في أعقاب خريف قاتم رياضياً أرساه تفشي فيروس كورونا المستجد، يدخل عملاقا إسبانيا، ريال مدريد وبرشلونة، سوق الانتقالات الشتوية في الرابع من كانون الثاني/يناير المقبل، وسط شكوك عديدة، خاصة في ظل الاستحقاقات الكبيرة التي تنتظرهما. وفي ظل تضرّر حساباتهما المالية بشدة بسبب الجائحة، إضافة إلى المبالغ الباهظة التي أنفقت على تجديد الملعبين خلال العام الماضي، يتعين على الناديين اللذين يعتبران المحركين الأساسيين لسوق الانتقالات، اتخاذ خيارات صعبة.
وفي مقارنة بينهما، يبدو ريال في موقف أفضل من غريمه التقليدي، حيث لم يبرم فريق المدرب الفرنسي زين الدين زيدان صفقات خلال سوق الانتقالات الصيفية، إذ عاد بعض اللاعبين المعارين إلى صفوفه، أبرزهم النروجي مارتن أوديغارد، فيما رحل من لم يكن من الأسماء البارزة في النادي. ويعتبر البلجيكي إدين هازار آخر صفقة كبيرة في النادي بعد وصوله في صيف العام 2019 من تشلسي الانكليزي مقابل 115 مليون يورو، إلا أنه غاب عن قرابة خمسين مباراة منذ وصوله بسبب تكرر الإصابات.
ومنذ الأزمة المالية التي عانى منها النادي بسبب الوباء العالمي، ردّدت إدارته مرات عديدة أنها لن تتعاقد مع لاعبين جدد، إذ أعلنت منذ أيام عن مكاسب بلغت فقط 313 ألف يورو لموسم 2019-2020، وهو رقم بعيد جداً عن الأرباح المذهلة التي سجلها النادي في السنوات السابقة، حيث احتل غالباً المركز الأول في قائمة الأندية ذات الدخل الأكبر في العالم، وفقاً لشركة ديلويت.
ومع قائمة مؤلفة من 25 لاعباً وعودة الغالبية من الإصابات وتحسّن نتائج الفريق تدريجياً، ولا سيما بعد بلوغه الدور ثمن النهائي من دوري أبطال أوروبا بعد بداية سيئة وتحقيقه خمسة انتصارات توالياً في الدوري، يبدو أن بطل إسبانيا بدأ بإيجاد القليل من الاستقرار. لكن ممّا لا شك فيه أن المجال مفتوح لتعزيز بعض المراكز، على غرار مركز رأس الحربة الذي يشغله الفرنسي كريم بنزيمة المتألق منذ بداية الموسم، والذي ليس لديه بديل موثوق. وفي الوقت الذي ترغب فيه جماهير الفريق الأبيض في التعاقد مع مهاجم باريس سان جيرمان كيليان مبابي، يجب على ريال مدريد بشكل خاص تمديد عقد قائده الأساسي سيرخيو راموس (34 عاماً) الذي ينتهي في حزيران/يونيو، وذلك من دون زيادة كبيرة على راتبه.
من جهة أخرى، تشير الصحافة الإسبانية إلى أن بطل إسبانيا مهتم بالتعاقد مع النمساوي دافيد ألابا، مدافع بايرن ميونيخ الألماني، لتعزيز الجبهة اليسرى، في حين قد يغادر إيسكو الذي لا يبدو ضمن مخططات زيدان في القلعة البيضاء.
وعلى الجهة المقابلة، فإن برشلونة غارق في الديون، وهو يريد تجديد عقد هدافه التاريخي ليونيل ميسي الذي ينتهي في 30 حزيران/يونيو 2021، والذي سيكون قادراً على التفاوض مع أي نادٍ بدءاً من الأول من كانون الثاني/يناير المقبل. وقال أفضل لاعب في العالم ست مرات، الأحد الفائت، في مقابلة عرضتها قناة “لا سيكستا” الإسبانية وأجريت مطلع الشهر الحالي، “لم أقرر أي شيء”، وتابع “لا أعرف بعد. النادي يمر بفترة سيئة، وسيكون من الصعب إعادته إلى مستوياته السابقة. ولكنني متحمّس”.
وتفيد الصحافة المحلية بأن النادي الكاتالوني يستعد للتخلي عن الفرنسي بطل العالم صامويل أومتيتي، مقابل عودة قلب الدفاع الشاب إريك غارسيا الذي نشأ في أكاديمية لا ماسيا، من مانشستر سيتي الإنكليزي، والتعاقد مع البرازيلي فيليبي من أتلتيكو مدريد. ويعتبر تعزير خط الدفاع أولوية للمدرب رونالد كومان بعدما عانى مدافعوه من الإصابات خلال الفترة السابقة، كما ترغب الجماهير في التعاقد مع رأس حربة صريح مكان الدنماركي مارتن برايثوايت.
غير أن المشكلة الاقتصادية تقف عائقاً أمام كل هذه الآمال. ففي عام 2019 حصل برشلونة على قرض بقيمة 140 مليون يورو لمدة خمس سنوات من صندوق استثمار أميركي، كما استدانت الإدارة السابقة مبلغ 815 مليون يورو على مدى 30 عاماً من بنك “غولدمان ساكس” لإكمال المشروع المكلف لتجديد ملعب “كامب نو”.