ابحثوا عن رضا الله في بسمات الأطفال وعيون الأرامل..!
بقلم/ وليد الحدي
عندما تعود ذات مساء إلى منزلك في ليلة شتاء باردة، ثم تجد شيخاً طاعناً في السن لا يقوى على الحركة من شدة الصّقيع، وهو يمتد بجسده النحيل المجعّد فوق الرصيف البارد تحت أحد الجسور، فاعلم أن كثيراً ممن ينتمون لهذا المجتمع قد فقدوا انسانيتهم..!
عندما تجد إمرأة وفي بعض الأحيان طفلاً أسنانه تصطك من شدة البرودة، ولا يجد ما يقي جسمه الصغير، فذلك دليل قاطع على أن الرحمة قد انتزعت من قلوب الكثير..!
للأسف نحن نعيش حالة شيزوفرينيا جماعية داخل المجتمع، نتسابق على سماع المواعظ، ونتباهى بسرد الأحاديث التي تحث على التراحُم؛ بينما الواقع لا يُترجم ذلك إلا بنسبة بسيطة !
لا زلنا أسرى لكثير من القشور التي تحول دون فهمنا لمقاصد الدين الذي يحرص على حفظ النفوس ويتعامل معها بقدسية قد تفوق ألف شعيرة وطقس، ولا زلنا قابعين في هوة سحيقة ما بين القول والعمل !!
وأين القول من العمل؟!!
يبحث البعض منا عن رضا الله بين أعمدة المساجد أو في مكاتب السفريات قاصداً بيت الله حجاً أو عُمرة، باذلاً الكثير من الأموال ظناً أنه يتقرب إلى ربه، وهو القادر أن يجد رضاه بمال قليل قد يُدخِل الفرحة على مُحتاج ويكون أجره عند الله خير من عشرات العُمرات التي قد تكلف الواحدة منها أضعاف هذا المبلغ عشرات المرات !!
أو قد تجده يجتهد أحياناً في بناء مسجد بملايين الريالات لن يضيف لعباد الله قيد أنملة، وهو القادر أن يرى رضاه مرسوماً على بسمات الأطفال.
وفي عيون الأرامل والمساكين..
ومن لا عائل لهم..
وأن يتقرب إليه حقاً بإدخال السرور عليهم..
ماذا لو تفقد كل فرد جيرانه وأقاربه؟
ماذا لو تبرّع كل منا ببطانية واحدة؟
بطانية واحدة فقط قد تُنقذ حياة إنسان من موت البرد القارس؟
الكثير من المحتاجين في منازلهم يتجمّدون برداً، فيلجؤون إلى استخدام ما لديهم من ملابس باليه ليعوضوا به غطاء، علّه يقيهم شر الشتاء ..!!
في الوقت الذي لا تخلو منازل الغالبية على الأقل من بطانية فائضة عن الحاجة تمر عليها السنوات تلو السنوات وهو لا يستخدمها البتة !!
أو تجد لديه فائض من الأموال ما يمكّنه من شراء بطانية يهديها لجاره المحتاج!
ها هو نبينا الكريم محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم يقول (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قالوا من يا رسول الله؟ قال من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم )
فما بالك عندما يجتمع الجوع و البرد على جارك، وكرامته لا تسمح أن يسمع أحد أنينه..!
فلْيبادر كل فرد منّا بنفسه، يتفقّد جاره، يقدّم له ما استطاع..
لا تنتظروا المبادرات أو المنظمات، ولا تركنوا على غيركم.. فقد يفقد بعض إخوانكم حياته قبل أن تصله تلك المساعدات..!
والله من وراء القصد..!