مع محاميهم أو توكيل محامي، مثل محمد الشاخوري، الأكاديمي محمد الشنار، الشاب علي آل ربيع، الأكاديمي عبد الرحمن الشميري، ود. علي أبو الحسن، وغيرهم.

احتجاز الجثامين:

ثمة نوع آخر من الانتهاكات التي تطال سجناء الرأي من أهالي القطيف ومعموم البلاد، وهو احتجاز جثامينهم بعد اعتقالهم وإعدامهم، على غرار ما حصل مع الشيخ نمر باقر النمر الذي استشهد في 2 يناير 2016 ولا يزال جثمانه المبارك محتجز حتى الآن إلى جانب جثامين ثلاثة شبان آخرين من القطيف والأحساء أعدموا معه. مع العلم أنه عندما يتوفى شخص في الاحتجاز، توجب المعايير الدولية الإبلاغ عن ذلك دون تأخير إلى سلطة قضائية مختصة، مستقلة عن سلطة الاحتجاز، ومفوضة بإجراء تحقيقات فورية وفعالة وحيادية.

المصدر: الخنادق

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com