إيقاف التحالف عملياته في الداخل اليمني .. إعلان هزيمة أم محاولة إلتفاف على جهود السلام.. “تقرير“..!
أبين اليوم – تقارير
تقرير/ حلمي الكمالي:
تتسارع التطورات السياسية والعسكرية في المشهد اليمني بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة، مع فرض قوات صنعاء معادلات جديدة على واقع المواجهة مع قوى التحالف السعودي، والذي اتجه قبيل ساعات قليلة من إنتهاء المهلة التي وضعتها صنعاء في مبادرتها الأخيرة؛ بإعلان وقف العمليات العسكرية في الداخل اليمني فقط.
ولكن هل يعد هذا الإعلان مقدمة لإمكانية رضوخ التحالف لتحقيق السلام في اليمن، أم محاولة سعودية للإلتفاف على مبادرة صنعاء، بالأخص أن الإعلان لم يشير إلى رفع الحصار وانسحاب القوات الأجنبية من البلاد، التي تضمنتها مبادرة الرئيس المشاط.
بلا شك، أن إعلان التحالف السعودي وقف العمليات العسكرية، في ظل المتغيرات العسكرية التي أحدثتها قوات صنعاء في العمق السعودي بغضون الأيام الماضية، بعد ضربها عملاق النفط السعودي، يعد نصراً إستراتيجياً تسجله بندقية صنعاء خلال المرحلة الجديدة، لأسباب كثيرة أبرزها، إعتراف التحالف بأن حربه على اليمن، هي حرب عدوانية على الشعب اليمني، وليست حرب داخلية كما كان يحاول ترويجها خلال الفترة الماضية.
بعيداً عن محاولة التحالف الالتفاف على جهود السلام، لكن إعلان التحالف الأخير يعكس حجم العجز السعودي عن التصدي لهجمات قوات صنعاء، والتي ترجمته مخاوف القوى الغربية المشاركة والمساندة للتحالف في اليمن، بعد هرولتها عقب الهجمات، لعقد قمة طارئه في صحراء النقب على الأراضي المحتلة، والتي جمعت وزراء خارجية كل من الإحتلال والولايات المتحدة الأمريكية، والإمارات، والبحرين، ومصر، والمغرب، والأردن.
إذ أنه لا يمكن فصل هذه القمة العاجلة، لدول التطبيع، عن مجريات الأحداث والتطورات التي تشهدها المنطقة، وعلى رأسها العمليات العسكرية اليمنية الأخيرة في العمق السعودي والإماراتي، والتي باتت تشكل خطراً حقيقياً على المصالح الأمريكية والغربية في مستعمراتها بالشرق الأوسط، إضافة إلى مخاوف الإسرائيلي الذي يتحسس رأسه مع كل ضربة تجاوزت الأميال الفاصلة بين تل أبيب وصنعاء.
ما يمكن تأكيده اليوم، من مجمل الأحداث والتطورات التي رافقت هجمات صنعاء الأخيرة في العمق السعودي، ثم مبادرتها التي وضعتها لتحقيق السلام العادل؛ هو أن التحالف السعودي وخلفه القوى الغربية، لا يملكان أي خيارات متاحة سوى التسليم المطلق لشروط صنعاء التي خصتها مبادرة الرئيس المشاط، بإيقاف الحرب على اليمن ورفع الحصار بشكل نهائي وانسحاب القوات الأجنبية من البلاد.
بصرف النظر عن مشاورات الرياض أو ما يسمى بمؤتمر الرياض بنسخته الثانية، والتي دعت إليه المملكة لتسوية الأوضاع الداخلية لأدواتها، فإن هذه المشاورات التي تعد محاولة فاشلة للتغطية عن السقوط المدوي لقائدة التحالف، فإنها ليست إلا ” حجة أخيرة ” لأدواتها قبل إعلان إنتهاء مرحلة “الشرعية”، ولن تؤثر مطلقاً على سير المبادرة وأي حوارات مباشرة بين صنعاء والرياض، قد تقود إليها هذه المبادرة.
السيناريوهات المحتملة لعموم التطورات التي تشهدها الساحة اليمنية، خلال الأيام القادمة، مرهونة بتعاطي الرياض مع مبادرة صنعاء، بشكل جدي؛ فالمبادرة التي تمثل طوق النجاة الأخير للسعودية، يمكن أن تمنحها الخروج من المأزق بأقل الخسائر، إذا ما ذهبت سريعاً نحو رفع الحصار بشكل كامل، وما دون ذلك، فإنه لا يمكن تفادي العمليات اليمنية التي تهدد بقاء الجارة “الكبرى”، في ظل الموقف الصريح لصنعاء تجاه الانتصار للدم اليمني المسفوك، وقهر سياسة التجويع التي تنتهجها دول التحالف، كأول شرط لتحقيق السلام العادل.
ببساطة متناهية، ضربات يمنية جديدة تنسف عملاق النفط السعودي، في هذا التوقيت، ستساهم في قفزة جنونية بأسعار النفط، ما يعني أن اقتصادات الدول الغربية العظمى، ستنهار مباشرة، والتي تواجه اليوم أزمة إقتصادية مركبة في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، وما يلحقها من مشاكل وعراقيل لإمدادات الطاقة الروسية إلى القارة العجوز، بالتالي فإن من مصلحة تلك القوى الدفع لإيقاف الحرب العدوانية على اليمن هذه المرة، قبل أن تخسر كل شيء.
استناداً لكل ما سبق، فإنه لا خيارات ممكنة أمام قوى التحالف السعودي، غير ترجمة تعاطيها مع مبادرة صنعاء، بشكل عاجل على أرض الواقع، وأولها رفع الحصار، إذا ما أرادت النجاة من شبح الانهيار الإقتصادي والأمني، في ظل عجز الحلفاء والداعمين معا، عن مواجهة التطورات الحربية الفائقة، لقوات صنعاء، والتي باتت اليوم لاعباً رئيسياً في التحولات الإستراتيجية بالمنطقة والإقليم؛ ولا نعتقد أن لدى قوى التحالف أي قدرة على المراوغة أو الالتفاف، لأنها ستكون أمام أعاصير يمنية أكثر دمارا من سابقاتها.
YNP