كيف تطور الصراف الآلي على مدى أكثر من نصف قرن؟

2٬306

أبين اليوم – أخبار

 في27 من يونيو  قبل 54 عاماً، قام الممثل البريطاني ريغ فارني بأول عملية سحب نقدي من ماكينة صراف آلي (ATM) تابعة لبنك باركليز في إنفيلد شمال لندن. كانت أول ماكينة صرف آلي للنقد في العالم، وفي ذلك الوقت يوم 27 يونيو (حزيران) 1967 كانت هناك ست ماكينات مماثلة في بريطانيا هي الأولى في العالم أيضاً. وفي غضون 50 عاماً، تضاعف هذا العدد في البلاد أكثر من 10 آلاف مرة، ليبلغ 70 ألف ماكينة حتى عام 2016، صرف في ذلك العام وحده ما يقارب ربع تريليون دولار (نحو 175 مليار جنيه إسترليني).

ورغم تقدير شركة الأبحاث والاستشارات البريطانية “آر بي آر” أن عدد ماكينات الصرف الآلي حول العالم سيأخذ في التراجع، فإن عام وباء كورونا، وإجراءات الإغلاق العام الماضي 2020 زادت من أهميتها وحاجة البشرية لاستخدامها. ويوجد في العالم الآن ما بين 3.5 و4 ملايين ماكينة صراف آلي، أغلبها يتركز في عدد قليل من الدول بسبب كثافتها السكانية. لكن انتشار الصراف الآلي قياساً على عدد الماكينات المتوفرة لكل 100 ألف من السكان أكبر في أميركا الشمالية وأوروبا ودول الشرق الأوسط.

يوجد أكثر من نصف ماكينات الصراف الآلي في العالم في 5 دول هي “الصين، والولايات المتحدة، واليابان، والبرازيل، والهند”. وقدر تقرير لشركة “آر بي آر” بعنوان “سوق ماكينات الصراف الآلي العالمي وتوقعاته” أن تتراجع أعدادها في تلك الدول الخمس بحلول عام 2024 مع زيادة كفاءة مشاركة أنظمة الصراف الآلي بين البنوك وبالتالي الحاجة لعدد أقل من المنافذ، إضافة إلى التوسع في المعاملات المالية الرقمية التي لا تحتاج إلى النقد. لكن ذلك التقرير، الذي صدر قبل أزمة وباء كورونا مباشرة، لم يأخذ في الاعتبار ما حدث العام الماضي من الإقبال على استخدام الصراف الآلي في ظل إغلاق البنوك أو تقييد عمل فروعها بشدة. ولا يقتصر الاستخدام على سحب النقد فقط لاستخدامه في المدفوعات النقدية، وإنما أيضاً القيام بعمليات مصرفية كثيرة أصبحت متاحة الآن عبره.

تطور الصراف الآلي

تعود فكرة الصراف الآلي إلى المخترع الاسكتلندي جون شيبرد-براون الذي فكر في أنه إذا كانت هناك ماكينات آلية لبيع الأطعمة الخفيفة المعبأة والمشروبات، فلماذا لا تكون هناك ماكينات لصرف النقد من دون الحاجة للوقوف على شباك الصراف في فرع البنك؟

وبهذه الطريقة يمكن للمؤسسات المصرفية توفير العمالة وعدد الفروع ويمكن للمستهلك أيضاً توفير الوقت في الوقوف في طوابير أمام شباك الصرافين بالفروع. إضافة إلى عامل مهم، وهو أن بإمكان المستهلك سحب النقد الذي يحتاجه في أي وقت من النهار أو الليل من دون تقيد بمواعيد فتح وغلق فروع البنوك.

في البداية، كانت عمليات الصراف الآلي تقتصر على صرف النقود. ويقوم البنك بملء خزينة الماكينة بالنقد دورياً. وكان سقف الصرف للفرد محدوداً جداً. ومع التوسع من قبل البنوك، واعتياد الناس عليه تطور على مدى أكثر من نصف قرن. بخاصة أن الجمهور في البداية كان متردداً في استخدامه، ويرى أن الأكثر أماناً التعامل مع الصراف الموظف في فرع البنك.

