إعادة الإعمار بين الإذلال والإستقلال..!

677

بقلم المستشار/ أكرم أبو منصر

التدخل الأمريكي العسكري في أوروبا نهاية الحرب العالمية جاءت بعد أن تورط الألمان وحلفائها بنكش عش الدبابير “روسيا وظروفها البيئية القاسية”.. ودخول الروس في الحرب غيرت من موازين الأمور، ولم تأتِ أمريكا، إلا مع انهاك الروس للجيش الألماني، لتحقق انتصاراً عسكرياً.

وإبان الحرب قامت أمريكا بالمساعدة في “إعادة إعمار أوروبا” بمشروع اقتصادي “مشروع مارشال”. وهذا هو محور التغيير من حينها؛ إذ أصبح مشروع مارشال لإعادة الإعمار ضمناً مشروعَ إعادة صناعة القرار الأوروبي.

المقصود مما سبق، هو أن مشاريع إعادة الإعمار من طرف او أطراف معينة يجعلها مشاريع استعمارية بطريقة حديثة؛ وذاك بالتحكم بصناعة القرار على المستوى الداخلي والخارجي لمن سيُعاد إعمار بلاده.

إلاّ أن بالإمكان إقرار مشروع إعادة إعمار بطريقة لا تؤثر على القرار الداخلي والخارجي وذلك عبر مقدرة الدولة المتضررة من الحرب إثبات تورط الدول الخارجية المساهمة في تدمير بُناها التحتية الإنسانية والمادية؛ المدنية والعسكرية.

بحيث ينبني على هذا الاثبات فرضٌ دوليٌ عبر الأمم المتحدة على الدول المشاركة في العدوان على ذلك البلد بتقديم تعويضات يُخصص جزء منها لإعادة الإعمار، وفي ذات الوقت لا يتم فرض دولي على الدولة المستهدفة دون الدول المشاركة في التدمير لتلك الدولة.

فالفرض الدولي على الدولة المستضعفة قد يُراد منه الوصول إلى اتفاق يُنهي مبدأ “التعويض لما تم تدميره”. وذلك عبر شرعنة تدخل الدول المشاركة في العدوان واخلاء مسئوليتها تبعاً لبنود الاتفاق والذي يتأتى على شكل يُعطي للصراع بُعداً داخليا فقط؛ وتكون بنوده الاساسية تشكيل حكومة وفاق تعود في تشكيلتها نفس الشخصيات التي في المقام الأول شرعنت “عبر السلطة التي في يدها” التدخل الخارجي على بلادها.

فالاتفاق على شرعية تلك الشخصيات هو اسهام في شرعنة قرارها بتدخل دول خارجية، وبذلك ينتفي عنها صفة “عدوان”، وبالتالي لا إمكانية بمطالباتها بالتعويضات، وان لم تقدم تعويضاً فهي ستقدم دعماً يُشبه مشروع مارشال في اهدافه “إعادة إعمار وإدارة قرار”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com