عقب العملية التحذيرية في ميناء الضبة.. أي معادلة جديدة تفرضها صنعاء .. “تقرير“..!
أبين اليوم – تقارير
تقرير/ حلمي الكمالي:
في أعقاب العملية العسكرية التحذيرية لقوات صنعاء، والتي أوقفت عملية نهب جديدة للنفط اليمني في ميناء الضبة بمحافظة حضرموت، شرقي البلاد، فإننا أمام مرحلة مغايرة تفرضها البندقية اليمنية في صنعاء، تدك صميم التوازنات العسكرية والسياسية على مسرح المواجهة المفتوحة مع قوى التحالف السعودي الإماراتي، ومن خلفها القوى الغربية المساندة لهذا التحالف الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة.
بكل تأكيد، فإن إستهداف مراكز تهريب النفط والغاز اليمني الذي تمارسه قوى التحالف منذ بداية حربها على اليمن، يفتح الأفق لتطورات كبرى في المشهد اليمني، في وقت تبدي صنعاء، إحكامها لتفاصيله الدقيقة، وعلى رأسها فرض معادلة النفط مقابل تسليم المرتبات وتنفيذ الإستحقاقات الإنسانية التي يتنصل عنها التحالف خلال المفوضات الجارية مع صنعاء، إلا أن النتائج المرجوة من هذه العملية ستكون أبعد بكثير من تلك المعادلة.
تنفيذ قوات صنعاء لتحذيراتها وتهديداتها، يؤكد مدى جهوزيتها العسكرية والفنية، إلى جانب قدرتها على إتخاذ قراراتها بكل دقة وحرفية، بالتماس مع كل الضغوطات الدولية والظروف السياسية القائمة، وهي حنكة تميزت بها القيادة السياسية والعسكرية في صنعاء، خلال قيادتها لظروف الحرب والسياسة في أكثر من معركة وأكثر من موضع، ولعلنا شاهدنا تلك الحنكة في إدارتها لمعركة الحديدة.
وفي هذا السياق، إذا ما نظرنا إلى تفاصيل العملية سنجد أنها استهدفت المنطقة الواقعة بين الناقلة النفطية وعوامة الميناء، وهو ما يشير إلى حجم فعالية وقدرة طائرات قوات صنعاء على تنفيذ العملية بدرجة عالية من الدقة، وهذا ما يدل على التطور النوعي الذي تشهده الصناعات العسكرية لقوات صنعاء، وتحديداً أسلحتها الإستراتيجية، ما يبدو أننا بالفعل أمام أسلحة ردع حقيقية تُغير التوازنات العسكرية والسياسية رأسا على عقب وبشكل كلي.
على أية حال، نحن أمام تحول نوعي في قواعد الإشتباك بالنسبة لقوات صنعاء، هذا التحول يشير إلى أن العودة مجدداً إلى الحرب المباشرة هذه المرة، يعني فتح مسارح وميادين جديدة للمواجهة المفتوحة مع قوى التحالف، لا يبدو أنها ستتوقف عند ضرب الشركات الأجنبية الناهبة للثروات اليمنية، بل قد تشمل إستهداف القواعد الأمريكية والبريطانية المتواجدة شرقي البلاد، وفي الجزر والسواحل اليمنية.
وما كشفته صنعاء عن قيام المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، بالتواصل لمدة أسبوعين عبر جهات تتوسّط لدى صنعاء للسماح للسفينة “سينوس كيا” بشحن النفط من ميناء الضبة؛ فإن تنفيذها للعملية العسكرية التي منعت عملية النهب، يعد رسالة تحذيرية نارية للولايات المتحدة وكل القوى الغربية المشاركة في حرب التحالف على اليمن، مفادها أن صنعاء لن تتهاون مع عمليات النهب وأن ثرواتها خط أحمر غير قابل للمساومة، كما أنها لن تتهاون مع أي قوة أجنبية تشارك أو تدعم عمليات النهب.
هذا المسار الجديد الذي حددته قوات صنعاء، لا يبدو أنه سيلاحق قوى التحالف وشركاتها في الداخل اليمني، بل أنه قد يطال كبرى الشركات الأجنبية في دول التحالف، الممولة لحربها على اليمن، وهذه معادلة سبق وأن فرضتها قوات صنعاء على التحالف خلال الفترة الماضية، عندما جعلت عملاق النفط السعودي أرامكو أمام وجهة الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، رداً على تشديد الحصار على البلد.
إلى ذلك، فإن القادم يبدو مغايراً تماماً لمخيلة قوى التحالف على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية، ولا خيار أم هذه القوى إلا خوض مسار السلام الحقيقي والإلتزام بتنفيذ شروط صنعاء للإستحقاقات الإنسانية وإنهاء الحرب على البلد ووقف عمليات النهب ورفع الحصار..
وما دون ذلك فإن خيارات التحالف تبدو متواضعة أمام ما تملكه صنعاء من خيارات ردع على جميع المستويات بحكم الواقع والتجربة والتي أدركها التحالف وفصائله والقوى الغربية المساندة لهما طوال السبع السنوات الماضية، إلى جانب الالتفاف الشعبي المتزايد حول خيارات صنعاء،وهو ما شاهدناه عقب العملية التحذيرية في ميناء الضبة، والتي لاقت مباركة واسعة لدى المكونات والقبائل في المحافظات الجنوبية.
YNP