مع تطور استخدام الرقم السري للمعاملات، الذي اخترعه المهندس، الاسكتلندي أيضاً، جيمس غودفيلو عام 1970، تطور الصراف الآلي ليصبح هناك ماكينة أيضاً لإيداع النقد قبل نهاية القرن الماضي. وفي بداية الألفية الحالية أصبح الصراف الآلي يقوم بعمليات الصرف والإيداع، للنقد والشيكات.

كما تطور الصراف الآلي ليصبح بإمكانه صرف النقد من نظيره الذي يودع فيه، في عملية “تدوير للنقد” تخفف على البنوك الحاجة للملء الدوري لخزينة الصراف. وهكذا أصبح متاحاً لعملاء البنوك عمليات مصرفية كثيرة عبر الصراف الآلي، من الكشف عن الحساب إلى السحب والإيداع وحتى التحويل في بعض الماكينات.
في عام 2012 تم تطوير الصراف الآلي التفاعلي، وأصبح ممكناً لعملاء البنوك التواصل مع مركز اتصال للبنك عبره لإجراء معاملات أكثر من السحب والإيداع والكشف عن الحساب.
وما بين 2012 و2015 تطور الصراف الآلي بالفيديو في أماكن مختلفة في العالم بحيث يمكن للمستخدم أن يتلقى المساعدة من موظف البنك عبر شاشة فيديو. وبعد 2015، ومع تطور الهواتف الذكية، أصبحت هناك ماكينات الصراف الآلي التفاعلية التي تعمل شاشاتها باللمس مثل شاشات الهواتف الذكية.

مستقبل الصراف الآلي

والآن تستخدم ماكينات الصراف الآلي التفاعلية على نطاق واسع في الولايات المتحدة وكندا ودول الشرق الأوسط، أكثر من أي منطقة أخرى في العالم. وبحسب تقديرات شركة “أن سي آر”، أكبر منتج لماكينات الصراف الآلي في العالم إذ تستحوذ على نحو 70 في المئة من سوقها، يتوقع أن يزيد عدد الماكينات بنسبة 25 في المئة بحلول عام 2025.

ويرى بعض المعلقين أن التوسع في عمليات الدفع والتحويل والمبادلات المالية الرقمية ربما يجعل الحاجة لماكينات الصرف الآلي تتراجع. إلا أن كل البنوك المركزية التي تعمل على إصدار عملات وطنية رقمية رسمية تؤكد أنها لن تكون بديلاً عن النقد، وإنما ستستخدم جنباً إلى جنب مع النقد المطبوع والمصكوك.

وسيظل هناك الملايين في العالم الذين لن يتخلوا عن استخدام النقد في تعاملاتهم اليومية، وبالتالي سيحتاجون إلى ماكينات الصراف الآلي. كما أن البنوك والمؤسسات المالية تواصل تطوير تلك الماكينات، حتى أنه، أخيراً، ومع ظهور العملات المشفرة للعلن أصبحت هناك ماكينات صراف آلي للمشفرات مثل “بيتكوين”.

هناك، بحسب تقديرات منتجي ماكينات الصراف الآلي، مجال للتوسع في استخدامه بمناطق كثيرة من العالم لم تنتشر فيها بعد. وبحسب تقديرات البنك الدولي وبيانات وأرقام صندوق النقد الدولي هناك مناطق كثيرة في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية لا يصل عدد ماكينات الصراف الآلي لكل 100 ألف من السكان البالغين إلى 25 ماكينة. وحتى في أغلب الدول التي تنتشر بها فإن متوسط عددها لكل 100 ألف لا يزيد على 50 إلا باستثناءات قليلة جداً.

المصدر : الاندبندنت العربية

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com