العطاس وتزييف الحقائق.. الأسباب والدوافع..!
بقلم/ سمير المسني
تابعت اللقاء الذي أجرته قناة العربية مع رئيس الوزراء الأسبق (حيدر العطاس) تلك الشخصية المعروف عنها عدم اتزانها الفكري والسياسي خلال حقبة النظام الشمولي في الجنوب لذلك لم يكن مستغرباً ذلك التخبط في الطرح وتزييف الحقائق التاريخية التي مر بها شعبنا خلال منعطفات خطيرة ومؤلمة في ذاكرة الجنوب.
ولن أخوض في تحليل كل ما جاء في تلك المقابلة الهزيلة والتي بدأ فيها “العطاس” مرتبكاً وكأنه مقيد باملاءات محددة لا يجب الخروج عن سياقها حيث ظهر وكأنه دمية يحركها مقدم البرنامج في القناة ؛ لذلك سوف أتناول في مقالي هذا حديث “العطاس” عن الفترة التي سبقت أحداث 13 يناير 86 م وما بعدها.
بداية علينا أن نتسائل لماذا هذا التوقيت تحديداً في تناول أحداث 13 يناير المشؤومة وماهو السر في إطلاق تلك التصريحات التي أدلى بها
“العطاس” وبهذه الصورة؛ في الوقت الذي يتطلب منا جميعاً طي هذه الصفحة وتجاوزها والتوجه نحو مصالحة حقيقية وإيجاد أرضية صلبة لاصطفاف جنوبي يعزز من قدرتنا على مواجهة جملة من المشاكل والصعوبات التي تعيق نضالنا المشروع ضد صلف وعنجهية المحتلين الجدد لبلدنا..
وذلك من خلال مصفوفة متكاملة من الأفكار والرؤى السياسية وإيجاد معالجات فكرية لوضعنا الراهن بالاستناد إلى الثوابت والسيادة الوطنية بدلا من محاولات شق الصف والوحدة الوطنية وأحداث فجوة وانحراف وعي بين أوساط شعبنا في الداخل.
وأؤكد هنا بأنني لن أقف مدافعا عن بعض الشخصيات القيادية التي ادخلتنا في أتون صراعات عبثية باطنها الفكر المناطقي وتحت رداء الايدلوجيه ؛ فالمتتبع لمجمل الصراعات الداخلية منذ الإستقلال الناجز في الثلاثين من نوفمبر 1967 م وحتى الآن.. “بين الرفاق ” يدرك تماماً حقيقة الخلافات التي احتدمت فيما بيننا كجنوبيين و التي استندت على الفكر المناطقي وتم تصويرها وكأنها خلافات حول الفكر والايدلوجيه السياسيه ؛
ولو أردنا التدليل على كلامنا هذا فهناك جملة من الممارسات التي تؤكد مصداقية طرحنا ولكني اكتفي بمثالين فقط عن تلك الخروقات في تطبيق النظام الداخلي للحزب الاشتراكي للتأكيد على أن تلك الخلافات لم تكن خلافات فكرية تستند على المفهوم الايدلوجي وإنما استندت على الأهواء وعلى معايير شخصية ؛
وللاستدلال على ما نقول وبالرجوع إلى أحد أهم البنود المتعلقة بالعضوية في إطار الحزب تتضمن عدم السماح للعضو بإعادة ترشيحه في العضوية في حالة طرده من الحزب بسبب مخالفته للقوانين النافذة آنذاك ؛
ولكن تم خرق هذا البند عندما تعلق الأمر “بالبيض” الذي خالف قانون الأسرة والذي كان معمول به في تلك الفترة “من خلال زواجه بأكثر من زوجه واحدة” وتم تجاوز ذلك البند ليعود “البيض” مرة أخرى لعضوية المكتب السياسي للحزب وذلك قبل المؤتمر العام الثالث للحزب؛ والأمر الآخر هو استحداث منصب الأمين العام المساعد للحزب خلافاً للنصوص الواضحة في أدبيات ووثائق الحزب الاشتراكي اليمني.
كل تلك المخالفات توضح لنا وبما لايدع مجالاً للشك بأن صراعاتنا كانت مناطقية وبغرض الوصول لكرسي السلطة عبر الاحتكام للنزعات الفردية والمناطقية.
ما دفعني لكتابة مقالي هذا هو طرح “العطاس” وتسويقه لنظرية “لا توجد إلا في مخيلته” مفادها بأن اغتيال الشهيد “فتاح” قد تم بتوجيه من “البيض” وذلك لغرض الاستحواذ على السلطة”..
ذلك الطرح الذي لا يستند على أي وقائع تؤكد مصداقيته ” ؛ والشق الآخر تمحور حول النقاش حول حقيقة اغتيال الشهيد “صالح مصلح” مرة يصور لنا أن الشهيد “صالح” كان يقف مع أحد طرفي الصراع “الطغمة والزمرة” و حيناً يصرح بعكس ذلك.
إن ركاكة الأطروحات التي تقدم بها ” العطاس” لن تقودنا إلى شئ سوى إرباك المشهد السياسي وأحداث شرخ في نسيجنا المجتمعي وإبراز خلافات سوف تقودنا إلى دوامة فكرية بدلا من تجاوز تلك المرحلة المؤلمة في تاريخ شعبنا.
في الأخير نرجو من تلك القيادات أن تحترم عقولنا وان تقوم بتحليل الوقائع والأحداث بأسلوب ممنهج وصادق وبعيداً عن تزييف الحقائق والخضوع لاملاءات خارجية الغرض منها تشتيت الوعي والفكر وتعميق الصراعات والخلافات بيننا كجنوبيين تنفيذاً لأجندات قوى خارجية معروفة بعدائها لليمن واليمنيين.
سمير المسني:
– المعاون لشؤون المحافظات الجنوبية في مكتب مستشار رئيس الجمهورية والمجلس السياسي الأعلى
– عضو المكتب التنفيذي لملتقى التصالح والتسامح الجنوبي