موسم العودة إلى دمشق.. زيارة متأخرة لتصحيح خطأ دفع ثمنه الشعب السوري..!

3٬948

أبين اليوم – الأخبار الدولية

فتحت الإمارات معبر الزيارات العربية الى دمشق، وكسرت حظراً خليجياً كبيراً بعد وصول وزير خارجيتها على رأس وفد حكومي الى العاصمة السورية، لتكون الخطوة الابرز في مسيرة اعادة سوريا الى حضنها العربي وعودة العرب الى قلب عروبتهم.

أجراس العودة الى دمشق والتي قرعتها الامارات عبر وزير خارجيتها، والذي اكد دعم بلاده لجهود الاستقرار في سوريا، اعتبر أيضا ان ما حصل في سوريا اثر على كل الدول العربية، وان ابوظبي مستعدة لمساندة الشعب السوري، لتشكل تلك الزيارة صحوة جاءت متأخرة لتصحيح خطأ دفع ثمنه الشعب السوري، ومحاولة لإعادة عقارب الزمن العربي الى دقاته المنظمة بحسب إيقاع دمشق، ويرى الكثيرون انها مقدمة لاستعادة دمشق مقعدها في الجامعة العربية.

هذه الزيارة لم تكن صدفة، بل كانت نتيجة مقدمات طويلة، انطلقت على المستوى الإقليمي والعربي، ولعبت فيها المتغيرات الدولية دورا مهما، ما جعل المشهد الاستراتيجي يؤكد انحسار ما يسمى بالربيع العربي، وذلك اجبر العديد من الدول على التراجع عن خطابها السياسي، وحتى مواقفها العدائية، ومن هنا، كانت الامارات السباقة في كسر الجمود السياسي والدبلوماسي مع دمشق، والذي بدأ بافتتاح سفارتها في دمشق في نهاية عام 2018..

وصولا الى الاتصال الهاتفي بين الرئيس السوري بشار الأسد ومحمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي في العشرين من شهر تشرين الأول، ولا ننسى الزيارات المتكررة للوزراء الاماراتيين للجناح السوري في معرض اكسبو، والذي نتج عنه توقيع عدة اتفاقيات وتفاهمات اقتصادية، كل ذلك يأتي بعد ان استلمت الامارات راية اصلاح البيت العربي، ولعب دور الوسيط السياسي، بعد ان أدت هذا الدور لفترة طويلة سلطنة عمان.

انها الزيارة الحبلى بالتبدلات الدراماتيكية والمفاجآت، التي تؤكد اقتراب اكتمال مشهد اقليمي جديد انطلاقا من سوريا، هذه الخطوة تحمل ابعاد كثيرة لا تقتصر على السياسة، بل تصل الى الاقتصاد والاعمار، ما يعزز الفكرة الواضحة ان دمشق تسير للخروج من عزلتها السياسية والاقتصادية بشكل متسارع، بالرغم من البركان الإقليمي الذي يغلي..

وتعبر عنه مجموعة من المعطيات السياسية تعكس ملامح هذا التحرك العربي والإقليمي الجديد، وتشكل فيه دمشق ومحور المقاومة حجر الرحى، بعد الصلابة الكبيرة في مواجهة الإرهاب، والضغوط وحرب العقوبات الامريكية، ما يعكس بشكل واضح ادراك جميع من يتجه الى دمشق، محورية دورها في صياغة الخارطة السياسية للمنطقة والاقليم، و يترجم معادلة نصر المحور، وسعي الجميع لفض الاشتباك الإقليمي، وكل ذلك ينطلق من ثبات محور المقاومة سياسيا، وصموده عسكريا واقتصاديا.

بالطبع، بعد كل التحولات الاستراتيجية، مازالت دمشق قادرة على ملاقاة من طرق بابها، في الوقت الذي تحاول فيه انهاء تبعات العدوان والحرب التي فرضت عليها، وتحاول ان تفرض من جديد قدرتها على التشبيك مع بعض الدول لمنع مشروع الكيان الإسرائيلي التطبيعي..

بالإضافة الى كونه تراجع للنفوذ الأمريكي على المستوى الإقليمي من أفغانستان حتى المتوسط، ما يعني نجاح هام للمحور بشكل كامل وفرض شروطه من جديد في نظام إقليمي. هذا النجاح حصل عليه المحور عبر مواجهة كبرى، فرضت دول محور المقاومة كفضاء سياسي إيجابي، تسعى لعلاقات واضحة مع دول الجوار، من هنا تسعى بعض الأنظمة لحجز مقعدها بالقرب من دمشق، لتحمي مصالحها، وهذا ما يفسر قفز بعض الدول من عربة العدوان، ونراها اليوم تسعى لكي تكون ضمن خارطة النفوذ الجديدة للاقليم بشكل عام.

ان الواضح في هذا الحراك السياسي، قدرة سوريا على فهم قواعد اللعبة السياسية، واتقانها بقوة قواعد بناء العلاقات الدبلوماسية مع الدول والحكومات، وخبرتها الكبيرة في تحويل هذه العلاقات الى نقاط قوة في عملها السياسي الهادئ، وهذا ما يسفر بقاء باب دمشق مفتوحا امام أي طارق، ومن يدخل احد أبواب دمشق السبعة، لن يرد، بل سيجد له مقعدا يجلس عليه، فالطريق العربي الذي فتحته دمشق بانتصارات جيشها، بات يشكل بداية النهاية للسنين العجاف التي عاشتها البلاد.

إن تراجع الامارات عن المكابرة، جعلها تمشي بطريق الزامي، نهايته القصر الرئاسي السوري، وفق رزنامة حددتها مصالح دمشق، وبتوقيت سيجعل المنطقة تضبط على وقع ساعات انتصار محور المقاومة، وسينعكس إيجابا على باقي الدول، وهذه مقدمة ستؤسس لفصول الحكاية الجديدة من الإنجازات، وهذه المرة على الصعيد السياسي والاقتصادي.

المصدر: العالم

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com