الأسباب والدوافع الحقيقية لمجمل الأوضاع في المحافظات الجنوبية المحتلة..!

1٬609

بقلم/سمير المسني

إنهيار إقتصادي وتراجع مخيف لسعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الصعبة وانفلات أمني غير مسبوق وتردي خطير في كل مجالات الحياة في المحافظات الجنوبية المحتلة؛

عبارات مكررة أصبحنا نتداولها على الدوام ولكن بالرغم من دقة وصحة تلك الأخبار والعبارات عما يدور هناك إلا أنه أصبح لزاماً علينا أن نتوقف قليلاً ونعود بعقارب الزمن إلى الوراء وتحديداً إلى ما قبل 22 مايو 1990م ونتسائل عن الأسباب الحقيقية التي أوصلتنا كجنوبيين إلى هذا المستوى وإلى هذه الأوضاع المتدنية مجتمعياً واقتصادياً وفكرياً.

بإعتقادي أن المنعطفات التاريخية التي مررنا بها تحديداً بعد 30 نوفمبر 1967م (يوم الاستقلال) وما بعدها كانت هي الأساس في تشكيل الوعي المجتمعي والفكري بالرغم من الانغلاق السياسي والقيود الإقتصادية وذلك بسبب (المركزية) في التعاطي مع كافة إشكاليات الأوضاع (إقتصادية كانت أو سياسية)..

وأصبحنا مجرد أدوات في إطار مصفوفة الفكر السياسي والاقتصادي الإشتراكي والذي كان يفتقر إلى أبسط مقومات تلك المنهجية (لا وسائل ولا أدوات إنتاج) وأصبحت المزايدات الفكرية الخاطئة هي المحور الأساسي في توجيه المجتمع آنذاك.

وبسبب ذلك الإنحراف الفكري لقيادة لم تستوعب طبيعة تلك الأنماط السلوكية للمجتمع في ذلك الوقت (بالرغم من وطنيتها وعدم إرتهانها لأجندات خارجية) إلا أن ذلك الإنحراف قادنا إلى منعطفات تاريخية أكثر سوءاً ودخلنا في صراعات دموية جوهرها المناطقية ولكن تحت رداء الأيديولوجية..

وكانت آخر تلك الصراعات هي أحداث 13 يناير 1986م وما تلاها حتى وصلنا إلى يوم ال22 من مايو 1990م (يوم الوحدة اليمنية).

بدايةً أؤكد أن الوحدة اليمنية كانت وسوف تظل مطلباً شعبياً (شمالاً وجنوباً) وكانت الجماهير في المحافظات الجنوبية المحتلة هي السباقة في مباركة هذا الحدث الكبير في حياة شعبنا اليمني، ولكن للأسف كانت هناك أجندات ومخططات أخرى لدى النظام العفاشي السابق ليست لها علاقة بمفهوم الوحدة الوطنية وإنما تركزت أهداف ذلك النظام في السيطرة على ثروات ومقدرات الجنوب وتنفيذاً لأجندات وإملاءات خارجية.

وتكشفت تلك الأهداف والمخططات من خلال جملة من الممارسات أولها كان حرف مسار التوجه الوطني ومنهجية الفكر ومن خلال شراء الذمم وآخرها إستخدام القوة وتنفيذ حملة إغتيالات طالت العديد من القيادات والكوادر الجنوبية وصولاً إلى حرب صيف 1994م.

واعتباراً من هذا التاريخ بدأت بوصلة الفكر الوطني المجتمعي (في المحافظات الجنوبية المحتلة) تسير في اتجاه معاكس للثوابت الوطنية اليمنية وهنا بالذات بدأت المجاميع التكفيرية مدعومة بقوى خارجية بإستغلال ذلك الوضع وجر الجماهير إلى مربع الصف المعادي للوحدة مستندة في ذلك إلى تبعات ما أفرزته تلك الأساليب الممنهجة للنظام العفاشي السابق.

وتزداد الأوضاع سوءً يوماً بعد يوم حتى وصلنا إلى 2007م وبداية تشكل قوى سياسية في الجنوب (سميت بعد ذلك بقوى الحراك) التي كانت سقف مطالبها لا يتعدى المواطنة المتساوية وحرية التعبير وإعادة الممتلكات الشخصية والعامة التي تم نهبها آنداك من قبل نظام علي عبدالله صالح، ولكن بسبب عنجهية وصلف النظام السابق والذي تجاهل تماماً إرادة وفكر الجماهير هناك الأمر الذي أدى إلى رفع سقف المطالب والتوجه نحو المطالبة بالإنفصال والتمسك به حتى الآن.

كل تلك الإفرازات للواقع المفروض على أبناء المحافظات الجنوبية المحتلة دفعهم للجوء إلى حلول أكثر وعورة من خلال التمسك بقيادات عميلة ومرتهنة بالكامل للأجندات الخارجية، تلك الأجندات التي تم رسمها في مطابخ قوى العدوان والاحتلال الإماراتي السعودي لتغييب الوعي لتلك المحافظات من جهة وتمرير مخططاته من جهة أخرى.

وأود أن أشير في نهاية مقالي إلى جزئية مهمة وهي بأنني لا أبرر البتة في هذا المقال لأبناء المحافظات الجنوبية المحتلة وبنفس الوقت لا أحملهم تبعات سياسة نظام عفاشي إستطاع وبحرفية متقنة أن يغير من المفهوم الوطني لأبناء الجنوب، ولكنها حقيقة ثابتة يجب علينا أن نعمل كقيادات جنوبية على تغييرها وإعادة الجماهير إلى جادة الصواب من خلال العمل على إيجاد أرضية صلبة لإصطفاف جنوبي لمواجهة كل تلك المخططات وإفشالها وطرد المحتلين الجدد (الإمارات والسعودية ) واذنابهم وفق منهجية وطنية تستند على السيادة الوطنية .

 

سمير المسني:
– المعاون لشؤون المحافظات الجنوبية المحتلة في مكتب مستشار رئيس الجمهورية والمجلس السياسي الأعلى.
– عضو المكتب التنفيذي لملتقى التصالح والتسامح الجنوبي

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com